المحلية

الخميس 26 تموز 2018 - 01:00 LD

حزب الله النسخة رقم 2

حزب الله النسخة رقم 2

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

في كواليس المفاوضات حول ترتيبات الوضع في الجنوب السوري ابلغ حزب الله بحزمة اتفاقات جرى عقدها برعاية روسية، تقضي بتراجعه عسكرياً عن هذا الخط على ان يترك امنها للقوات السورية بالاستناد الى اعادة تفعيل خط هدنة العام 1974.

صور قرار التراجع وكأن دمشق ساومت تل ابيب بطريقة غير مباشرة وبرعاية روسية على تنظيف المنطقة من دون قتال. مقابل ذلك لبّت شرط اسرائيل ابعاد حزب الله، حتى ان البعض سرح بمخيلته الى حدود عقد الاتفاق يمثل البدء بالعد العكسي لإخراج إيران وشريكها حزب الله من الميدان السوري من قبل الرئيس بشار الاسد الذي وجد مظلة روسية أكثر امناً.

من الوجهة النظرية، الامر غير مضر لحزب الله. ففي حال اتخذ عامل المفاضلة كاعتماد مادي للدرس، نجد ان وجود قوات من الجيش السوري يندرج من ضمن مصلحة الحزب بعيدة المدى في المحافظة على "ستاتيكو" عسكري بالاستناد الى حلفه الاستراتيجي مع الجيش والدولة السوريتين، على عكس حالة الفصائل المسلحة الواقع في حالة حرب وعداء معه.

ولكي يجري تصديق تلك الروايات، سرب اعلامياً ان حزب الله يقوم بتخفيف قواته العاملة في سوريا الى حدود النصف. ولتأكيد المعلومة، جرت الاشارة الى غيابه عن المشاركة في معارك ميدانية منذ فترة واكتفائه بعمليات الدفاع عن مواقع التماس التابعة له. بيد ان الواقع يؤكد أن أي تغيير لم يطرأ على الوضع العسكري المعمول به.

حتى ان البعض حاول اشاعة اخبار حول ان حزب الله خرج خالي الوفاض من مسطح جغرافي اعطاه اولوية في العمل السري وحدد له آليات وفقد على ترابه مجموعة شهداء، نظراً لأنه اجبر على التراجع، في حين ان هذه المروج سقط من باله ان قبول الحزب التراجع لم يكن ليتم لو انه لم يقبض على ثمن، فما هو هذا الثمن؟

يدرك المشتغلون على خط استطلاع الحرب السورية، بالمعلومات والوقائع، ان العلاقة القائمة بين إيران والدولة السورية (النظام) وتحديداً مع الرئيس بشار الاسد هي علاقة بنيت على اسس عقائدية باختلاف العلاقة مع روسيا المبنية على قاعدة المصالح السياسية المتبادلة، معنى ذلك ان الاتفاق العقائدي راسخ اكثر من نظريه السياسي الخاضع للتحرك.

لا يجب طمس حقيقة ان حزب الله بقي متواجداً على خط الجولان لأربعة أعوام، وباعتراف الخلية الأمنية والاستخباراتية الاسرائيلية، عمل على تأسيس نواة عسكرية شبيهة بتلك التي اعتمدها في جنوب لبنان ما قبل العام 2000، ما يدل ان فترة الـ4 سنوات بكل ما فيها من طلعات ونزلات وترتيبات ميدانية، اعطت حزب الله فسحة كبيرة من الوقت سمحت له بالتفكير والتخطيط لاستراتيجية ثم تطبيقها في المنطقة على نحوٍ اظهر لاحقاً نتائج.

وفي المفهوم النظري، بات حزب الله يمتلك ذراعاً تخوله الاعتماد عليها في الفترة المقبلة، وبالتالي لا يعود من حاجة للتواجد بشكل مباشر، ويجعل من اشرافه ذات حركة سرية كتلك الجاري اتباعها في الجنوب اللبناني.

الاستدلال على هذه النتيجة ليس صعباً في حال جرى اعتماد الرواية الاسرائيلية للمشهد. قبل مدّة قال سفيرها في الأمم المتحدة، داني دانون، أن لدى إيران قوة قوامها 80 ألف مقاتل شيعي في سوريا، كان يقصد ان إيران بنت قوة عسكرية والحقت بها اخرى للتعزيز، اي انها اسست لقاعدة عسكرية ثابته.

ثبت كلامه بعرض صور أمام مجلس الأمن تظهر مركز تجنيد مركزي يقع على بعد خمسة أميال من العاصمة دمشق، زاعماً ان إيران تستخدم سوريا لبناء جبهة ضد إسرائيل وتخطط لإنشاء جماعات شبه عسكرية مساعدة تقوم على نموذج حزب الله، ثم تضع الملف بعهدته.

استتبع ذلك بكلام اسرائيلي حول ان نشاطها الجوي ــ الاستعلامي، لاحظ تزايداً برحلات الشحن الايرانية إلى سوريا والتي تتضمن عادةً نقل اسلحة واعتدة ومقاتلين. ترافق التقرير مع صدور آخر أميركي أشار الى المضمون نفسه.

ولكي يجري اكتشاف الموضوع اكثر، اوردت صحيفة يديعوت احرنوت قبل مدة، تقريراً تضمن تحليلاً حول خطط المواجهة بين ايران - حزب الله - اسرائيل في المستقبل، كان اللافت انها لن تكون مواجهة كلاسيكية من خلال جيوش، بل وفق طريقة استخدام حزب الله، اي الاعتماد على فصائل وقوة تعمل تحت جناحه، قوامها مقاتلون سوريون درّبهم حزب الله للقيام بعمليات حين تلجأ ايران او الحزب للرد في بيئة غير لبنانية.

يعود بنا الحديث الى المقام الاول، اي تأمين حزب الله لاستراتيجية وتصريفها على نحوٍ يخدم تفكيره العسكري.

يقود هذا الكلام إلى حزب الله السوري الذي بات انشاؤه متقدماً والمؤلف من عناصر سورية من ابناء القرى الواقعة على طول الخط الحدودي مع الاراضي المحتلة، يعني ذلك انه بات لحزب الله قاعدة حيوية ذات بنية تحتية محلية ثابتة، اي انها تكون خارج أي اتفاق ذات منحى اقليمي.

وتالياً يدرك السوري والروسي والاسرائيلي ان وجود حزب الله "السوري" بات راسخاً وليس في الامكان اخراج اعضائه من المنطقة تحت مسمى "اخراج حزب الله" نسبة لانتمائهم الى قرى المنطقة واعتبارهم مكوناً سورياً رئيسياً.

وبالشكل العام، يعني كل ما تقدم أن حزب الله "العادي" لديه قوة تملأ فراغ خروجه ليس فقط من الجنوب السوري بل من سوريا ككل.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة