"الفتيل" الذي دفع برّي لتقديم اقتراح مجلس شيوخ!

"ليبانون ديبايت"

ما سرّ رفض الرئيس نبيه برّي للاقتراح التأهيليّ علماً أنّه كان أوّل من خاطه؟ باختصار، يكمن الخلل في البنود التي عدّل عليها الوزير جبران باسيل في نسخته التأهيليّة الثّانية، والكلام هنا ليس محصوراً بشكلِ الدّوائر وربط التأهيل بالبعد الطائفي حصراً، بل في اقتراح مجلس الشّيوخ الذي أجرى باسيل على ورقته تعديلاتٍ جذريّة غير محصورةٍ بطائفةِ رئيسه، بل بصلاحياته أيضاً.

باختصار، ما دفع الرئيس نبيه برّي، على ما تقول مصادر قريبة من عين التّينة لـ"ليبانون ديبايت"، لطرحِ قانون انتخاب مقرون ببندٍ متكامل لإنشاء مجلس الشيوخ، هو تعمّد الوزير جبران باسيل استخدام ورقة المجلس في إطار الابتزاز. وتقول المصادر إنّه وفي أحد اجتماعات الرباعيّة التي حضرها الوزير علي حسن خليل، طرح باسيل موضوع مجلس الشّيوخ من باب المُقايضة حول قانون "تأهيل" بري، طالباً أنْ يكون برئاسة أرثوذكسي مضافاً إليه صلاحيّات أساسية، وعند سؤاله "من أين تأخذ الصّلاحيّات هذه؟" أجاب "من رئاسة مجلس النّواب ويتمّ تقسيمها مناصفةً مع مجلس الشّيوخ!"، على اعتبار أنَّ المجلس سيكون مخصص للطوائف حكماً، ما فسّر على أنّه محاولة لتفريغِ الرئاسة الثّانية من مضامينها.

وكون بري والثّنائيّة الشّيعيّة عموماً ترى أنَّ وجود صلاحيّات أساسية في الرئاسة الثّانية مأخوذ بالجهاد والتعب وهي من المُكتسبات الهامّة التي ضحّت طائفة كاملة من أجلها، صعب عليهما "الطّرح الباسيلي"ّ وفق ما جاء ووصف على أنّه "مطلب ابتزازي لأخذِ حقوق بالسلم لم تُؤخذ في الحرب" ملمِّحةً إلى دور حزب القوّات اللّبنانيّة في هذا المجال، والذي يبدو أنّه يدفع باسيل لسلوكِ درب طلب رئاسة مجلس الشّيوخ لكي يكون الدور فيه لِمعراب!

وتأسيساً على ما ورد، تخلص المصادر إلى أنَّ الرئيس نبيه برّي، رفض التّأهيل المبني على تعديلاتِ باسيل كليّاً ناسفاً إيّاه من الوجود حتّى إنّه لم يجد حرجاً في التّنصّل منه، مبادراً لتطويق باسيل عبر إنتاج ورقة اقتراحٍ خاصّة بمجلس شيوخ معاكسة تماماً لما يقدّمه أو يستند عليه رئيس التّيّار، متضمّنة صلاحيّات من حصّة الرئاسة الثّانية تنازل عنها بري، وثمَّ عمّم المسوّدة على سائر الأقطاب منتظراً أجوبتهم. وتستند الورقة على روحيّة اتّفاق الطّائف مقرونة باقتراح قانونٍ انتخابيٍّ على أساس النّسبيّة الكاملة. واللّافت في اقتراح بري "المشيخيّ" أنّه ينصّ على أنْ تكون رئاسته لدرزيّ بصلاحيّاتٍ موضوعة بإطار حفظ حقوق الطّوائف، وألّا تصل أمور المجلس للتدخّل في القضايا العامّة!

لكن باسيل تلقّف اقتراح بري برفضٍ مطلق مستنداً على أنّه لديه تصوّر ومسوّدة لأكثر من اقتراح يخصّ مجلس الشّيوخ الذي يتحدّث عنه بصفته "حق مسيحيّ حصريّ" وهو ما استفزّ الوزير علي حسن خليل وتالياً الرئيس نبيه برّي الذي تقول المصادر، إنّه قرن حلّه الانتخابيّ وفق معادلتين، قانون نسبيّ مع اقتراحِ مجلس شيوخ على مبدأ القانون الأرثودوكسي، أو نسبيّ كامل، وليس من حلٍ ثالث أبداً!