مختارات

الخميس 29 كانون الأول 2016 - 07:16 الديار

حزب الله تحوّل الى "ضامنة" لخصومه

حزب الله تحوّل الى "ضامنة" لخصومه

عندما يتحدث الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عن انتصار محور المقاومة في المنطقة، ويعد بالمزيد من الانتصارات، ينطلق من معطيات راسخة في المنطقة وتطورات كانت ابرز تجلياتها السياسية على الساحة اللبنانية، واذا كان الحزب يعرض «شراكة» متوازنة على «خصومه» في السياسة يبقى هؤلاء اسرى «سطوته» الداخلية والاقليمية التي لا يمكن تجاهلها في الواقع العملي..فاين تكمن تلك المعطيات؟ وكيف يبرز شعور هؤلاء بالهزيمة «النفسية» والواقعية»؟

اوساط بارزة في 8آذار، تشير الى ان مقاربة السيد نصرالله تنطلق من معطيات اقليمية ودولية، تؤكد بوضوح ان ما تحقق في انجازات في سوريا، والعراق، واليمن، سيبنى عليه الكثير من النتائج الايجابية لمحور المقاومة، «الورطة» السعودية في اليمن تكبر، العراقيون يمضون بخطوات ثابتة للتخلص من «داعش»، تزامنا اعيد «الاعتبار» للحشد الشعبي الذي شرع قانونا في مجلس النواب، وهذا ما يثير غضب السعوديين القلقين من تعميم هذا النموذج، تركيا في وضع لا تحسد عليه، وترنحها اصاب المحور «المعادي» في الصميم، التعاون مع روسيا يزداد متانة في سوريا والمنطقة، ما تحقق في حلب ستكون له ابعاد استراتيجية...كلها تطورات تجعل من السيد نصرالله واثقا مطمئنا، لانه جزء من «المطبخ» في الاقليم ويعرف جيدا الخطوة التالية بعد الانتصار في حلب...انها ايام قليلة وتبدأ مسارات السياسة والميدان بفرض نفسها لتعيد رسم المنطقة وفق قواعد محور المقاومة..

وما حققه حزب الله على الساحة المحلية يعتبر انجازا موازيا لانتصار حلب بمعادلته الاستراتيجية، وما تحقق هناك عبر بذل الدماء، تحقق هنا بالصبر والحنكة السياسية التي ادت الى انتصار خيار تحقيق الاستقرار بشروط محور المقاومة، بدءا بانتخاب مرشحه الرئاسي، وصولا الى حكومة «التوازن المختل» لصالح حلفائه، وكل ذلك برضى وقبول من «خصومه» في تيار المستقبل، واذا كان احد لا يشكك بمصداقية السيد نصرالله عندما قال ان الحزب سيحارب من اجل «الشراكة» لا السيطرة، فان المشكلة تكمن لدى الطرف الاخر الذي يشعر انه مهزوم نفسيا وواقعيا، ويحاول تمرير الوقت باقل الخسائر الممكنة، وهو رضي «بالشراكة» المعروضة عليه «مجبر اخاك لا بطل»، لانه لا يملك اي خيار آخر، راهنا وفي المدى المنظور.

وفي اولى الدلالات المثيرة للسخرية تقول الاوساط، والدالة على قلة حيلة الفريق الاخر، اعلان وزير الاعلام ملحم الرياشي أن وزراء القوات اللبنانية والوزير ميشال فرعون سجلوا اعتراضاً على الفقرة المتعلقة بحق المواطنين اللبنانيين في المقاومة في البيان الوزاري، معتبرين أن هذا الحق محصور بالدولة؟!..طبعا هو تحفظ يسجل «للتاريخ» فقط لان الجغرافيا، والحاضر، والمستقبل تشير الى امر آخر، فقد «استسلمت» ما تبقى من قوى 14آذار، بعد «نضال» مرير اوصلها الى «حائط مسدود»، وباتت مضطرة للتعايش مع الامر الواقع، بعضها يلوذ بالصمت و«يعض على جرحه»، وقلة تعبر بخجل عن موقفها مع الامل ان لا تفهم تحفظاتها بعيدا عن «حفظ ماء الوجه»، وهو ما تجسده استراتيجية القوات اللبنانية التي تبحث ليل نهار عن وسيلة لمد الجسور مع حزب الله...

وبحسب تلك الاوساط، فان الرئيس الحريري رضي بحكومة تتناقض مع خياراته او طموحاته الاستراتيجية، لانه يدرك انه خسر معركته منذ ان رضي بتسوية انتخاب الجنرال ميشال عون رئيسا، وهو يدرك منذ ذلك اليوم ان معركته لم تعد مع حزب الله، المواجهة حسمت بعد عامين ونصف من العناد، وبعد خسارة الرهان الخارجي المتصل بتحقيق انجاز في سوريا، وبعد انتهاء «حظوته» في المملكة العربية السعودية، ادرك ان عودته الى الحكومة ليست اكثر من «جائزة» ترضية ما كان ليحصل عليها لولا اصرار حزب الله على الشراكة لا السيطرة، وهو بات اكثر تواضعا في اختيار معاركه، لو كان في احسن احواله لما سمح بتمرير البند المتعلق بحق اللبنانيين بتحرير أرضهم عبر المقاومة ومطاردة «التكفيريين» من خلال الاستراتيجية التي وضعها رئيس الجمهورية في خطاب القسم، يطمح في المرحلة المقبلة لاستعادة احادية تمثيل السنة، بعد الترهل الكبير الذي اصاب المنظومة»الزرقاء»، اعداؤه على الساحة السنية بدأوا يتجمعون لمواجهته، اول «الغيث» في مدينة طرابلس، وباقي مناطق الشمال على «الطريق»، الاوضاع في البقاع ليس بأحسن احوالها، وايضا اقليم الخروب، لم يكن قادرا على استبعاد معين المرعبي من «نعمة»الوزارة، هذا الامر اثار «غضب» النائب خالد ضاهر، وستكون هناك اثمان في عكار...

هذه الاثمان ستدفع في قانون الانتخابات ايضا، اذا لم ينجح رئيس الحكومة في اعادة احياء قانون الستين، اي نسبية مهما يكن حجمها تعتبر تهديدا جديا لنفوذ تيار المستقبل، سيسجل لحزب الله انه اعاد، او فرض على الاخرين، اعادة الاعتبار للمناصفة الاسلامية المسيحية في الدولة، وسيسجل للحريري الابن انه المسؤول عن تضييع ارث والده الذي حقق ايام «العز» السطوة والنفوذ لطائفة جعل منها رئيس الحكومة الحالي اقلية ضعيفة على الرغم من انها تمثل «الامة»، لكنه ضيع كل شيء بسبب الحسابات والرهانات الخاطئة. «المدرسة الحريرية» في «غرفة الانعاش» وتحتاج الى اكثر من استلحاق متأخر من قبل الحريري الابن في مجلس النواب لتأكيد تمسكه بمحكمة دولية «سقطت سهوا» قبل ساعات، «وسقطت» «رمزيا» بقبوله تعيين القاضي سليم جريصاتي، «قائد»الحرب الضروس على اسس هذه المحكمة..وهي «سقطت» فعليا منذ امد بعيد ويحتاج الحريري الى مخرج لائق للتخلص منها بعد ان اصبحت عبئا لا يستطيع تحمل وزرها لانه يبحث عن «شراكة» لا تغضب حزب الله الذي تحول الى ضمانة واقعية لا يستطيع تجاهلها.

اما «حالة» النائب وليد جنبلاط فهي ربما الاكثر تعبيرا عن «الواقعية السياسية» التي تخفي وراءها حقيقة الشعور بالهزيمة بحسب الاوساط، لم يكن تسريب شعوره بالارتياح «والاطمئنان» بعد زيارة المستشار السياسي للسيد نصرالله الحاج حسين خليل، ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق الحاج وفيق صفا الى كليمنصو، الا انعكاسا لطبيعة المرحلة الصعبة التي يمر بها هذا الفريق، ف»البيك» الغارق في الهواجس المقلقة بعد التطورات المتسارعة في سوريا، يدرك ان حكومة الوحدة الوطنية لا تكفي لطمأنته، وربط النزاع مع الحزب في الحرب السورية لم تعد كافية ايضا، لا ضمانات مفيدة او جادة يمكن ان تأتي الا من حارة حريك، كان ينتظر تلك المبادرة منذ زمن «استعراض الجاهلية»، لم تأت، وطال الانتظار، وزاد التوتر بعد سقوط حلب، بعد ذلك، أطل السيد نصرالله، مشددا على دعم خيار النسبية الكاملة، اراد جنبلاط ان يحصل على توضيح حول تفهم السيد لهواجس القلقين وأخذها بعين الاعتبار، جاء اللقاء الاخير «ليبرد» الاجواء ويزيل الالتباسات في المختارة» نام» جنبلاط ليلته مرتاحا لاول مرة منذ مدة. وفي المحصلة تعكس هذه الاجواء قناعة جنبلاطية ان «المايسترو» الحقيقي للاوضاع الداخلية هو حزب الله، «الاوراق الرابحة» بين يديه ولا جدوى من البحث عن السكينة والهدوء بعيدا من هناك...انها العودة مجددا الى «مظلة» محور المقاومة... انه الانتصار الضمانة الذي يتحدث عنه السيد نصرالله الذي لا يريد السيطرة على احد، لكن ضعف الاخرين يجعل منه الضمانة الوحيدة لاستقرارهم النفسي والسياسي.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة