المحلية

الأربعاء 18 تموز 2018 - 01:00 LD

ماذا تحضّر السعودية للمنشوق؟

ماذا تحضّر السعودية للمنشوق؟

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

من الواضح أن الحفاوة التي استقبل بها وزير الداخليّة والبلديات في حكومة تصريف الأعمال نهاد المشنوق في مدينة جدّة السعودية لا تندرج ضمن البرتوكول المتبع سعودياً في استقبال الزوار الرسميين من غير الرؤساء. ومن الواضح تماماً أن في حفاوة الاستقبال شيئاً من هذا القبيل وتستبطن رسائل متعددة التفسيرات لا بد أن المعنيين الاساسيين بتلقيها انكبوا على دراسة مؤشراتها.

في المقابل، فقد المشنوق هذه النسبة من الحفاوة داخل بيئته السياسية كنتيجة لخطط اخراجه التي سقطت في الانتخابات النيابية لكنها نجحت في الحكومة، وبات يفتقر الى المظلة الزرقاء الصافية رغم أنه كرّر مرتين بالحد الادنى انه ليس في وارد الخروج عن طاعة مرجعيتها. في ذات الوقت تُستبطن امور عرجاء ضد المشنوق في بنات أنفس الزرق ثمة مجال لتفسيرها انطلاقاً مما يرصد على صفحات مواقع التواصل.

حطَّ الوزير المشنوق في جدّة. من المؤكّد أن الزيارة غير عادية، وخير الاستدلال على ذلك نوعيّة الاستقبال الذي خصّص للضيف. ما يجعل الزيارة محط أنظار تزامنها مع تبدلات سياسية – تنظيمية طرأت على حياة المشنوق، بدء بقرار ازاحته عن الوزارة وصولاً الى انتفاضته المكشوفة على تيار المستقبل.

وهناك عدة أطراف ذهبت في تفسيراتها الى ما يبرر هذه الاحاطة بالزيارة. بغض النظر عن انها الزيارة الرسمية الأولى للمشنوق الى السعودية منذ تولّيه وزارة الداخلية في العام 2014، تأتي بعد فترة البرودة التي شابت علاقة الجانبين بعد حادثة "دار الفتوى" الشهيرة، وثمة اعتقاد لديهم أن السعودية تريد معالجة ذيول وتراكمات مرحلة "خطاب الغنم" والاسلوب الفج الذي ضرب وقعه عميقاً في المملكة.

بين هذه الخطوط جاءت الزيارة ومن حسن الكلام ذكر أنها قيد التدبير والاعداد منذ ما قبل الانتخابات، إذ وجهت للمشنوق بطريقة رسمية كان "ليبانون ديبايت" قد كشف عنها بعدد سابق.

وبما أنه من صغر العقل ربط موضوع الزيارة باستجداء وزارة كما يعمّم البعض، كبر العقل يلحظ الترتيبات المرافقة لها، من نوعية اللقاءات وأهميّتها والسياق الذي جاءت به والاهتمام الذي لف الضيف به والمقدار العالي من العناية.

أوساط قريبة من المشنوق ترد الزيارة في أصلها إلى الدعوة التي تلقاها قبل الانتخابات النيابية، لكنها تقدم جانباً استشارياً تستند إليه، إذ تتحدث عن ان المملكة "مهتمة" باستمجاج رأي المشنوق من التطورات المحلية الحاصلة، ومن الانتخابات وطبيعة ما نتج عنها الى الحكومة والقواعد التي ترعى تشكيلها. وفي تقدير هذه الاوساط، اهتمام قيادة المملكة في سماع رأي المشنوق يعني ان الرجل من اصحاب المشورة الذي يستأنس السعوديون في الاستماع اليه.

من جهة أخرى، ثمة من بدأ يبحث عن الرسائل الصادرة عن الزيارة، وهذه الجهة تأخذ في بالها أن من وجه دعوة للمشنوق، أي نظيره السعودي عبد العزيز بن سعود بن نايف، لا يؤخذ على انه وزير للداخلية في بلاده فقط بل مشروع ولي عهد بالمرحلة المقبلة حين يتبوأ ولي العهد الحالي محمد بن سلمان منصب الملك.

أكثر من ذلك، ثمة اشارة الى جانب اللقاءات والاجتماعات التي خاضها المشنوق مع رئيس الاستخبارات السعودي خالد حميدان ورئيس جهاز أمن الدولة الفريق أوّل عبد العزيز الهويريني. ورغم ان الصورة الواضحة تضع اللقاءات ضمن الشق الامني البحت المعني بإدارة المشنوق، لكن بالنسبة إلى قارئين بين السطور، فالموضوع يتجاوز ذلك، إذ ان الرجل راحل عن الوزارة وبالتالي فقد القدرة على الادارة او اصدار قرارات اصيلة من موقعه ترتبط بالشق الامني، فما معنى ان تبحث قضايا امنية مع وزير تصريف اعمال؟

وفي الاستخلاص، يذهب هؤلاء للاعتقاد ان المشنوق ربما ناقش مع الشخصيات المعنية اموراً تتجاوز موقعه ومسؤولياته الحالية. وفي هذه الحالة ينطوي عن الزيارة ثم اللقاءات رسائل مباشرة الى وجهتين، رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري والشارع السني.

الرسالة الاولى يفهم منها ان زمن الحصرية والاهتمام بمرجعية سنية واحدة تبدل في زمن بن سلمان، والاستدلال لا ينحصر في المشنوق فقط بل في رئيس الحكومة الاسبق نجيب ميقاتي الذي اسمع الحريري قبل مدة احاطة حول ضرورة التعاون معه. يبقى المعنى والمغزى في الرسالة الثانية الموجهة للشارع السني التي اتت في غمرة الموجة والحملات ضد المشنوق، ليبقى السؤال ما هي الرسالة بالضبط وكيف ستصرف؟

الأمر الثاني المهم، ما الذي تريده السعودية من وراء زيارة المشنوق وابرازه بمظهر الزعيم؟ هل تحضره لتبوأ مهمة ما في صيغة ما؟ أم انها رسالة تنحصر ضمن شق عدم حصرية المرجعية السنية؟

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة