"ليبانون ديبايت" - ريتا الجمّال:
المدارس فتحت أبوابها، وكذلك فعلت الاسواق والمحال التجاريّة، والمستشفيات، والدكاكين، وسط تجوّل الناس في الشوارع لتشتري الاغراض المنزليّة، اوالتسوّق، وللذهاب الى اشغالها كأيّ يوم عاديّ... هكذا كانت ردّة فعل منطقة الحدث صباح اليوم بعد حادثة ليل الأربعاء والغليان الذي شهدته المنطقة.
حوالي السّاعة العاشرة، من مساء الاربعاء، توجّه موكب سيّار ترافقه دراجات ناريّة رافعين أعلام "حركة أمل" الى ساحة الحدث، جابوا شوارعها وبدأوا بإطلاق النار في الهواء، ما دفع أهالي وشباب ونساء المنطقة الى الاستنفار والنزول ارضاً للدفاع عن بلدتهم. سارع الجيش اللبنانيّ الى التدخّل وملاحقة مطلقي النّار.
وبدأت الاتصالات على خطوط حزب الله، وحركة أمل والتيّار الوطنيّ الحرّ لضبط الشّارع ومنع المُناصرين من الاشتراك في أيّ حراك من هذا النوّع، ولا سيّما بعدما نفت الحركة علاقتها بالموضوع، وكذلك نزل النائب الان عون الى قلب الحدث، لتهدئة النفوس مُطلقاً صرخة فيها الكثير من الغضب والقلق والحزن على ما وصلت اليه الامور راجياً عدم ايقاظ الشياطين النائمة.
عضو بلديّة الحدث السّيد جورج حدّاد، الذي بدا القلق على وجهه كما التعب بعد ليلة أمنيّة صعبة ودقيقة، يتحلّى في الوقت نفسه بالتفاؤل والايمان بوعي النّاس وأهالي المنطقة، وتمسّكهم بثقافة الحياة والتعايش المُشترك، بعد تجارب الماضي القاسية التي علّمتهم التحلّي بالمسؤوليّة وحسن ادارة أي إشكال لتفادي السقوط في أيّ فخّ أو مُخطّط يهدف الى اشعال نار الفتنة.
حدّاد أشار لـ"ليبانون ديبايت" الى أنّ "المظاهر المُسلّحة التي انتشرت بالأمس في المنطقة، خلقت جواً استفزازيّاً، ودفعت الأهالي وخصوصاً الشباب منهم للنزول الى الشّارع، فما كان من الجيش سوى ان تدخّل سريعاً وبكثافة لقطع الطريق أمام حصول أيّ احتكاك، ولمنع تطوّر الوضع نحو الاسوأ".
ونوّه حدّاد بطريقة تدخّل مسؤولي حركة أمل لضبط الأمور، وبدور حزب الله في احتواء الموقف، حفاظاً على السلم الأهلي. وقال إن "منطقة الحدث ليست مكسر عصا، وليس من السهل استفزاز هذه البيئة. ما بني خلال السنوات الماضية لن تدمّره او تسقطه أية حادثة، بيد أن حصول أحداث كالتي وقعت أمس من شأنها أن تخلق جوّاً متوتّراً وردود فعل لا يُمكن ضبطها دائماً خصوصاً من قبل الشباب الذي يلتصق به عادةً وبشكل عام طابع التهوّر، وسرعة الاستفزاز".
انطلاقاً من هنا، "نأمل ألا تتكرّر هذه الحادثة، مش كلّ مرّة بتسلم الجرّة، اذ لا يكفي التنصّل من المسؤوليّة، وعلى كلّ الجهّات السياسيّة أن تعمل ميدانيّاً لمنع نزول شبابها ومناصريها الى الشارع الذي من شأنه أن يستجرّ الشارع الآخر، وضرورة وقف منطق التجييش، وحلّ الخلافات بالأطر السلميّة والديمقراطيّة وضمن السّاحة السياسيّة".
وأكد أنّ "العناية الالهيّة ساهرة على أمن المنطقة، وجنّبتها كارثة حقيقيّة، خصوصاً أنّ الاماكن التي دخلها الموكب تعدّ شعبيّة ومأهولة بكاملها، ونزول نقطة دم واحدة كانت ستشعل المنطقة بحالها، من هنا نأمل ألا يتكرّر الامر، وهناك اجراءات امنية مكثّفة لمنع الاحتكاكات بين الأطراف المُختلفة".
وخلال الجولة التي قام بها "ليبانون ديبايت" بالمنطقة، في ساحة الحدث والشهداء، الشّاهدة الاكبر على تاريخ مليء بالنضال والدماء، لوحظ أن الحركة جدّ طبيعيّة، مع انتشار أمني وبلدي لافت. لكنّ أهمّ ما في المشاهدة السريعة، كان رؤية مدى الاختلاط الكبير بين النّاس رغم الاختلاف الديني، وروح التعايش الموجودة. فالمدارس في الحدث تضمّ المسيحيين وكثيراً من الطلاب المسلمين الذين توجّهوا كالعادة الى الصفّ للدراسة من دون أن تؤثّر بهم مشاهد الأمس، كذلك نزل المسيحيّون الى الصفير والكفاءات والضاحية وكأن شيئاً لم يكن، في صورة يجب أن تبقى ببال كلّ من يحاول أن يزعزع هذا الاستقرار.
"ليبانون ديبايت"، التقى بعض الناس والعاملين وشباب من الحدث، الذين أكّدوا جميعهم أنّهم لن يقعوا في فخّ الفتنة، وأنّ هذه البلدة التي روت أرضها دماء آلاف الشهداء، تريد أن تحافظ على الاستقرار وروح التعايش، كي لا يذهب ايّ نضال هدراً. وهذه البيئة التي تجمع المسيحي والمسلم على ارض واحدة يجب ان تكون مثالاً يحتذى به للعيش المُشترك والروح الوطنيّة، وارثاً قيّماً لأجيال المُستقبل، غنيّ بالمحبة لا قائماً على دين مليء بالكره والعدوانيّة.
شباب الحدث اعتبروا أنّ اللجوء الى القوّة ومنطق الشّارع سهل جدّاً، لكنّ القوّة الحقيقيّة تكمن في حلّ المشاكل والازمات بالأطر والوسائل السلميّة والحضاريّة، ولن يجروا الى أيّ إشكال أو يقعوا في المحظور، والمنطقة ستبقى صامدة ومُحصّنة بوعي أهلها.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News