"ليبانون ديبايت" ــ فيفيان الخولي
عندما لمّح رئيس مجلس النواب نبيه برّي في إحدى تصريحاته إلى عدم إمكانية رئيس الوزراء سعد الحريري زيارة عين التينة لأنه "مشغول"، جاءه الردّ سريعاً من بيت الوسط، أن الأخير مشغول بالمؤتمرات واللقاءات من أجل مصلحة لبنان. لكن هذا الانشغال لا يصب لمصلحة البلاد دائماً، إذ إن هناك اعتبارات شخصيّة يفرضها الوضع السياسي القائم في البلد، في ظلّ تشرذم التحالفات غير تلك الانتخابية عشية الاستحقاق النيابي.
أضف إلى أنّ ندوب تشرين الثاني لم تُشف بعد، وعلّمت رئيس الحكومة الشاب دروس كثيرة داخلية وخارجية. وفي ما يخصّ الأولى، تجري إعادة تأهيل العلاقات على وتيرة تتسارع، تدريجياً، لتواكب 6 أيار المقبل.
أمّا خارجياً، يسعى الحريري إلى "توسيع المظلة"، لأنّه أدرك تماماً أنّ تحجيم العلاقات ضمن أطر بلد معيّن لا يضمن له استقراراً سياسياً، ويقتصر على الماديات التي تترنّح بدورها، وفقاً لمصالح الدولة المرتبط بها، والدليل، ما واجهه الحريري قبل أزمته، وخلالها، وما بعدها على صعيد العلاقة مع السعودية.
وعلى الرغم من محاولات رئيس الوزراء إثبات العكس في ما يخصّ زعزعة العلاقة مع المملكة، توحي الاستراتيجية الجديدة في جولاته الأوروبية الرسمية والشخصية إلى أنّ الرجل يسعى إلى تثبيت حضوره دولياً، للحفاظ على مركزه لبنانياً. وهي الاستراتيجية التي اتبعها والده رئيس الحكومة الراحل الشهيد رفيق الحريري.
وجاءت زيارة الحريري إلى تركيا بدعوة من نظيره التركي بن علي يلدرم لتعيد الذبذبات التي خفّت، أخيراً، على خط بيت الوسط ـــ الرياض. وعلى الرغم من معرفة رئيس الوزراء سلبية صدى هذه الخطوة، يبدو أن هذا التحرّك مدروس، إذ يدرك أنّ ثقل أنقرة أقوى من السعودية سنّياً دولياً، لكن الصيت يبقى للسعودية.
كما أن الصراع الخليجي جعل تركيا تنحاز نحو قطر، بشكل غير مباشر، والأخيرة تربطها علاقات ومصالح بإيران، ويُقارن هذا الوضع بتقارب الحريري مع هذا المحور داخلياً، بتليين المواقف مع حزب الله، في أكثر من مناسبة.
الحريري لا يمكنه كسر الجرّة بشكل مفاجئ مع المملكة، يحاول الخروج من البيت الخليجي، مع ترك بعض الأثار، وهو أشبه بانقلاب ناعم، إذ يسعى عبر هذه الزيارات إلى موسكو وأنقرة، وباريس، إلى تهيئة جمهوره دولياً، كما فعل داخلياً على صعيد تمتين العلاقات مع الفريق المناهض له، تحت مظلة "المصلحة الوطنية".
من المؤكد أنّ تركيا لا تعوّض الدور السعودي مادياً، لكنها حتماً تكسبه الدعم الدولي لتوطيد العلاقات، باعتبار أنّ تركيا مخضرمة في لعبة المصالح، ويمكنها تقوية مركز الحريري على هذا الصعيد، وهو ما يحاول الأخير توظيفه لمصلحة الطائفة لبنانياً.
في المقابل، ينتج عن فك الارتباط مع المملكة سعي الأخيرة إلى تقوية خصومه لبنانياً، إن من داخل الطائفة أو خارجها، وهو ما بدا واضحاً، في الفترة الأخيرة، على صعيد دعم جهات موالية لها، لضربه انتخابياً. وعلى الرغم من عدم قدرتها على إنجاح هذه الخطة، حالياً، يبقى مفعولها سارياً للاستحقاقات المقبلة.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News