"ليبانون ديبايت" - ريتا الجمّال:
مساء الخميس 13 نيسان 2017، وبمناسبة ذكرى الحرب الاهليّة، افتتحت جمعيّة "مارش" العرض الاوّل لمسرحيّة "هنا بيروت" على مسرح المدينة - الحمرا، برعاية وحضور رئيس الحكومة سعد الحريري، الى جانب شخصيّات سياسيّة، عسكريّة، اعلاميّة، فنّية، وإجتماعيّة وعدد من المدعوّين.
"هنا بيروت"، من إنتاج "مارش"، وإخراج وتأليف يحيى جابر، وبدعم من السّفارة البريطانيّة، مسرحيّة تتحدّث عن مجموعة شباب وشابّات أتوا من أحياء بيروت، ليشاركوا في برنامج للهواة، في مقهى يحمل اسم "هنا بيروت" حيث يخوضون تجارب الاداء، ويعرضون مواهبهم، فاستطاعوا أن يجسّدوا بطريقة كوميديّة سوداء، الواقع اللّبناني، وعتمة أحياء بيروت، والتشنّج الطّائفي والمذهبي والحزبي والمناطقي المُعاش في يومنا هذا على الرغم من مرور اثني وأربعين عاماً على ذكرى حرب أهليّة عاشها الكبار والصغار، وتربّت للأسف على ثقافتها أجيالاً لاحقة.
هذه المسرحيّة، شارك فيها شباب وشابّات، سيرتهم الذاتيّة خالية من أي عمل مسرحي سابق، أو خبرات مسرحيّة، أو حتى دورات تدريبيّة سابقة، لكنها ابتداءً من هذه اللّحظة، وبمجرّد إنتهاء عرض "هنا بيروت"، ستصبح هذه السّير غنيّة بعمل واحد يساوي مئة عمل وعمل لناحية السيناريو، الاخراج، التمثيل والرسالة، إذ عند مشاهدة هؤلاء الشّباب، لم نتخيّل ابداً انهم يمثّلون للمرّة الاولى تحت الاضواء، فكانوا مُتمكّنين، جدّيين، عفويّين، حتى عندما أخطأوا في النصّ أو الحوار، تمكّنوا بعفويّة وجدّية وحرفيّة الممثل المخضرم أن يرتجلوا وكأن التمثيل مهنتهم، وخشبة المسرح أرضهم وملعبهم.
قد تكون مسرحيّة "هنا بيروت" هي أوّل عمل لممثّلين أتوا من طريق الجديدة، الخندق الغميق، البربير، بشارة الخوري، برج أبي حيدر، كورنيش المزرعة، رأس بيروت، المدينة الرياضيّة، البسطة، صبرا، الضاحية الجنوبيّة.. لكننا في الوقت نفسه، رأينا وللمرّة الاولى هذا التفاعل الكبير بين الحاضرين والممثّلين، والانسجام التام، والتركيز على المسرحيّة، وفقط على المسرح، فضحك الجمهور وكأنّ من أضحكهم ممثل كوميديّ بامتياز، وتأثّروا بشدّة وكأنّ من أبكاهم درامي محترف، فغضبوا وانفعلوا وابتسموا وصفّقوا من كل قلبهم، على عمل يظهر كيف أن الاختلاف لا يقتصر فقط على الدين، انما بين الاديان والمذاهب، وكذلك على المناطق، والقرى، والعائلات، وكأن هذه المنطقة أو الطائفة حكراً على عائلة "فلان"، أو تلك المدينة مسجّلة بإسم "علاّن"، وما الى هنالك من انقسامات على الانتماءات الحزبية، ومع حاملي "الهويّة" غير اللّبنانيّة.
وبعد وقائع طريفة حصلت في تجارب الاداء، وما تخلّلها من أحداث معبّرة ومناكفات، ورد خبر عاجل عن انتحاري فار بين منطقتي بشارة الخوري ورياض الصلح، فسادت حالة من الذعر والتوتر داخل المقهى، ادّت الى توقّف تجارب الاداء، لمعرفة هوية الانتحاري ومواصفاته، وما حصل بعد ذلك رسم خاتمة مؤثّرة أتت لتجعل من المسرحيّة عملاً متكاملاً، في مشهد جسّده جيل شباب المستقبل، مباشرةً أمام جيل السّياسة السّابق والحالي.
وهكذا وما ان انتهت المسرحيّة، وصفّق الجميع معبّرين عن اعجابهم الكبير، بالعمل، ظهرت ملامح السعادة والفرح والفخر على وجوه الممثّلين، الذين باتوا أشبه بعائلة واحدة، وعن هذه التجربة قال محمّد ياسين (21 عاماً من صبرا - فلسطيني) أنها "تجربة جميلة جداً، كونها أعطتنا الفرصة للتعبير عن رأينا وما بداخلنا من أوجاع وأحزان وغصّة، وتمكّنا بفضلها أن نوصل هذه الافكار بطريقة كوميديّة، وان نصبح عائلة واحدة طائفتها وانتمائها وهويّتها المحبّة".
بدوره، قال محمد حمادة (16 عاماً من برج أبي حيدر) لموقع "ليبانون ديبايت":"في بداية التمارين، كانت الاجواء متشنّجة خصوصاً أن المسرحيّة يتخلّلها "لطشات" و"اتهامات".. لكن بفضل فريق العمل السيّدة ليا بارودي، والمخرج يحيى جابر، ومساعد المخرج نعمة نعمة ومنسّق المشروع فراس حمدان، والمدرّب رمزي حاج، استطعنا أن نتأقلم، ونعتاد على بعضنا، فعلّمونا كيف نقف على خشبة المسرح، ونزيل الخوف والتردّد والخجل، وننقيّ قلوبنا ونعيش السلام الحقيقي، وهذا ما حصل، فبتنا أصدقاء، وقريبين جدّاً الى بعضنا"، مشدّداً على ان التمثيل غرامه على امل أن يتحقّق حلمه ويدخل هذا المجال".
اما فاطمة عيتاني (21 سنة من رأس بيروت) فوصفت المسرحيّة بالرائعة، شاكرةً فريق العمل وجمعيّة "مارش" على وقوفهم الى جانب الشباب، وتحمّلهم الكبير وصبرهم، أثناء التمارين، ليصلوا الى النتيجة التي ظهرت في عرض المسرحيّة الاوّل، متمنيّةً أن تكون المسرحية قد أوصلت الرسالة بالشكل المطلوب والى الجميع، وان نبتعد كلّنا عن الطائفيّة، فمصيرنا في النهاية سيكون واحداً، وتحت التراب ذاته"، مضيفة:"أتمنّى أن تفتح هذه المسرحيّة الابواب لنا جميعاً في مجال التمثيل".
هذا وابدت رئيسة "مارش" ليا بارودي سعادتها بنتيجة العرض الاوّل، حيث "وضع الشباب كل طاقاتهم لانجاح المسرحيّة، فأبدعوا وحتى ارتجلوا، في اماكن معيّنة، وشكّلوا مفاجأة عند الحاضرين نظراً لموهبتهم في التمثيل"، مضيفةً:"وبهذه المناسبة، أشكر كل الحاضرين ورئيس الحكومة سعد الحريري على رعايته وحضوره، وكذلك كل الرسمييّن، فأنا أقدّر مجيئهم، لأن هؤلاء الشّباب يجسّدون فئة كبيرة من المجتمع، وعلى الدولة ان تستمع اليهم وتأخذ بمطالبهم".
يبقى أن نقول أن هؤلاء الشّباب، هم نبض الوطن، هم أولاد العيش المشترك الحقيقي، هم "لبنان الرسالة"، هم أبناء العاصمة، هم الجيل الجديد، ليستمرّ الوطن، وتبقى... هنا بيروت!
اشارة الى أن المسرحيّة ستُعرض يومي الثلاثاء 18 نيسان على مسرح تياترو فردان والجمعة 21 نيسان على مسرح دوّار الشمس الساعة الثامنة مساءً. وشارك في العمل:علي دولاني، سوزان حمدان، محمد ياسين، جاد حاموش، محمد شقير، ادم حمود، محمد علي ابو صالح، محمد عياش، عدنان كاستيرو، ادونا حمود، زكريا الشوحة، يوسف شنواني، فاطمة عيتاني، محمد شلبي، محمد حمادة، زايد كنجو، سهيل زايد.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News