فوز عون لا يعني بالضرورة فوز "حزب الله"

مع انتخاب رئيس الجمهورية الجنرال ميشال عون ظهرت تساؤلات ومخاوف على الساحة الخليجية. فعلى سبيل المثال ففي تغريدة للكاتب الدكتور ظافر العجمي يقول فيها فاز: "عون ابن حزب الله" . ولكن اظن ان هذه المخاوف مبالغ فيها ففوز عون لا يعني فوز حزب الله وان كان عون هو مرشح الحزب.

على المتخوفين اولاً قراءة نوع التحالف قبل وضع الاحكام ونسج التصورات. فحلف "حزب الله" مع عون هو حلف براغماتيكي سياسي وليس حلفاً عقائدياً فولاء عون كولاء معظم اللبنانيين هو للبنان وليس لولاية الفقيه.

فلا يمكن لعون بأي شكل ان ينفذ او يساهم في تنفيذ مشروع ايران للمنطقة القاضي بتصدير الثورة. والآن بعد أن وصل الى سدة الرئاسة فعون هو رئيس كل اللبناننين وقد انتخب بتوافق لبناني داخلي وهو لا يمكن ان يتصرف الا على هذا الاساس فهو يمثل كل اللبنانيين وليس فئة معينة. ولما ايد ترشيحه كل من الحريري وجعجع لو كان لديهم اي شك بأن وصول عون لسدة الرئاسة سيعني ذلك تفعيل المشروع الايراني في لبنان. وقد بدا في خطابه الرئاسي الرصانة والتوازن وعدم الانحياز وهذا بالضبط ما يحتاجه لبنان لينعم بالاستقرار.

والمتخوفون من رئاسة عون عليهم ان ينظروا الى الخيار الآخر وهو عدم وجود رئيس مما يعني عدم وجود دولة فـ"حزب الله" هو اكثر قوة ونفوذاً في غياب الدولة. فالمستفيد الأول من عدم وجود الدولة هو حزب الله الذي يتصرف كدولة مستقلة داخل لبنان.

ولكن الفترة المقبلة هي فترة اختبار لحكمة الاطراف المختلفة بما فيها الرئيس المنتخب. فمن المتوقع ان يواجه عون ضغوطات قوية من حزب الله الذين سيطلبون مزيداً من النفوذ لقاء دعمهم له للوصول الى كرسي الرئاسة ولذلك هنا على بقية الاطراف اللبنانية كما على الخليج مد يد العون للرئيس عون حتى يستطيع ان يواجه تلك الضغوطات وحتى يستطيع ان يثبت الاستقرار في لبنان.

واستقرار لبنان يصب مباشرة في مصلحة الخليج. والخليج يفهم جيداً أهمية أن تكون الدولة قوية في لبنان ولذلك فاليوم المطلوب دعم عون وليس محاولة اضعافه. فإضعافه داخلياً أو عزله عربياً ودولياً سيدفعه للاحتماء بحليفه ما قبل الرئاسة مما سيقوي من شوكة "حزب الله" داخلياً. السياسة السليمة تقتضي بالتعاون معه لانه هو اليوم من يتبوأ سدة الرئاسة وذلك للنهوض بلبنان ولانتهاج سياسة وطنية شاملة. وقد لا يكون عون مرشح الخليج المفضل ولكن في النهاية السياسة هي فن الممكن.