لا إرادة سياسية جدّية للوصول الى قانون انتخابي جديد، وهو ما أفرزته النقاشات التي دارت على مدى الأسابيع الماضية وانتهت الى لا نتيجة. وبالتالي، الى مراكمة السلبيات والتعقيدات والهواجس على الطريق، بما يُبقي الأفق الانتخابي مقفلاً الى أجل غير مسمّى.امام هذا المشهد السلبي المضغوط سياسياً والثابت على تناقضات عميقة بين القوى السياسية وافتراق حاد في النظرة الى القانون الانتخابي شكلاً ومضموناً، تضيق الى الحدود الدنيا مساحة الامل في إمكان وضع قانون جديد في المدى المنظور.
حتى انّ الرهان على استفاقة سياسية مفاجئة تزرع الأمل في مساحة مشتركة بين القوى المختلطة وتبشّر بالولادة الميمونة وتنتشل الجنين الانتخابي من رحم الخلافات التي تستعصي على الحلّ يوماً بعد يوم يبقى في هذه الاجواء رهاناً خاسراً سلفاً.
ما الذي حصل؟
4 عناوين:
عملياً إنتهت مرحلة، ودخل البلد في مرحلة جديدة، فإذا ما استعرضنا وقائع مرحلة نقاشات الاسابيع الاخيرة حول القانون الانتخابي، يتبيّن أنّ عجلتها توقفت عند نقطة الفشل، هذه المرحلة حكمتها أربعة عناوين كبرى على مائدة البحث:
• العنوان الأول، هو قانون الستين. فإذا ما استندنا الى المواقف «الظاهرية» لفرقاء النقاش الانتخابي من هذا القانون، يتبيّن انّ هذا العنوان هو الوحيد الذي اقتربوا فيه الى نقطة التوافق حوله، واعتبار قانون الستين صفحة وطويت نهائياً، وإن كانت بواطِن البعض منهم تَشي بغير ذلك.
• العنوان الثاني، هو النسبية الكاملة التي استحال القبول بها، بما فيها صيغة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي التي هي أدنى أشكال النسبية.
وكان واضحاً الرفض القاطع لتيار «المستقبل» والنائب وليد جنبلاط لهذه النسبية، فيما لجأ جنبلاط الى طرح فكرة أخيرة وضعها في يد رئيس مجلس النواب نبيه بري تقول بموافقته على أيّ شكل من أشكال القانون الانتخابي، وخصوصاً المختلط بين الأكثري والنسبي مع تعديل يدمج الشوف وعاليه دائرة انتخابية بمقاعدهما الـ13، على ان ينتخب 7 نواب على اساس النظام الاكثري و6 نواب على اساس النظام النسبي.
وحتى الآن لا يبدو انّ طرح جنبلاط قد لقي قبولاً من مختلف الاطراف، علماً انّ هذا الطرح الذي يراعي الخصوصية الجنبلاطية، أشاع في زوايا سياسية معينة مقولة اذا كانت ستتم مراعاة خصوصية لطرف سياسي معيّن، فالحَريّ أن تراعى خصوصية أطراف سياسية أخرى.
• العنوان الثالث، هو القانون التأهيلي على مرحلتين، مرحلة أولى على مستوى القضاء أكثرياً، ومرحلة ثانية على مستوى دوائر وسطى وما فوق الوسطى نسبياً. ولقد أخذ هذا العنوان جدلاً ونقاشاً كبيرين، وخصوصاً حول حجم الدائرة الانتخابية وكذلك حول نسَب التأهيل التي تبايَنت أرقامها بين من يريد 10% نسبة للتأهيل، وبين من أراد هذه النسبة اكثر من ذلك وصولاً الى 15% و20%. وفي النهاية فشلت هذه الصيغة.
• العنوان الرابع هو المختلط، الذي سقطت صِيَغُه على التوالي بدءاً بالمشروع الذي قدّمه بري (64-64) الذي سقط «قوّاتياً» و«حريرياً»، ثم المختلط الثلاثي بين «القوات اللبنانية» وتيار «المستقبل» والحزب التقدمي الاشتراكي، الذي سقط برفض «حزب الله» و«أمل»، ثم «مختلط باسيل»، أي الصيغة التي قدّمها رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل في الاجتماع الاخير للجنة الرباعية ويضع عتبة تصنيف 65%.
ويقال انّ هذا المختلط كان واحداً من الاسباب التي أدّت الى نَعي اللجنة وتوقفها عن الاجتماعات. وقد سقط «مختلط باسيل» برفض «حزب الله» و«أمل» وجنبلاط، لأنّ المعترضين عليه وجدوا فيه خللاً تقنياً لناحية تقسيم الدوائر، وكذلك لأنّ خللاً سياسياً يَعتريه، خصوصاً لناحية تذويب مناطق معينة بأطرافها وقواها السياسية، وكذلك لناحية انه يضخّم أحجام بعض القوى المسيحية على حساب كل المسيحيين الآخرين.
هنا، تعطّلت لغة الكلام الانتخابي، إنتهت اللجنة، وظلّ التشاور الشكلي قائماً، تارة يأخذ الطابع الثنائي وتارة أخرى يأخذ الطابع الثلاثي. وكانت اللغة مجرد كلام مكرر بصيغ وأفكار مكررة والنتيجة... لا نتيجة. هذا التشاور بما انتهى إليه، إضافة الى ما سبقه من نقاشات، يؤكد انّ الفشل كان عنوان المرحلة الماضية. وسقطت كل الطروحات الانتخابية بالضربة القاضية وانتهت الى غير رجعة.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News