يتولى البابا ليو الرابع عشر، أول بابا مولود في الولايات المتحدة، منصبه في لحظة دقيقة يطغى عليها تصاعد الانقسامات السياسية والثقافية بين الكاثوليك الأميركيين، ولا سيما بين الكاثوليك البيض ونظرائهم من أصول لاتينية.
البابا الجديد، المعروف سابقًا بالكاردينال روبرت فرانسيس بريفوست، يحمل معه إرثًا شخصيًا وإنسانيًا متجذرًا في قضايا الهجرة التي تلامس شريحة واسعة من الكاثوليك الأميركيين، في وقت تستمر فيه التوترات حول هذه المسألة داخل المجتمع الأميركي وكنيسته.
وبحسب موقع "أكسيوس"، يصف المقربون من البابا الجديد شخصيته بـ"الوسطية المتعاطفة" ويمتاز بـ"نهج معتدل وروح مرحة"، ما يعزز الآمال في أن يتمكن من تهدئة التوترات داخل الكنيسة الكاثوليكية التي تضم نحو 1.4 مليار مؤمن حول العالم.
وقال أندرو تشيسنوت، رئيس قسم الدراسات الكاثوليكية في جامعة "فرجينيا كومنولث"، في تصريح للموقع: "لم تكن هناك قضية أكثر إلحاحًا بالنسبة إلى الأساقفة الأميركيين من ترحيل عشرات الآلاف من الكاثوليك اللاتينيين". ويشكّل الكاثوليك من البيض واللاتينيين نسبة تقارب خُمس سكان الولايات المتحدة، ويُعدون من أبرز الكتل المؤثرة على مستوى الكنيسة العالمية.
وأشار ماسيمو فاجيولي، أستاذ اللاهوت التاريخي في جامعة "فيلانوفا"، إلى أن "الفوضى في النظام الدولي التي أوضحها الرئيس ترامب جعلت من المستحيل أمرًا ممكنًا، وهو انتخاب مواطن أميركي لمنصب البابا".
يأتي انتخاب البابا ليو في توقيت يشهد تصعيدًا في سياسات ترحيل المهاجرين، حيث تحتجز إدارة الرئيس دونالد ترامب آلاف المهاجرين الكاثوليك من أصول لاتينية، ما يزيد من تعقيد مهمة الحبر الأعظم الجديد في لمّ شمل الكنيسة المنقسمة حول هذه القضايا.
وكشف استطلاع أجراه معهد الأبحاث الدينية العامة (PRRI) عن انقسام واضح في مواقف الكاثوليك الأميركيين تجاه قضايا الهجرة، إذ يدعم الكاثوليك البيض سياسات ترامب، فيما يعارضها معظم الكاثوليك اللاتينيين. كما أظهر الاستطلاع تباينًا في المواقف بشأن قضايا اجتماعية أخرى، مثل حقوق مجتمع الميم (LGBTQ) والتعددية الثقافية.
وفي هذا السياق، يرى الباحث جون تشيسنوت أن البابا ليو الرابع عشر يواجه تحديًا كبيرًا يتمثل في ردم الهوة بين فئات المؤمنين، لكنه في الوقت نفسه يمتلك فرصة نادرة لإعادة توحيد الخطاب الكنسي في وجه الاستقطاب المتزايد.
من جانبه، قال روبرت بي. جونز، رئيس ومؤسس معهد PRRI، أن انتخاب أول بابا أميركي قد يجدد اهتمام بعض الأميركيين بالكنيسة، لا سيما أولئك الذين تراجع ارتباطهم بها في السنوات الأخيرة بفعل تزايد أعداد "اللادينيين".
ومع ذلك، يرى موقع "أكسيوس" أن التأثير الرمزي لهذا الانتخاب قد لا ينعكس سريعًا على أرض الواقع، نظرًا لتجذّر الانقسامات الثقافية والسياسية في المجتمع الأميركي، ما يجعل التغيير الحقيقي تحديًا كبيرًا حتى أمام شخصية كاريزمية من شيكاغو.