افتتح صباح اليوم رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري ممثلا بالنائبة بهية الحريري الدورة الـ 25 من "منتدى الاقتصاد العربي" (دورة اليوبيل الفضي) في فندق "فينيسيا" - بيروت، في حضور الرئيس فؤاد السنيورة، رئيس الاتحاد العام للغرف العربية نائل الكباريتي، رئيس غرفة الكويت واتحاد غرف الخليج علي الغانم، رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية أحمد الوكيل، نائب رئيس مجلس الغرف السعودية صالح العفالق، الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى، نائب رئيس الوزراء السابق في الأردن الدكتور جواد عناني، ووزير التموين والتجارة الداخلية السابق الدكتور خالد حنفي، ورئيس "مجموعة البنك العربي" صبيح المصري.
وتحدث في افتتاح المنتدى، الذي تنظمه مجموعة الاقتصاد والأعمال بالتعاون مع مصرف لبنان والمؤسسة العامة لتشجيع الإستثمارات في لبنان (إيدال) وجمعية مصارف لبنان وإتحادي الغرف اللبنانية والعربية ومؤسسة التمويل الدولية (IFC)، كل من: النائب الحريري، وزير الاقتصاد والتجارة رائد خوري، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، رئيس الاتحاد العام للغرف العربية نائل كباريتي، رئيس اتحاد الغرف اللبنانية محمد شقير، رئيس جمعية مصارف لبنان الدكتور جوزف طربيه، والرئيس التنفيذي لمجموعة "الاقتصاد والأعمال" رؤوف أبو زكي.
وتمنت النائب الحريري "دوام مسيرة نجاح منتدى الاقتصاد العربي، هذه المسيرة التي لاقت كل الدعم من الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي آمن بضرورة لم الشمل العربي وتعزيز العلاقات الأخوية بين الدول العربية وتفعيل التعاون في ما بينها، فهو اليوم الحاضر الأبرز بيننا بنهجه وفكره وروحه". وقالت: "اجتزنا على الصعيد الداخلي في لبنان مرحلة صعبة عبر انتخاب رئيس للجمهورية وتأليف حكومة استعادة الثقة والتي تمكنت خلال فترة وجيزة من إنجاز العديد من الخطوات واتخاذ قرارات حيوية وأساسية لمصلحة الوطن والمواطن، معتمدة على ثقة الشعب اللبناني وعلى الإجماع الوطني من حولها".
وأضافت: "خطت الحكومة خطى ثابتة في طريق استخراج النفط والغاز، وأقرت مشروع الموازنة العامة بعد 12 عاما من غياب الموازنات العامة، واتخذت العديد من القرارات التي تساهم في حماية الاقتصاد الوطني، وقامت بتفعيل علاقاتنا الخارجية الثنائية وخصوصا مع الدول العربية الشقيقة بهدف إعادة دور لبنان المحوري على الخارطة الدولية وبين أشقائه العرب خصوصا. كما وضعت الحكومة ضمن أولوياتها مهمة استرجاع ثقة المجتمع الدولي بلبنان التي بدأت تظهر نتائجها عبر رفع المؤسسات والمنظمات المالية الدولية للمؤشرات الاقتصادية ولنسب النمو الاقتصادي والاستثماري في لبنان للسنوات المقبلة".
وتابعت: "إن منطقتنا تشهد تحديات سياسية وأمنية واقتصادية تؤثر مباشرة على البيئة الاستثمارية فيها وعلى اقتصاد الوطن العربي عموما، والمرحلة الراهنة تتطلب منا كدول عربية زيادة التنسيق في ما بيننا وتفعيل علاقاتنا الأخوية لمواجهة الأزمات السياسية والاقتصادية المحيطة بنا وقد حان الوقت للعمل صفا واحدا في وقت تزداد الحاجة الى مساندة بعضنا البعض معتمدين بذلك على كل ما يوحد صفوفنا ويجمعنا كدول عربية شقيقة لمحاصرة ومواجهة الفكر التكفيري والحركات الإرهابية التي تحاول العبث في منطقتنا عبر سياسة التخريب والتهريب التي تعتمدها".
وقالت: "إن الأزمة السورية الراهنة أثرت مباشرة على اقتصاد دول المنطقة، ولعل وطننا لبنان هو من أكثر الدول العربية تضررا وتأثرا بهذه الأزمة بحيث استقبل ولا يزال أكثر من مليون ونصف نازح سوري. ولقد قدمت الحكومة كل ما في وسعها لمساعدة الشعب السوري الشقيق في محنته بدافع من الحس القومي والعروبي".
وأضافت: "علينا البدء بالتحضير الجدي للمرحلة المقبلة، مرحلة إعمار سوريا والعمل على وضع خريطة طريق عربية مشتركة لورشة الاعمار التي يجب أن تبدأ مع العودة المرتقبة للأمن والسلام في سوريا. كما إن لقاءنا اليوم يكتسب جانبا كبيرا من الأهمية حيث أن منطقتنا تواجه تحديات اقتصادية تحملنا على إعادة النظر في السياسات الاقتصادية والمالية في عالمنا العربي وتدفعنا نحو القيام بالإصلاحات الضرورية بهدف مجاراة التطورات العالمية التي تؤثر بشكل مباشر على اقتصاد دولنا العربية وخصوصا مع حالة الانفتاح الاقتصادي والعولمة التي نعيشها والتي تزداد يوما بعد يوم. علينا اتخاذ المبادرة واستباق التطورات والأحداث وتهيئة البيئة المناسبة في وطننا العربي لجذب الاستثمارات الأجنبية إليه والتخفيف من وطأة البطالة على الاقتصاد بإيجاد فرص العمل الضرورية لشبابنا العربي لمحاكاة كفايته وطموحه في مستقبل آمن ومزدهر".
وتابعت: "لعل ابرز الأحداث الاقتصادية في هذه المرحلة هي عدم استقرار أسعار النفط عالميا، والتي تؤثر بشكل سلبي على اقتصاد بعض دولنا العربية الشقيقة التي تعتمد بشكل أساس على الموارد النفطية. ولقد اتخذت قيادات هذه الدول الإجراءات الإصلاحية اللازمة لتفعيل دور القطاع الخاص فيها بهدف تنويع اقتصادها. وهنا أدعو القطاعين العام والخاص في عالمنا العربي ورجال الأعمال العرب لتفعيل وتكثيف اللقاءات في ما بينهم والتي من شأنها إيجاد فرص استثمارية جديدة وتوفير فرص عمل لشبابنا وإنعاش البيئة الاقتصادية في منطقتنا".
ثم تحدث الوزير خوري فنوه ب"أهمية انعقاد هذا الحدث في الظروف الراهنة التي تمر بها الاقتصادات العربية"، وقال: "من المعروف أن الأوضاع الداخلية والإقليمية والعالمية تنعكس تلقائيا على النشاط الاقتصادي سواء ممباشرة أو غير مباشرة ما يفرض على الاقتصاد الوطني تحديات متعددة ومتنوعة تحتم مواجهتها بمرونة كافية للتكيف مع أصعب الظروف".
وتابع: "أثبت القطاع الخاص في لبنان قدرته على استيعاب المشهد السياسي المنقسم والتأقلم مع المعطيات التي أثرت في الاقتصاد، حتى ولو كانت معدلات النمو متدنية والماكينة الإنتاجية تعمل بأقل من قدرتها الحقيقية. وعليه، تدرك الحكومة الحالية الوضع الصعب الذي يهددنا جميعا. إلا أن ذلك لا يحول دون قيامها بمبادرات لمجابهة التحديات الداخلية لا سيما منها العجز المزمن في المالية العامة وارتفاع معدلات البطالة والفقر وتراجع الإنتاجية والإنتاج. وبالتالي، فإننا نشدد على ضرورة القيام بمشاريع يكون من شأنها إنعاش الاقتصاد وجعل الحياة أسهل للمواطنين وخفض كلفة الإنتاج وتحقيق الاستقرار وضبط أوضاع المالية العامة.
وأضاف: "ألقت الأزمة السورية بثقلها على الاقتصاد اللبناني ما أدى إلى تراجع المؤشرات الاقتصادية الرئيسية خصوصا نتيجة تآكل البنية التحتية التي باتت التحدي الأكبر لعدم نمو القطاعات وتطورها بدلا من أن تكون المسهل للأعمال التجارية والاقتصادية كما في المجتمعات المتقدمة. من هنا نرى ضرورة وضع الإستراتيجية المناسبة لإشراك القطاع الخاص في التنمية عبر إقرار قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص انطلاقا من أهمية الدور الذي يؤديه هذا الأخير، فهو قادر على تقديم الخدمات العامة بطريقة أكثر فاعلية وخصوصا على صعيد تطوير البنية التحتية في لبنان، ولا سيما منها قطاع الكهرباء الذي أضحى عبئا ثقيلا على خزينة الدولة".
وشدد على "ضرورة رفع حجم الصادرات اللبنانية للحد من العجز في الميزان التجاري من خلال البحث في سبل ولوج المنتجات إلى أسواق جديدة ومحتملة وتحقيق التنوع الاقتصادي في السلع والخدمات، ثانيا السعي إلى توفير بيئة أعمال مواتية تشجع النمو وتحفز الاستثمار وتعزز ديناميكية الاقتصاد وقدرته التنافسية عبر إقرار القوانين ذات الصلة، وتعزيز قيام مؤسسات صغيرة ومتوسطة فاعلة وحيوية نظرا الى مدى قدرتها على توفير فرص عمل وعلى تحفيز المبادرة والابتكار، وبالتالي جعل اقتصاد لبنان اقتصادا ذا قيمة مضافة عالية. وتأتي هذه الإجراءات إلى جانب تحقيق إصلاحات في سوق العمل وفي نظام التعليم بهدف زيادة إنتاجية العاملين وبالتالي زيادة الإنتاج.
ثم تحدث سلامة مشيرا إلى أن "مصرف لبنان يواكب منتدى الاقتصاد العربي منذ انطلاقته بحيث بات يشكل حدثا سنويا مهما ومساحة واسعة للحوار". وأضاف: "واكب هذا المنتدى كل الأزمات التي مر بها لبنان منذ أكثر من عقدين، كما واكب الأزمات الإقليمية والعالمية واستمر صامدا ومبينا مناعة تتماشى مع المناعة التي بينها لبنان ونظامه النقدي وليرته، وستبقى هذه الليرة ركيزة للثقة وللنمو الاقتصادي وللاستقرار الاجتماعي".
وقال: "تعرفت منذ 24 عاما الى الأستاذ رؤوف أبو زكي وبنينا علاقة متينة بين مصرف لبنان ومجموعة الاقتصاد والأعمال بهدف التأسيس لمؤتمر محلي وإقليمي، وحتى دولي يخدم لبنان واقتصاده. كان التحدي كبيرا، إذ كان لبنان في حينه أي في العام 1993 يتعافى من حرب دمرت وطننا وشردت شعبنا، وكانت الدولة اللبنانية تحاول إعادة بناء الدولة والاقتصاد. وكان رئيس الحكومة في حينه، الرئيس رفيق الحريري، يجاهد في إعادة وضع لبنان على الخارطة الإقليمية والدولية وإعادة استقطاب المستثمرين. كان لهذا المنتدى دور في هذه العملية. فقد ساهمنا معا في جعل لبنان مركزا للمؤتمرات. كان الناتج المحلي في العام 1993 لا يفوق العشرة مليارات دولار وأصبح اليوم بحدود الـ55 مليار دولار أميركي. كانت الاحتياطات لدى المصرف المركزي لا تفوق المليار دولار أميركي، وأصبحت تقارب الآن الـ 40 مليار دولار أميركي. كان حجم القطاع المصرفي أقل من عشر ما هو الآن. وكانت الليرة اللبنانية ما قبل 1993 تفقد من قدرتها الشرائية بشكل سريع مؤثرة على مستوى الفقر في لبنان. بعد العام 1993 وبتوجه وطني وحكومي مستمر لغاية اليوم وبهندسات مصرف لبنان، أصبحت الليرة اللبنانية مستقرة. وأدى هذا الاستقرار إلى تعزيز الثقة وانخفاض الفوائد التي كانت تراوح في حينه بين 14 و16 في المئة وأصبحت اليوم بين 6 و7 في المئة. وتعززت الثقة الدولية، فشهدنا اهتماما دوليا للتداول بالأوراق المصدرة من الجمهورية اللبنانية. كان هذا المنتدى مرجعا يشهد ويضيء على الإيجابيات ومنبرا للتعبير عن الآراء الاقتصادية وملتقى للأفكار، ونتمنى أن يبقى ويستمر".
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News