المحلية

placeholder

بشاره صليبا

ليبانون ديبايت
الجمعة 09 حزيران 2017 - 12:31 ليبانون ديبايت
placeholder

بشاره صليبا

ليبانون ديبايت

في المقاومة والتحرير

في المقاومة والتحرير

لا تلزم الشعوب من قبل حزب أو سلطة أو شخص بالأندفاع قسرا الى عمل تحريري أو تغيير ثوري ، فلذلك شروط موضوعية وتراكمية تلهب رغبة الجماهير للنزول والأنخراط في الحدث بغرض استبدال واقع استعصى على الحلول التي كان معمول بها سابقا وتأمين مستلزمات هذا الأنتقال .

أما من يقطف فعل التغيير فهذا أمر اّخر ، فالتحرير والثورة تفرزان سلطتهما. ومسمى الثورة لا يعود كذلك، بل يغدو سلطة منبثقة عن الثورة أو حركة التحرير. هذه السلطة هي من يعطي لعملية ما بعد التغيير والتحرير طابعها الأستبدادي أو الديمقراطي ، الرجعي أو التجديدي والتقدمي، وبالتالي فأن اي انتصار وطني شامل لا يستقيم الا بدعم وطني شامل ويفرز سلطة تمثل أو تعكس رغبة ومصالح القوى والفعاليات السياسية والاجتماعية والشعبية ممن عملوا من أجل الوصول الى الهدف المنشود .

المفارقة اللافتة في التجربة اللبنانية أنه وبالرغم من عملية الأقصاء التصفوي للعديد من قوى التحرير، فهذه القوى لم ترد بالمثل حتى في اوج الخلافات العميقة في وجهات النظر السياسية نظرا لطبيعة وسلوكيات " قوى التحرير" ، وهي أبقت على تشخيصها الوطني الواضح بضرورة تغليب الموضوعي على الذاتي والتصويب فقط على جوهر القضية وهو الاحتلال الاسرائيلي وعلى دحره ايا كان من سيجبره على الاندحار.

استكملت " قوى التحرير" تحرير الارض التي بقيت في قبضة الاحتلال الاسرائيلي منذ عام 1982 ، ولكنها اقصت بالمقابل بفعل تزايد تسليحها قوى اخرى كان لها شرف اطلاق المقاومة وهي القوى التي حققت انجازات في هذا السياق وكانت الجسر الذي سمح بحصول انتصار التحرير ووصوله الى خواتيمه.

وبالتالي فان هذا الانتصار الذي شقت دربه قوى ديمقراطية عدة واستكملت مرحلته الاخيرة "قوى التحرير" لم يتم بمعزل عن دعم الشعب اللبناني الذي عانى من ضريبة الاحتلال واعتداءاته المؤلمة والمتكررة ، او دعم الدولة اللبنانية ، عبر جهودها الدبلوماسية، المعلن منها والمستور او عبر الحضور الدولي لرئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري( تفاهم نيسان 1996). فرضت هذه الجهود احترام المجتمع الدولي للارادة اللبنانية الجامعة بحقها في تحرير الارض.

لكن هذه المجهودات لم تعن شيئا ل "قوى التحرير" ، مدفوعة بفائض قوتها صادرت الانتصار وابقت كل الاخرين خارجه وانشات بعد قليل من تحقيقه محاكم "التخوين" لكل ما عداها. ومن ثم استدارت الى الداخل وبدات سلسلة تصفية حسابات سياسية داخلية ومن أجل اعادة تموضعها وتحسين موقعها داخل طا ئفتها ، لتدخل جنة السلطة من بابها العريض وتتماهى مع قوى ضالعة بالفساد والمحسوبيات . هذا الانخراط والتماهي اديا الى انفضاض شعبي عن هذه الحالة "التحريرية"، خصوصا بعد انزلاق البلاد اكثر من مرة الى شفير حرب مذهبية وتقسيمية جديدة ، كادت تطيح بكل فرص التفاهم الداخلي التي كانت سائدة ، وسط تراجعات اقتصادية حادة واضاعت محاولات الاستئثار هذه الفرصة التاريخية لقيام مشروع نهضة وطنية كان يمكن ان يعبد طريقها فعل التحرير وطرح هذا الامر تساؤلات كثيرة عن الخلفيات الحقيقية المبيتة من وراء فكرة الاستئثار الفئوي في مهمة التحرير.

ليست عشرات ألآف الصواريخ على أهميتها هي من تمنع جيش العدو الصهيوني في شن حرب اجتياح جديدة والتوغل في الارض اللبنانية ، ولا التفرغ الفصائلي لفئة من اللبنانيين هي من يردع الاسرائيلي عن الدخول في مغامرة احتلال جديدة ، تكررت المحاولات منذ افتعال وجود اسرئيل على الارض الفلسطينية في الاعتداء على السيادة اللبنانية وتصاعدت تدريجيا بداء من ستينات القرن الماضي حتى بلغت أوجها بأجتياح وصل الى العاصمة بيروت سنة 1982 . لكن اسرائيل في محاولاتها تلك فشلت في ايجاد طرف يمكن الاعتماد عليه اواستثماره للوصول الى ما انتهت بالاتفاق عليه مع اقطار عربية أخرى من ترتيبات التطبيع وتدرجاته.

انهزمت اسرائيل في كل مرة من اجتياحاتها بفضل ارادة وخيار الشعب اللبناني، وفي كل مرة أوجد هذا الشعب صيغة وطورها بتصديه للعدوان ، رفض الناس فكرة الهزيمة وقبول الامر الواقع منذ اللحظة الاولى للعدوان ، واندفعوا مبكرا الى حمل السلاح بمبادرات فردية وجماعية منظمة وعفوية حتى قبل ان تتشكل الهيكليات المنظمة لجبهة المقاومة اللبنانية . لم يكن الانتصار شيوعيا ولا اشتراكيا او ناصريا ولم يكن كذلك طائفيا او مذهبيا. كان انتصار بالشعب اللبناني بوجدان كل الناس الذين أوجدوا وحضنوا ورفدوا كل هذه المسميات التنظيمية وحموها بكل صنوف الدعم وبدون حدود.

انكسرت اسرائيل في لبنان لأنها لم تجد شريكا يغطي عدوانها ويكمل معها هذا الطريق، وفشلت بقوتها العسكرية تسويق فكرة أنها قد تصبح حاجة وقيمة مفيدة وممكنة مع مرور الزمن ، وكان اكثر ما استطاعت ان تنجزه هو تجنيد ثلة من العملاء المكشوفين تحولوا عبئا على مشغليهم ، وكان على اسرائيل حتى تامين والتزام حمايتهم ،وقد تحولوا الى فئران اختبار يستعملهم ويضحي بهم الجيش الاسرائيلي كواجهة للتقليل من خسائره.

كانت المقاومة حركة شعبية ادخلت البلد كله وبكل مفاصل حياته ونشاطه ومبادرات مجتمعه في هم كيفية انتاج سيناريو لكسر ارادة العدو ومنع المحتل من متعة الشعور بنشوة التفوق. وفي الجزئية المحورية "للتحرير" ، كانت تكمن بذور اطلالة لبنان الحديث الجامع والموحد حول مشروع نهضوي معاصر لا طائفي يشبه تطلعات كل من اسس لولادته الجديدة . أما وان التحرير( وهو هدف وطني) قد استكمل بمشروع فئوي اقتصر على الأرض فقط ، فهو اختزل المفهوم الوطني لهذه المهمة بحدود "نظرة المحررين" الفئوية ، وقوض النظرة الديمقراطية للبنان الموعود مع تقويض مشروع الانقاذ الوطني الشامل.

يشكل العمل المسلح وجها اخرا من وجوه تحرير الارض من المحتل ، حرية المعتقد والراي هي مقدسة وكذلك الحفاظ على البيئة وحسن التنظيم المدني هو فعل تحريري . والذود عن كرامة الوطن لا تقل أهمية عن الحفاظ على نقاوة مياه الانهاروالثروة المائية المهدورة ، اعادة الشاطئ كل الشاطئ اللبناني الى ملكيته العامة وحق كل الناس بارتياده دون اتاوات هو عمل تحريري ومقاوم ، وهو كذلك تشريع القوانين بهدف الغاء التمييز في الحقوق بين الجنسين الغاء كاملا واعطاء المرأة اللبنانية حق منحها الجنسية لأولادها .

ان مراجعة واعادة قراءة التجربة بتجرد وموضوعية سيكون عمل مقاوم فعلا. . والا فما معنى أن تجهد لتحرير وطنك من الاحتلال ، لتقف بعد ذلك عاجزا او باحسن الحالات شاهدا على تصدعه وافساده ، أوليس هذا ما يسعى اليه الاحتلال بالاساس؟

لا مكان عند أعدائنا للفاسدين ، والبيئة عندهم لا تدمر بدون حساب ، وللقضاء قدرة جر المرتكبين والمرتشين ... من اعلى الهرم الى اسفله الى المحاكمة والسجن ، وهم يستقطبون الادمغة على عكسنا ، وحجم اقتصادهم يوازي عشرات الاضعاف حجم اقتصادنا ...الخ ، ونفاخرنحن بحجم ايداعات بنوكنا فقط دون القدرة على التخطيط الوطني الشامل للسير باقتصاد متنوع متخصص ومنتج.

يرتبط التحرير عضويا بمهام ما بعده ، نحرر الوطن من المحتل ونفتديه بارواحنا لنحيا ونعيش بكرامة وبمستوى معيشي لائق وتعليم وعمل وفرص متساوية للجميع ونظام صحي وبيئي علمي وعصري ...الخ ، لا ليعبث الطفيليون والفاسدون والنفعيون بمصير انجاز بهذا الحجم لم يشاركوا فيه اصلا...

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة