"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح
على الرغم من كل الورشة و"الدوشة" التي تدور في مسار تشكيل الحكومة، لا تزال مراجع معنية عند رأيها في ان ما يجري لا يغدو أكثر من جعجعة بلا طحين، وان البحث في مكان والمشكلة في مكان آخر، وان الحديث عن ورشة العقد، بالاستناد الى الحلول التي تعمم وتروّج، لا تخرج عن السياق الذي حكم مرحلة التأليف منذ اليوم الاول، بمعنى ان العقد مقفلة لا تتحرك. وتبعاً لذلك تحتاج الورشة الى توفّر نيّة انقلابيّة 180 درجة كي يصار الى الوثب باتجاه الحل.
حتى الآن لم يثبت ان حصل العكس وقرّر المعنيون الخروج من نفق التعقيد. مسار الايام الفائتة يثبت ذلك بالاستناد الى تجمد محركات الدفع وورشات العمل، وان الكلام السلبي الذي يجري تناقله في مجالس سياسية يطغى على الايجابي ويكشف ان حفنة اضافية من الجمود في طريقها نحو التكدس. وتأسيساً ثمة معطيات توفرت ان الجميع ينتظر اشارة معينة في وقت معين، كما درجت العادة، وان الجميع يناور باستخدام التفاوض السياسي.
راجت مقولة قبل قمة هلسكني التي جمعت الرئيسين الاميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين، ان على المعنيين المحليين بالتشكيل ترصّد الحلول والاستعداد لاستقبال الانفراجات على شكل جرعات لكونها ستطبع على موجات اقليمية تقع على نفس الترددات الداخلية، لكن ظهر بعد ما يقارب الشهر ان جرعة التفاؤل كانت هلامية ولم يحدث ان تغير شيء.
وفي قراره المتابعين، ان العقد الداخلية التي يحكى عنها ليست سوى انعكاس لعقد اقليمية أكبر. معنى ذلك ان العقد الداخلية تصبح قيد التحلل في حال جرى تفتيت العقد الأكبر منها، ويصبح عندئذٍ تشكيل الحكومة مسألة ايام ترتبط باجتماع واحد يعقد بين اركان الدولة الثلاث وتنتهي الامور.
في خلاصته، ان جميع القوى سيما المعنيين منهم هم في وضعية انتظار ما ستسفر عنه التسويات الدولية للوضع الإقليمي التي بدأت تتبلور على أكثر من جبهة ليبني على الشيء مقتضاه.
ولا تشي مصادر مواكبة سراً ان افصحت عن معلومات لديها تتعلق بتعميم وصل الى ساسة يتضمن تعليمة بالترقب والانتظار والتعطيل ريثما تنجلي الأمور في الاقليم. ومن الواضح ان الرسالة ربطت فترة تمتد من 3 الى 6 أشهر كي يتضح المشهد أكثر. في ضوء هذه المعلومة يصبح ميزان التشكيل يفترض ان يبدأ فعلياً بين 3 و6 أشهر مقبلة.
يتطابق هذا التسريب مع معلومة يجري تداولها على نطاق واسع، تجزم ان التأليف قد يطير الى فترة الخريف وربما اوائل الشتاء، تبعاً لمسار الحل الاقليمي الذي يجري طهيه في أكثر من مطبخ وليس من السهل استخراج وجبة سريعة منه.
واستلحاقاً، يظهر من عملية التفقد التي اجرتها مرجعيات لمعرفة السر الكامن خلف هذه الاجواء، ان الامور قيد التبدل في سوريا واليمن مترافقة مع تغييرات متوقعة على الصعيدين العراقي والايراني. ولكون لبنان واحة مؤهلة للجذب، يصبح ملتزماً الحلول في المنطقة كي يصل الى حلوله.
ثمة معلومات تشير لبداية تحول جذري في مسار الحرب باليمن بعدما ثَبت انتفاء القدرة على احداث تغيير بنيوي بواسطة الحرب. تبقى العثرة ان المخرج لا يجب ان يكون تنازلياً كي لا يحدث فرقاً مدوياً.
وهناك حديث عن اللجوء الى "واسطة" من خارج سلم التحالف، يقوم على مستويين. الاول فرنسي ينشط على خط واشنطن ــ الرياض في المرحلة الاولى وقد يتحول بشكل اوسع الى صنعاء بالحصرية لا الوكالة، يقوم على اساس عدم اهلية المعركة العسكرية وافضلية اللجوء الى حل.
الثاني عُماني يأتي بسياق معزول عن الفرنسي لكن يترابط معه من حيث المصلحة. يجري على خط الاميركيين ويستند على الدور الفعال الذي لعبته مسقط خلال المفاوضات الايرانية ــ الاميركية. لكنه يدور وسط تكتم شديد حول بنوده، علماً ان تسريبات طفيفة تحدثت عن تسويق فكرة عقد لقاء تفاوضي أول في العاصمة العُمانية.
على المستوى العام يعتبر الخطان متوازيان يهدفان لإخراج العالقين في الوحول اليمنية التي زادت عمقاً بعد "فشل الحُديدة".
على المستوى السوري هناك اعادة تموضع واضحة في السياسة بحيث ان مساحات سيطرت المعارضة ضاقت الى الحد الاقصى الذي جعل من النظام منتصراً دون ان يعلن عن ذلك، وسط معلومات عن قيادة روسية لإعادة ترتيب اولويات الوضع السوري قبيل الانتخابات المقبلة عام 2019، يقوم على استخراج حل يقود الى ضم المعارضة الى سيناريو الحكم بالاستناد الى النتائج.
ايرانياً ركل الرئيس الاميركي دونالد ترمب الكرة الى طهران بعد اعلان استعداده للجلوس الى طاولة مفاوضات مباشرة مع القيادة الايرانية "دون شروط مسبقة". وبصرف النظر عما يصبو اليه ترمب، تعتبر الخطوة بحد ذاتها عملية انقلابية. يأتي ذلك في مستهل دخول جرعة عقوبات معززة حيز التطبيق.
وفي الاستنتاجات المتراكمة، ان الوضع الاقليمي يتبلور بطريقة ايجابية لصالح الخط الايراني ــ السوري ــ اليمني المتحالف مع حزب الله، لذا يصبح التريث قائماً على مستويين:
- مستوى 14 آذار القديم المتريث حتى تبلور الصورة بشكل اوضح
- مستوى 8 آذار التقليدي الذي ينتظر شكل ما سيقدم عليه المحور المقابل من تنازلات
وفي المعلومات، ان ايعازاً خليجياً ورد الى مرجعية رئيسية يقضي بالتشدد في تلبية مطالب حلفاء محور 14 آذار القديم ثم اجراء اعادة تموضع نصفية من دون اخذ مواقف مستفزة، وانتظار تهيؤ الفرصة للقيام بالتفافة سياسية كاملة بحسب النتائج الذي ستفضي اليها الاجواء الاقليمية.
معنى ذلك ان الكل يتريث بانتظار والكل يرمي التعطيل على الكل، والجميع يستفيد ويستثمر في التعطيل، وللكل مصلحة في احالة التعطيل وجعله طربوشاً ينتقل من رأس الى رأس، حتى يوفر المدى الاقصى من المماطلة والتسويف. في نهاية المطاف سيكون هناك حكومة، لكن ذلك لن يكون قبل تبلور الوضع الاقليمي، نتحدث هنا عن فترة 3 الى 6 أشهر.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News