بينما كانت الدماء والأشلاء تنتشر على جدران وأرضية الكنيسة البطرسية العتيقة القابعة داخل حرم الكاتدرائية المرقسية في العباسية حيث المقر البابوي، ويبحث الأهالي عن ذويهم ويجمعون جثامينهم بين صراخ وعويل وصدمة، كان المشهد مختلفاً بالخارج في محيط الكاتدرائية، حيث انتشرت قوات الأمن بكثافة، وتجمهر عشرات من المواطنين الغاضبين من مختلف الأطياف، وصحافيون يتابعون تغطية الحادثة برزت بينهم وجوه معروفة وشهيرة لمذيعين مصريين هرعوا للقيام بعملهم، إلا أن رد فعل الجمهور كان مختلفاً، فبدلاً من أن يلاقيهم بترحاب، كشف عن وجه آخر غير متوقع، رافضاً إياهم، بل بلغ الأمر حد الاعتداء البدني عليهم.
مذيعة قناة «سي بي سي» لميس الحديدي كانت من بين المعتدى عليهم، ما أدى إلى إصابتها بجروح وقذفها بالحجارة وخرجت في حماية بعض المواطنين والأمن، وتكرر الأمر مع مذيع قناة «صدى البلد» الفضائية أحمد موسى، حينما باغته هجوم من بعض الجمهور وقاموا بطرده وطاقمه أثناء التصوير، ما دفعه إلى الاحتماء بإحدى البنايات ليخرج أيضاً محتمياً بالقوات الأمنية.
وسيناريو مشابه حدث مع مذيعة قناة «النهار» ريهام سعيد، التي تعرضت لاعتداء بدني ولفظي وحُطمت كاميرا برنامجها، ليخرجها رجال الأمن بصعوبة من بين قبضة بعض المعتدين. وسط هتافات مناهضة للإعلام من جمهور لم تحدد توجهاته. ولم تكن المرة الأولى التي يتم الاعتداء على مذيعة «النهار»، إذ تعرضت لواقعة طرد مشابهة في مدينة رأس غارب التي دمرتها السيول وخلفت عشرات القتلى في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. في المقابل نجا مذيع قناة «أون تي في» عمرو أديب من المصير ذاته والغضب الهادر لجمهور محتقن، بحضوره مبكراً عقب وقوع الحادث، حيث لم يكن هناك تجمهر أو تظاهرات بعد.
ويطرح طريقة تعامل المتجمهرين التساؤلات حول أسباب ذلك؟ لكنها أيضاً تطلق مؤشراً عن احتقان وسخط حقيقيين تجاه إعلاميين روج عنهم أنهم يتمتعون بشعبية كبيرة بين الجمهور، لكن التلاحم مع الشارع خلال الأحداث العصيبة أثبت خلاف ذلك. وعلى رغم أحقية هؤلاء الإعلاميين في تغطية الأحداث، إلا أن رد فعل المواطنين أثبت أن هناك حالة من الاحتقان تجاه الإعلام قد يبررها البعض بأنهم يرونهم يتاجرون بمصائبهم.
وعلق الإعلامى أحمد موسى عبر برنامجه على الواقعة قائلاً: «أصررت على الذهاب إلى الكنيسة على رغم نصيحة البعض بعدم الذهاب، لكني أستهدف صالح بلدي، ومن حاولوا الاعتداء فئة تستهدف الجميع خلال المناسبات كافة.
وتابع متسائلاً: «هل ذهبتم كي تواسوا أهالي الشهداء أم لغرض في نفوسكم؟ من أنتم؟ وما مصلحتكم؟ أنتم دخلاء على المصريين والكنيسة وتعملون ضد قداسة البابا ونظام الحكم، ولن ترهبوننا. لقد احتضننا المصريون ودفعوا الاعتداء الذي استهدفنا وقاموا بحمايتنا من هؤلاء الذين يعملون ضد الدولة المصرية». وبعدما أكد الخبير الإعلامي ياسر عبدالعزيز، أن «أي اعتداء بدني أو لفظي على شخص هو عمل غير مقبول ولا يخدم حرية الصحافة والإعلام»، ورأى أن بعض الزملاء من الصحافيين والإعلاميين تحولوا إلى جنود في المعركة ولا يكتفون بنقل الأحداث وشرحها وإتاحة الظروف الملائمة للجمهور كي يتعرف إليها، بل يتصرفون كجنود في المعارك بدلاً من أن يكونوا ناقلين لما يجري من أحداث ومواقف وتحولوا إلى أصحاب رأي وكما لو كانوا أعضاء في فرق أو جماعات معينة وهذا الأمر يغري المتوترين والمحتقنين لاستهدافهم. فانخراط الصحافي أو الإعلامي في حدث وتمترسه في خندق معين يغري المتوترين، ومن الممكن أن نشهد تكرار لمثل هذه الأحداث بسبب الخلط بين وظيفة الصحافي والجندي. حينما تبدل وضعك ستصبح حتما محل استهداف.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News