"ليبانون ديبايت":
ضجّت وسائل الإعلام قبل أيّامٍ بخبرِ توقيفِ الناشطة هنادي جرجس بعد إجراءاتٍ شَمِلَت استدعائها من قِبَلِ مكتبِ مكافحةِ جرائمِ المعلوماتيّة، وتوقيفها في مخفرِ حبيش بناءً على إشارةِ القضاء، ومن ثمّ نقلها إلى نظارةِ قصرِ العدل في طرابلس عملاً بالاختصاص المكانيّ، ووضع القاضي غسّان باسيل يدهُ على الملفّ، ليتمّ يوم الاثنين تركها لقاء سندِ إقامة... وذلك كلّه بسبب منشوراتٍ دوّنتها على مواقع التواصل الاجتماعي؛ أهانت فيها العهد، ورئيس الحكومة سعد الحريريّ ووزير الخارجيّة جبران باسيل. بيد أنّ الفضيحة الكبرى في قضيّة جرجس والتي لم يُضِئ أحد عليها بالشكل المطلوب هي في مكانٍ آخر.
الآراء في قضيّة جرجس اختلفت، وانقسمت، فهناك من يعتبر أنّ الناشطة بالغت كثيراً في إهانتها للعهد والسياسيّين، وتخطّت كلّ الحدود التي لا تعترف بها "الحريّة" نفسها، وهي تمادت في التعسّف والشتم بطريقةٍ غير لائقة تستحقّ أن تُعاقب عليها، وآخر رأى أنّ ما قامت به هنادي عاديّ وليست أوّل من شتم السياسييّن والعهد ولن تكون الأخيرة، مُعترضين على طريقة توقيفها خصوصاً في مخفرِ حبيش "الشهير"، واضعين كلّ ما صدر عنها تحت عنوان "حريّة الرأي والتعبير". أمّا الطرف الثّالث الذي تعرّض بدورهِ لهجومٍ شرسٍ، أي القضاء، فقد نالَ حصّته هو الآخر، لكن من زاويةٍ معيّنة، وإنّ الفضيحة الأكبر تتمثّل في خروج هذا القضاء عن حالة الاعتكاف المستمرّة منذ 20 تمّوز الماضي للتفرّغ لملفِّ جرجس، ما يطرح علامات استفهام كثيرةٍ ومهمّة يجب التوقّف عندها.
وفي هذا السّياق، أوضحت مصادر قانونيّة لـ"ليبانون ديبايت"، أنّ "مجلس القضاء كان قد طلب من القُضاة العدليّين النظر في القضايا المُلحّة التي لا تحتمّل طبيعتها التأخير في البتّ، مُعلناً الاستمرار في الاعتكاف عن النظر في بقيّة المسائل الدّاخلة في عمل القضاء العدليّ حتّى إجراء المُعالجة التشريعيّة المطلوبة. بمعنى، أنّ للقضاة النظر فقط واستثنائيّاً بالتدابير الاحتياطيّة والقضايا المُلحّة التي لا تحتمل التأجيل مثل (النفقة، المُشاهدة، حماية الأحداث، إثبات الحالة، منع السفر، العنف الأسريّ)، وذلك فضلاً عن قضايا الموقوفين، والاستمرار بالمسائل الأخرى بتطبيقِ قرار الاعتكاف".
واستغربت المصادر "كيف أنّ أحد القُضاة أو مجموعة منهم قد تجاوزوا قرار "مجلس القَضاء الأعلى" بقضيّة جرجس بالذّات ولم يرضَ بمخالفته في مسائل أخرى وأهمّ بكثير من قضيّة الناشطة الشّابة، فلمَ خرج عن قرارِ الاعتكاف لِيَبُتّ بمسألة هنادي، علماً أنّ المحامين وكذلك الأمنيّين يصرخون من تكدّس الشكاوى والقضايا والدعاوى عندهم، والقُضاة يرفضون تقديم إشارات أو حتّى النظر فيهم بذريعة "الاعتكاف".
وإذا ما أخذنا التعاطي مع "قضيّة جرجس" لرأينا كم من الاستنسابيّة يتعاطى به بعض القُضاة الذين يُكيلون بمكيالين غير متوازيين، وهو أمرٌ يجبُ أن يكونَ مكان مُتابعةٍ؛ فاختيار هذه القضيّة التي تُصنَّف مقارنة مع غيرها بأنّها "سخيفة" يعدّ تجاوزاً زاد فوق التجاوز الأوّل المُعنون بـ"الاعتكاف" بعد أن اختار القُضاة الجلوس في المنزل!
وسألت المصادر: "لماذا قرّر القاضي تحريك هذا الملفّ بالذات، مخالفاً قرار مجلس القَضاء؟ ولماذا قرّر ذلك في قضيّة جرجس بالتحديد، فهي ليست الناشطة الأولى التي تشتمُ السياسيّين لا بل هناك العشرات الذين يغرّدون يوميّاً من هذا القبيل، ولا أحد يُحرّكُ ساكناً نحوهم. وأين قوّة موقف القَضاء في الاعتكاف والاستقلاليّة التي يُطالبون بها، في حين هم بنفسهم يخرقون قراراتٍ صادرةٍ عنهم لغاياتٍ في نفسِ يعقوب!
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News