مجلس القضاء الاعلى "شاهد ما شفش حاجة"

"ليبانون ديبايت"

من المتعارف عليه، أنه هناك "مجلس قضاء أعلى"، مهمته السهر على حسن سير القضاء وعلى كرامته واستقلاله وحسن سير العمل في المحاكم واتخاذ القرارات اللازمة بهذا الشأن ومحاسبة القضاة في حال تقصيرهم، ولكن ما شهدناه في الآونة الاخيرة، عكس ذلك تماما"، فقد أخذت الوسائل الاعلامية هذا الدور، وبدت وكأنها تلعب دور التفتيش القضائي، ولعل أبرز دليل على ما حصل، هو الأخذ والرد الذي حصل، خلال شيوع قضية طبيب التجميل الدكتور نادر صعب (وفاة فرح قصاب)، والطريقة التي تم تداولها في الوسائل الاعلامية.

وعلى سيبل المثال، طريقة تناول، محطة تلفزيونية، للموضوع، عندما قامت بعرض، صوراً لصعب مع القاضي "داني شرابية"، الذي كان مكلفاً بمتابعة القضية، محاولة تبيان، بأنه هاك علاقة صداقة تجمعه معه، وكأنها قامت مسبقا باصدار الحكم على القاضي، ومحاولة التشكيك في نزاهته، دون حتى أن تنتظر قراره في القضية.

مما دفع القاضي، وفي ذات الليلة، للتنحي عن القضية، ومن ثم تم تكليف المحامي العام في جبل لبنان ماهر شعيتو متابعة التحقيق.

ومن بعد ذلك، أصدرت "الامور المستعجلة" في المتن، برئاسة القاضي "أنطوان طعمة"، قرارا منعت بموجبه وسائل الاعلام من تناول اسم صعب ومستشفاه في قضية وفاة السيدة فرح قصاب في جوانبها التحقيقية، وذلك تحت طائلة غرامة اكراهية بقيمة خمسين مليون ليرة لبنانية عن كل مخالفة لهذا القرار وابلاغ من يلزم، علماً ان المادة 53 من قانون اصول المحاكمات الجزائية تعاقب من يفشي سرية التحقيق.

ولكن ذلك لم يوقف "المحطة"، التي قامت بحملة ممنهجة، ضد القاضي طعمة متهمة إياه بقمع الحريات الاعلامية.

ومن بعد كل هذا الأخذ والرد الذي حصل، لم يصدر عن "مجلس القضاء" أي بيان، ولا حتى أي موقف، لتبيان حقيقة ما يحصل، وكأنه غير موجود وغير معني بالموضوع، مما يطرح تساؤلات عديدة، وهي:

أين هذا المجلس اليوم؟ وما هو دوره؟ ولماذا هذا الصمت؟ وهل أصبحت محاسبة القضاة تتم من خلال الوسائل الاعلامية؟

فما شهدناه من صمت للمجلس، حيال ما يحصل مريب جداً، يظهر المجلس وكأنه "شاهد ما شفش حاجة"، غير معني بما يحصل، أو لديه ما هو أهم من متابعة سير العدالة وتحصين القضاة، بانتظار على من ستقع القرعة من بين القضاة ليكون الضحية الاعلامية الجديدة.