ليبانون ديبايت - عبدالله قمح
شكل تسريب الأنباء حول نيّة الرئيس سعد الحريري المقايضة على موضوع النسبية بإستمراره في رئاسة الحكومة لولاية جديدة صدمة في الوسط السياسي لناحية النموذج الجديد الذي بات الحريري أو اللصقاء به يتبعوه وتبنى السياسات عليه. الأكيد أن الحريري اُحرج من السياق الذي حصل عبره التسريب لكن في جوهر الطرح لا شك أن الحريري ليس خجلاً من البوح بهذا الطلب وهو الذي فاوض أولاً على موقع رئاسة الجمهورية من بوابة إمكانية تبوَّأَه كرسي السراي أم لا.
حاول مسؤولون في التيار الأزرق التحفيف من وقع التسريبات من خلال نفيها وربطها بـ"صفحات صفراء" لكن ما زاد من مصداقيتها هو صمت الحريري المطبق الذي آثر هذه المرة عدم نفي ما تردد أو التعليق عليه، ليس من بوابة أنه لا يريد الغوض في جدال وردود أفعال مضادة، بل من باب أن الحريري لو أنه لم يجاهر بهذا الطرح أمام مواقع سياسية لكان ربما إختار الرد وسقفه أيضاً، لكنه فضل الصمت لأنه هناك أناس سمعوا ما أفرغه من نويا.
على خط بيت الوسط، هناك من يردّد أن من يقف خلف هذا التسريب هي جهات سياسية معروفة، والمقصود هنا قصر بعبدا أو عين التينة. في هذا الإعتقاد إعتراف ضمني أيضاً أن ما سرب عن بنود مقايضة الحريري الجديدة كان الرئيس نبيه بري على علمٍ به وهو ما لم يخفه رئيس المجلس الذي صرّح أمام النواب في لقاء الاربعاء أن "هناك معلومات تردّدت إليه حول نية الحريري تبني النسبية مع الدائرة الواحدة".. فهل يعقل أن تكون اوساط الرئيس بري هي من سرّب؟ الوقائع تنفي هذه الفرضية كون دوائر القصر الجمهوري كما عين التينة لا تتصرف مع زوارها على هذا النحو ابداً وهي تحفظ أمانة مجالسها وأسراره.. فمن يكون قد سرّب إذاً؟
هناك شعور لدى أوساط مقربة من بيت الوسط بأن المُسرّب هدفه أساساً إحراج الحريري ربما لأمر واحد، أن يسقط من ذهنه هذا الدفع أو هذا الرأي أو تلك المقاضية، وربما إن المُسرّب من مصلحته أن يقيس مدى تقبل القاعدة الشعبية المستقبلية كما دائرة الحلفاء في الرابع عشر من آذار للطرح موضع الحديث والبناء عليه وإذا ما كان فعلاً أن النية من التسريب هي هذه فأنها لم تسر رياحها كما تشتهي سفن الحريري أو أوساطه بل على العكس حيث كانت "المقايضة" بمثابة العاصفة المرفوضة في مجالس الجميع!
يقول عارفون أن بعض المقربين من دائرة الرئيس سعد الحريري اشتهروا في الفترة الماضية بتسريب المعلومات حول نشاطات "الشيخ سعد" وأفكاره إلى وسائل إعلام متعددة. النية من ذلك كانت في الأساس إختبار رأي الشارع، حيث كانت تلك الاوساط تتعامل مع الموقف على إعتبار أنه إستفتاء تختبر أرقامه من خلال ردود الفعل المنسحبة على منصات مواقع التواصل الإجتماعي والشارع ويبنى على أي موضوع على ضوءها. نذكر هنا موضوع نية الحريري السير بترشيح العماد ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية الذي سرّب أولاً في الإعلام وتلقفه الشارع بصدمة وحذر ورفض.. وما هي ألا أسابيع قليلة حتى "روّض" الشارع لمصلحة الطرح فتم تقبله إنطلاقاً من "مقايضة" أيضاً أعادت الحريري إلى السراي، ومثله كان تسريب "لقاء باريس" الذي سار عبره الحريري بالوزير الأسبق سليمان فرنجية للرئاسة.
المصلحة هي ذاتها اليوم، تقول أوساط سياسية، فالحريري يلعب في الوقت الضائع وهو في ظل إنعدام وجود التوافق على قانون انتخابي "يلتزم مصالحه" خائف على مستقبله السياسي والخوف الأكبر هنا ليس على القاعدة الشعبية التي لا بد لها أن تسير في طريق الحريري، بل على إمكانية توفر كتلة نيابية وازنة تعيده إلى السراي في الإستشارات الملزمة. الحريري اليوم، وفق العديد من المعطيات، يتأخر أو يتعمد تأخير الطروحات وتمييعها في ما خص قانون الإنتخاب لهدف واحد، هو الوصول إلى قانون إنتخابي يحفظ له الحضور السياسي - النيابي في المجلس. لا مانع للحريري من خسارة بعض المقاعد، لكن ان تتقلص كتلته وتصبح 15 نائباً مثلاً، فهو أمر يشكل له كابوساً لا يريد حتى تخيله!
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News