أمن وقضاء

عبدالله قمح

عبدالله قمح

ليبانون ديبايت
الأربعاء 24 كانون الثاني 2018 - 02:00 ليبانون ديبايت
عبدالله قمح

عبدالله قمح

ليبانون ديبايت

شعبة المعلومات "تُقوطب" على القضاء

شعبة المعلومات "تُقوطب" على القضاء

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

هناك أمرّ مزعج يحصل دائماً عند وقوع أية جريمة مهما كان نوعها أو حجمها، يكمن في مسارعة بعض الاجهزة لدخول مجال عمل أجهزة أخرى مكلفة اعمال التحقيق. وفيما يدّعي جميع الذين هم فوق حرصهم على أهميّة التنسيق، يبرع من هم تحت في أعمال "القوطَبة" على بعضهم!

مثال "القوطَبة" يصلح استخدامه في وصف ما حصلَ خلال سريان أعمال التحقيق في محاولة اغتيال القيادي بحركة حماس، الفلسطيني محمد حمدان في صيدا، إذ وعلى الرغم من تكليف النيابة العام لمديرية المخابرات في الجيش اللبناني تولّي التحقيقات، التفَت شعبة المعلومات من خلف الجميع ودخلَت مسرح الجريمة ثم بدأت تحقيقاتها دون إعلام أحد.

دخول المعلومات ومن ثم عملها أتيا بشكلٍ مستقلّ عن التحقيقات القائمة، التي ومن المفترض أن تجريها الجهات القضائيّة من خلال مديرية المخابرات، ومن البديهي أن تكون الشعبة على علمٍ بأن للمديرية الصلاحيّة القانونية بتتبّع القضيّة وضرورة أن يجري العمل بالتنسيق معها، لكن جرى تجاهل الأمر وتجاوزه، ما جعلَ دخول "المعلومات" بهذه الطريقة أمراً مستغرباً احيطَ بعلامات استفهام عدّة.

المثير للانتباه الذي يصلُح بناء تساؤلات عليه، أن دخول "المعلومات" أتى في وقتٍ كان قد جرى التوصّل إلى خيوطٍ مهمّة تتعلّق بالجريمة ودوافعها ولم يكن ينقصها سوى بعض الامور التقنيّة لربط الاحداث ببعضها، كالصور الملتقطة من كاميرات مراقبة موجودة قرب وفي محيط مسرح الجريمة.

وحيث أن "الشعبة" قد تكفّلت برفع الاشرطة المصوّرة لاستخدامها كأدلة والبناء عليها في التحقيقات اللاحقة وصولاً إلى تثبيت تورّط الاشخاص الذين جرى ذكرهم، مارست نوعاً من المراوغة في تأخير تقديم عيّنات الفيديو المسحوبة إلى الجهات العدليّة والامنيّة المعنيّة، ما عرقلَ مجرى سير التحقيقات من قبل الجهات القضائيّة، لتفاجئ نفس الجهات لاحقاً بتسريب اسماء بعض المتورطين وبعض الظروف التي حصلت فيها محاولة الاغتيال، ضمن قالب كامل متكامل اوصلَ بالنتيجة إلى اتهام الموساد الاسرائيلي بالوقوف خلف المحاولة.

ولا شكّ بأن تسريب تفاصيل التحقيقات والعمليّة في الصحف صَدَمَ الجهات تلك التي كانت لا تزال تسحب الادلّة من مسرح الجريمة وتتابع أخرى توفرّت، مما افرغَ سيلاً من التساؤلات حول ما كان لدى "المعلومات" من معطيات قادتها بهذه السرعة إلى اماطة اللثام عن عمليّة أمنيّة غير سهلة، ولماذا اخفيت الخطوات عن النيابة العامة.

ثمّة تساؤلات عديدة تراكمت لدى مراقبين خلال الايام الماضية، لا تبدأ بطريقة دخول شعبة المعلومات مسرح التحقيقات وما دار حولهُ من التباس، ولا تنتهي بممارسة المراوغة على الجهات القضائيّة، وعلى جانبيها نَبتت اسئلة استقرّت قربها علامات استفهام كبرى:

- لماذا تسرّعَت شعبة المعلومات لكشف تفاصيل القضيّة على الاعلام؟
- لماذا جاء الدخول في وقتٍ كانت المخابرات تلتقط اشارات قد تكون مختلفة عمّا جرى تسريبه؟
- لماذا لم يُنتَظر فروغ مخابرات الجيش من تحقيقاتها؟
- لماذا كشفت اسماء بعض المتورطين فيما لم تكشف اسماء اخرى طالما أن صور الفيديو موجودة؟
- لماذا جرى تجاوز دور النيابة العامة، ولماذا تتصرف الاخيرة وكان ليس لها علاقة بادارة سير التحقيقات؟
- ما هي المعلومات التي طرأت فجأة حتى تقرّر تجاوز التحقيقات ومعها القضاء، واتخاذ قرار التسريب؟

وفي حين تتدعي جهات مسؤولة لنفسها القول أن ثمّة معلومات "من النوع الهام جداً" باتت متوفرة لدى المسؤولين وقد تقود إلى تغيير مجرى التحقيقات، يبقى الثابت أن لبنان ساحة مفتوحة لعمل كافة الاجهزة الامنيّة، العربيّة والعالميّة، ولا بدَّ من وجود ارتباطات وتقاطعات بينها، وهو ما جرى اغفاله في حالة اغتيال حمدان، فلماذا؟

أمّا الثابت الاكبر، فيبقى في أن الوعود التي تقطع في اجتماعات قادة الاجهزة الامنيّة، الثنائيّة والثلاثيّة والرباعيّة والخماسيّة، لناحية ضرورة التنسيق والالتزام بالتنسيق والتعاون، لا تغدو كونها عبارات يجري القاؤها لضرورات مكملة لصورة ارتشاف القهوة لا أكثر.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة