مختارات

الثلاثاء 29 تشرين الثاني 2016 - 08:01 الديار

المسيحيّون

المسيحيّون

بكل النوايا السيئة (وهي ضرورية)، حتماً بكل ارتياب، قرىء الكلام القائل بأن «تركيبة جديدة في البلد بدأت تتكون من تيار المستقبل والتيار الوطني الحر و«القوات اللبنانية» مع التمني ان يكون الرئيس نبيه بري القطب الرابع ضمن هذه التركيبة».

هذا استدعى اتصالاً فورياً بين قيادتين حساستين جداً للتثبت من صحة الكلام. كان هناك نفي قاطع من احدى القيادتين، والى حد وصف ما قيل بأنه اشبه ما يكون ببالون اختبار، دون ان يكون هناك من اساس للتركيبة اياها ان في الخيال الانتخابي او في الخيال السياسي.

النفي لا يعني عدم وجود قوى تعمل بكل امكاناتها، في هذا الاتجاه، ان بدافع احياء حركة 14 آذار بعدما قضت نحبها، ووريت الثرى، او لاعتقادها ان الديناميكية الاقليمية والتي ظهرت اخيراً انما تتوخى ارساء تلك الثلاثية وبدعم سياسي ومالي على السواء...

الذين قرأوا الكلام بدقة، وبتوجس ايضاً، سألوا عن الجدوى من حكومة الوحدة الوطنية، بل وعن الجدوى من الحكومة، اذا كان هدف اطراف اساسية تشكيل نموذج آخر من الاصطفاف القاتل يضع البلاد، ثانية، في مكان ما بين التعثروالانفجار.

ربما فات القائل ان لبنان، ومنذ اتفاق الطائف، يعيش الكوميديا السياسية، وفي احيان كثيرة التراجيديا السياسية، لا اللعبة السياسية، لان الاتفاق اياه كرس تلك الحالة العجيبة، او الهجينة، من الفيديرالية بين الطوائف...

مجلس نواب هو عبارة عن كانتونات طائفية، ومجلس وزراء هو عبارة عن كانتونات طائفية، وحيث الاكثريتين السنية والشيعية تحملان ما تيسر من النواب، وربما الوزراء المسيحيون، وهو ما يظهر في حال كتلة نواب «القوات اللبنانية»، وكتلة نواب الكتائب، وكتلة نواب المردة، وصولاً الى التيار الوطني الحر، مع كل تقديرنا لنائب بلاد جبيل عباس هاشم...

حتى انه عندما يتم البحث في حصة سنية او شيعية لرئيس الجمهورية، تبدو المسألة اقرب الى الممارسة الفولكلورية منها الى الشعار الباهت والمصطنع «بيّ الجميع».
كل ذلك الكلام الفضفاض يبقى على هامش الحالة (والحقيقة) اللبنانية، هناك طوائف القي القبض عليها بالاحاديات وبالثنائيات، كما لاحظ السفير عبد الله بو حبيب، طوائف ميتة سياسياً (ما دامت معلبة الى هذا الحد) حتما... جمهورية ميتة.

اذا اي مفاعيل للتركيبة التي حكي عنها سوى القول لبعض الاقليم الذي هبّ للتهنئة ببدء انتظام العملية السياسية والدستورية في البلاد «اننا جاهزون، يا اوصياءنا الكرام، لعزل «حزب الله» وابقائه في الزاوية ومعه نبيه بري ان لم يستجب لتمنياتنا.

عودة الى السياسات الانفجارية اياها، فيما العالم في ذروة الاضطراب والاقليم في ذروة الاضطراب ودون ان نتنبه الى اشارات من لا يزال معنيا (اخلاقيا على الاقل) ببقائنا حول الترابط العضوي بين الاستقرار السياسي والاستقرار الامني، الاثنان وحدهما يكرسان بقاء لبنان.

وليكن المسيحيون في هذه الحال، ولطالما كانوا النموذج في التفاعل مع ديناميات الحداثة، وفي الانفتاح على الثقافات والحضارات، الاخرى، هم القوة التي تجمع بين السنة والشيعة تحت المظلة اللبنانية، لا الالتحاق بمن يضرمون النيران، النيران الوثنية في هذا المشرق الذي مضى بعيدا في مراقصة العدم...

لقد انهكتنا الاستعادة الجنائزية للتاريخ. تنهكنا اكثر الاستعادة الدونكيشوتية للتاريخ ما دام الزمن (الا في ديارنا) يمشي الى الامام لا الى الوراء...

ما نراهن عليه في التيار الوطني الحر، وفي «القوات اللبنانية» وفي حزب الكتائب، وفي تيار المردة، رؤية بانورامية للبنان، لقد مللنا ثقافة الزوايا، وثقافة الصوامع، كما ثقافة الخنادق، الحياة تستحق ان تكون الحياة. لبنان يستحق ان يكون لبنان.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة