مختارات

السبت 26 تشرين الثاني 2016 - 06:36 الديار

إنفلونزا القبور

إنفلونزا القبور

سواء انتخب رئىس الجمهورية، بالظروف الشكسبيرية اياها، ام تم تشكيل الحكومة بطريقة «ذات ليل». هذا كله لا يحجب الحقيقة الصاعقة، وهي ان النظام (وأهل النظام بطبيعة الحال) في أزمة.

لعلكم شاهدتم «جوراسيك بارك» لستيفن سبيلبرغ. هذا ما نعيشه الآن، كيف تتحرك الديناصورات، كيف تتصارع، وكيف تصرع كل من حولها قبل ان تصرع بعضها البعض. هي، اذاً، جدلية الانقراض.

هؤلاء الذين أناط بهم اتفاق الطائف، بنصوصه العجيبة او الهجينة، مسؤولية اعادة تشكيلنا بعدما عشنا الغرنيكا، بكل اهوالها على مدى عقدين تقريباً، فاذا بهم يحولوننا الى شعوب تبتعد اكثر فأكثر عن بعضها البعض، ولا تبيد بعضها البعض لان من مصلحة الآخرين ان تبقى كدمى تكتيكية على رقعة الشطرنج.

لكل شعب ديكتاتوره الخاص الذي يستخدم الله او السيد المسيح او من هم ادنى منهما رتبة في هيكلية الغيب من اجل تعليب الناس. تالياً من اجل تسويق ثقافة القطيع.
لاحظوا كيف يحصل التقاتل على الحقائب، بل على المغاور. هل سمعتم أحداً يقول انه يريد حقيبة ما من اجل خدمة الجمهور؟ قطعاً لا. باستثناء القلة القليلة، الحقائب «الحلوب» للأزلام الذين ترعوعوا على يدي علي بابا ويتقنون لعبة المغاور.

القلة القليلة أيضاً هي التي تستعين بالادمغة، وبالاوادم. يا اصحاب الجلل والجلالة لقد ضقنا ذرعاً بالوجوه، الوجوه المحنطة، التي استخرجت للتو من قبور الفراعنة او من خوابي (ونواويس) الفينقيين.

حتى الذين يزوروننا انما يزوروننا من اجل تلك الفانتازيا اللبنانية الرثة. السياسة عندنا تمارس على طريقة الليدي غاغا. لماذا تلاحقون، اذاً، ميريام كلينك، حين تظهر، بكل مفاتنها الجيوستراتيجية، على الشاشات او على صفحات الفايسبوك؟

على الأقل السيدة ميريام تقول «هذا أنا»، لا أقنعة، حتى ولا ملابس (هل لاحظتم شفافيتها ولغتها البدائية؟)، كيف يمكن للصفقات، ودائماً على ظهر تلك الجمهورية (ودائماً... جوراسك بارك)، ان تعقد تحن جنح النهار لا تحت جنح الظلام.

لا يساورنا الشك في ان فخامة الجنرال يريد ان يترك أثراً، وهو الذي كان يتقاسم وجوده علبة السردين. مثل كل اللبنانيين ينتمي الى ثقافة الفلافل لا الى ثقافة الكافيار، منذ الساعة الاولى لوصوله الى القصر، لعله سأل نفسه كيف تدار تلك الادغال...

تدار، يا صاحب الفخامة، بالصوت العالي. ان تخاطب اللبنانيين كل ثلاثة اشهر وتقول لهم ماذا حققت، وما لم تستطيع ان تحققه، وان تتجاوز «حقوق المسيحيين» الى حقوق اللبنانيين الذين يفترض ان يتحرروا من «انفلونزا القبور» لأن المضي في تلك الاوديسه المذهبية يعني ان جمهورية جهنم باقية، وان مصيرنا لن يكون افضل من مصير السوريين والعراقيين، إما في المقابر أو في المهاجر أو في المخيمات.

ذاك نظام يعاني من ترقق العظام (وترقق العظماء)، هزة وينكسر، المشكلة انه، وكما اي نظام عربي آخر، ان سقط سقطت معه الجمهورية، فهل تكون الخطوة الاولى نحو الخلاص بقانون انتخاب لا يعيد انتاج السلطة فحسب بل ويعيد انتاج الناس الذين طالما ماتت اصواتهم في صناديق الاقتراع.

بالصوت العالي يستطيع الجنرال، وبمنأى عن ناقري الدفوف (وراقصي هز البطن) الذين تحلقوا حوله في اللحظة الأخيرة، ان يفرض قانون انتخاب على مقاس أهل الجمهورية لا على مقاس اهل النظام.

هذا هو رهاننا، والا فالمقابر، المهاجر، المخيمات، بانتظارنا!

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة