"ليبانون ديبايت" ــ فيفيان الخولي
حين تساءل البعض عن هوية كاتب كلمة رئيس الحكومة سعد الحريري في الذكرى الـ13 لاغتيال والده رئيس الحكومة الشهيد رفيق الحريري في مجمّع البيال، وسط بيروت، أجاب أحد المخضرمين السياسيين اسمها خبرة وكنيتها الحريري.
هي من العائلة. هي خبرة الابن المثقل منذ 13 عاماً بدم الشهيد الممزوج باستقرار لبنان مع محاولة تثبيت الاعتدال الطائفي، والمقيّد بحلفاء اليوم، وأسير "حلفاء الأمس"، بانتظار العدالة. مزيج متناقض انعكس على الذكرى التي جمعت ما يستحيل جمعه.
وحده حزب الله القاعدة الوحيدة الثابتة في إبعاده عن هذا المشهد مع التأكيد على أنه لن يكون يوماً حليف، أضف إلى 11 وصيّة (ثوابت) عددها الحريري، 6 منها ضد الحزب، ما يعني أنّ جميعها ثوابت الحريري والحلفاء المغيّبون.
لم يعودوا حلفاء. قسّمهم الرجل بين أصدقاء الماضي، وكان لهم حصة كبيرة من الإهانات، وأصدقاء الحاضر الذين تغيّبوا أو غُيّبوا، وهنا المعضلة، وحلفاء اليوم، وهو المشهد الذي عبر فعلاً الحدود، واستفز المقربين قبل الخصوم.
لم يبالِ الحريري بعملية الاستفزاز التي سبّبها لعدد كبير من جمهوره وللأصدقاء، كما يسمّيهم. هؤلاء أيضاً تعرّضوا للإهانة. منهم مَن انسحب لأسباب بروتوكولية وسوء تنظيم. آخرون جلسوا أمام الشاشة يتأملون، ربما يتذكرون أنه في يوم ما، كانوا هناك يجلسون، واستُبدلوا.
لا أحد يمكنه منع الحريري من نقل البارودة من كتف إلى آخر، إذ كثيرون غيره فعلوا الأمر ذاته. هي عادة لبنانية قديمة جديدة والأسباب متعددة. وحده دم الشهيد بل مسبحة الشهداء التي تمنع جلوس شخصيات تسخر من عدالة المحكمة الدولية المنتظرة، وأكثر من ذلك، تدافع عن متهمين بقتل "الرفيق"، وأخرى تؤمن بالوجود السوري، في الصفّ الأوّل، وإلى جانب "من يجب أن يكفّي درب الشهيد".
قليلون من برّروا الموقفين السريالي والبروتوكولي، علناً، وآخرون قالوا "المهم الحريري مرتاح". هل فعلاً الحريري مرتاحاً؟ لما لا، الجميع يبحث عن مصلحته، فلماذا هذا الرجل يُلام على خياراته؟ حلفاء اليوم أصبحوا حلفاء "أصدقائه" أيضاً. ألا يحقّ له ما يحقّ لغيره؟ بالطبع نعم. كما يحق له الردّ على من ينتقده ولوم من يحمل الأحقاد في الوقت الذي يسعى فيه الرجل إلى بناء بلد حرّ وحضاري. يحلم كمواطن وزعيم.
لكن هذه بعض وصايا الحريري التي تقول العكس. وهنا العودة إلى التناقض، وإلى خط المواجهة حيث لا يزال يقف حلفاء الماضي، في حين قرّر هو الانسحاب لصالح الوطن: "حماية لبنان من ارتدادات المنطقة، ورفض التدخل في شؤون البلدان العربية، واعتبار الأحكام التي ستصدر عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان ملزمة للسلطات اللبنانية بملاحقة المتهمين وتوقيفهم، والتأكيد على حصرية السلاح بيد الدولة ومؤسساتها الشرعية، وقرار النأي بالنفس عنوان أساسي ولن يكون حبراً على ورق، والالتزام بالقرارات الدولية وفي طليعتها 1701".
ربما يريد الحريري تنفيذ هذه الوعود بدبلوماسية. لكن لحظة، أين هي تلك الدبلوماسية عندما اتهم من كانوا أصدقاء بأنهم "يهوبرون ويزايدون وهني عم يشتغلوا عند حزب الله"؟ اتهمهم بالعمالة مع الحزب. علّ الصوت، "لن نساوم لن ننسى"، و"مواجهة تاريخ الوصاية في لبنان والتحرّر من ضغوطها". مواجهة وتحرّر من الوصاية! من كان واقفاً عن يمينك؟ ومن نال حصة من الغمرات في الصف الأوّل؟ "منرفض أي تحالف مع حزب الله". وقف الجميع، رُسمت الابتسامات، وطال التصفيق.
قال المقربون إن كلامه ليس لشدّ العصب في زمن الانتخابات، ولو كان فعلاً هذا الهدف، لبُّرر التناقض. لكنه بدا كلاماً نابعاً عن قناعة، قناعة الحلفاء القدماء. إذاً لا يزال الحريري هناك، عند خط المواجهة حيث هم، لكنه يحاول التماهي مع الأمر الواقع، أو ربما هو الانتقام. وحده 6 بل 7 أيار المقبل يثبت هذه الحقيقة أو العكس.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News