تلاعبنا اميركا. تلعب بنا. اي لحظة داروينية حولتنا من كائنات بشرية الى دمى دموية؟ هل يمكن لحجارة الشطرنج ان تكون حمقاء، صماء، الى هذا الحد؟
نعلم تماما ما هو دور دنيس روس داخل اللوبي اليهودي. هو الثعبان الديبلوماسي الذي يتسلل من ادارة الى ادارة اخرى، ومن موقع الى موقع. هكذا وصفه جورج بول، الديبلوماسي المستعرب البارز، وقال «تقيأ هنري كيسنجر فكان...دنيس روس».
الرجل المثقل بنصوص التوراة، وبماورائيات التوراة،والذي كان يضع نجمة داود في مكتبه في وزارة الخارجية، يتقن استخدام التوريات اللغوية والديبلوماسية على السواء. يكاد يتفوه بهذه العبارة «مؤتمر حول الشرق الاوسط في...اورشليم».
ولكن اي خارطة للشرق الاوسط يطرح دنيس روس. هو من اتباع زئيف جابوتنسكي الذي دعا في عام 1923، وتلقف ذلك تلميذه والد بنيامين نتنياهو، الى تفتيت المنطقة طائفيا واتنيا...
الديبلوماسي الاميركي (اليهودي)المخضرم لا يتوقع، قطعا ان تبقى خارطة سايكس - بيكو على ما كانت عليه، باعتبار ان دول المنطقة قامت على معادلات، او على مصالح، او على صفقات، او على تسويات، معينة آلت الى الزوال بفعل الانقلابات الدراماتيكية التي حصلت إن في لعبة المصالح او في لعبة التوازنات...
لا ينفي الدور الاسرائيلي في خلخلة الخارطة، وفي ادارة الصراعات في المنطقة، لا بل انه يعتبر ذلك جزءا لا يتجزأ من حرب البقاء التي خاضها اليهود ليس فقط منذ وعد بلفور في عام 1917 بل ومنذ مؤتمر بال برئاسة تيودور هرتزل في عام 1897.
في نظره ان الدول التي اقامتها اتفاقية سايكس -بيكو عام 1916 انما هي دول عشوائية، وقبلية، وتوتاليتارية، ولم تكن قط بالمستوى الذي يمكنها من ان تستوعب ان اسرائيل ظاهرة حضارية، وظاهرة فذة، في المنطقة، ويمكن للتفاعل معها (بدل القتال ضدها)، ان ينتج مجتمعات قابلة للدخول في لعبة الازمنة...
بالتالي، اي تسوية في الوقت الحاضر، إن للازمة السورية، او للازمة العراقية، وحتى للازمة اليمنية(ماذا عن الازمة اللبنانية؟)، لا يمكن ان تتحقق الا بالتسوية الكبرى بين العرب واسرائيل. لم يقل مثلما قال هنري كيسنجر» التسوية بين نصف الله و النصف الآخر».
في نظره ان الصراعات الراهنة، وسواء كانت ايديولوجية ام جيوسياسية، هي صراعات عبثية. الايرانيون والاتراك ضالعون في «لعبة الهباء»، ليسأل ما اذا كان هؤلاء بحاجة الى مساحات جغرافية اضافية تكريسا للهاجس الامبراطوري الذي لا مكان له في زمننا، ام هم بحاجة الى تفعيل البنى الحديثة للدولة، بدءا من القيم السياسية وانتهاء بالقيم التكنولوجية...
العودة الى دنيس روس ضرورية بين الحين والاخر لمعرفة ما يجول في رؤوس حاخامات الايباك، وايضا حاخامات الادارات الاميركية. ولكن اين العرب في كل هذا؟
لنلاحظ كيف يخاطب رجب طيب اردوغان حيدر العبادي «الزم حدودك»، «انت دون مستواي»، «لست انت الذي تقرر ما اذا كانت القوات التركية ستبقى في العراق ام لا».
الغطرسة العثمانية اياها. لا حدود للفظاظة مع العرب. اردوغان هو الذي يقرر مصير العراق، وانطلاقا من معركة الموصل التي هي نقطة النهاية لتلك الدولة التي تدعى العراق، ولكن الا تقول انقرة لماذا لا يعترض العبادي على الاختراق الايراني للمرجعيات السياسية، والعسكرية، والدينية في العراق؟
لا احد يمكنه اغفال الدور الايراني في العراق، وحيث اطلال ايوان كسرى لا تزال على مقربة من بغداد، وهو دور لا يمكن ان يساهم في بناء العراق الموحد، والقوي، بامكاناته البشرية وبموارده الطبيعية...
ولكن هل يعني هذا اعطاء الضوء الاخضر لاردوغان الذي مزق الشعب التركي اربا اربا (وبما تعنيه الكلمة) بأن يمزق الشعب العراقي طائفيا، وهو الامر الذي يفعله الايرانيون . الاشد هولا الامر الذي يفعله بعض العرب، كما لو اننا لسنا جميعا ذاهبون الى الهاوية، حتى ولو كانت وجهتنا «اورشليم العزيزة» كما يقول روس وبالحرف الواحد...
المنطق العربي الراهن، والقاتل، ودائما من مدينة الموصل: ايران العدوة وتركيا الشقيقة. ماذا عن اسرائيل. سلاما...حجارة الشطرنج!
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News