رحلات سرية لنقل متعاقدين روس إلى سوريا

في ركن منزوٍ بصالة المغادرة بمطار روستوف جنوب روسيا اصطف نحو 130 رجلاً، يحمل كثيرون منهم حقائب مكدسة شبيهة بالحقائب التي يحملها الجنود، أمام أربعة مكاتب لفحص أوراق السفر، وتحت شاشات لم تظهر عليها أية أرقام للرحلات الجوية أو وجهات السفر.

الرحلات الجوية من روستوف وإليها، والتي لم توثقها أي منظمة من قبل، يجري تشغيلها من قبل شركة أجنحة الشام ووصفت أرملتا متعاقدين آخرين قُتلا في سوريا كيف وصلت جثتا زوجيهما إلى ديارهما وعندما سأل أحد مراسلي "رويترز" الرجال عن وجهتهم، قال أحدهم: "وقعنا على ورقة.. لا يُسمح لنا بالحديث. في أي لحظة سيأتي المدير ونواجه مشكلة". وأضاف محذراً: "وأنت أيضا".

كانت الطائرة الإيرباص إيه320 المستأجرة التي تنتظر على مدرج المطار قد هبطت للتو قادمة من العاصمة السورية دمشق، ونزل منها نحو 30 رجلاً في منطقة الوصول المهجورة إلى حد بعيد. وكان معظمهم يرتدي الزي المموّه وأحذية الصحراء الكاكي. وكان بعضهم يحمل حقائب من السوق الحرة في مطار دمشق.

وكشف تحقيق لرويترز في أمر شبكات الدعم اللوجستي لقوات الحكومة السورية أن هؤلاء الرجال متعاقدون عسكريون روس، وهم أحدث مجموعة ينقلون ضمن رحلات جوية سرية باستخدام طائرات مدنية لنقل الدعم العسكري للرئيس السوري بشار الأسد في حربه المستمرة منذ سبع سنوات ضد مسلحي المعارضة.

لم تكن الطائرة الإيرباص التي نقلت هؤلاء سوى واحدة من عشرات الطائرات التي كانت في السابق مملوكة لشركات طيران أوروبية وأمريكية، ثم نقلت عبر شبكة من الشركات الوسيطة إلى شركات طيران شرق أوسطية تخضع لعقوبات الولايات المتحدة، وهي تحركات تقول واشنطن إنها تساعد سوريا في تجاوز العقوبات.

وتكشف العملية الثغرات في نظام العقوبات الأمريكية الذي يستهدف حرمان الأسد وحلفائه في الحرس الثوري الإيراني وجماعة حزب الله اللبنانية من الرجال والعتاد الذي يحتاجون إليهم لحملتهم العسكرية. كما تقدم صورة عن الأساليب المستخدمة لإرسال متعاقدين عسكريين روس إلى سوريا، وهو أمر يصر الكرملين على إنكاره تماماً. ويقول مسؤولون روس إن وجود موسكو في سوريا يقتصر على الضربات الجوية وتدريب القوات السورية وأعداد محدودة من جنود القوات الخاصة.