ليبانون ديبايت - روني ألفا
نبحَثُ عَن قاربِ نَجاةٍ وَمِرساةٍ، فسَفينَتُنا مَثقوبَةٌ والحيتانُ جِياعٌ . الوَطَنُ يتحوَّلُ إلى جثمان بِلا مأتَم ومأدبَةٍ لِغيلان الطوائِف.
نبحَثُ عَمّن يُضرِمُ فينا فَوانيسَ الرّجاء ويَقُنِعُنا بنشيدِ الوَطَن.
نبحَثُ عَن رَجُلٍ إذ ينطُقُ تَنفرِجُ أساريرُ الإنتِظار،وإذ يَعِدُ بالقَمَرِ يشتدَّ بياضُ القَمَر، وإذ يُرستَقُ كَلِماتَهُ يتنفَّسُ الإستقرارُ الصُعَداء.
مَن يرسُمُ على هامَاتِنا نحنُ المَسيحيينَ والمسلِمين والتائِهينَ في مَجاهِلِ الكِذبَةِ عَمامَةً تُهدِّئُ مِن رَوعَ شهيَّتِنا المَفتوحةِ على التِهامِ لُحومِ بَعضِنا البَعض؟
منذُ خَمسينَ عاماً ونحنُ نَقتاتُ عَلى جِيَفِ خصومِنا.نحتَفِلُ عَلى مَقابِرِ الشهداء، ونَضَعُ أكاليل مجاعتِنا إلى السلطَة فوقَ أضرِحَتِهِم.حِرفَتُنا شَحذُ السَكاكينَ وإيقاظُ الشياطينْ.مارَسنا الهِواياتَ المفخّخَةَ وفَتَحنا مَدافِنَ الأحَقاد وتَخصّصنا بسباقات العَدوِ نحوَ الكَراسي.
لَم يبقَ بيتٌ إلا ورّمّلنا ساكِنيه، ولا عائِلَةٌ إلا وشَطَرناها بالمنشار وثَقبناها بالبنادِق، وها نحنُ اليَوم، ويا لِعارِنا المُخزي، نأكُلُ بعضَنا عَلى مَفرقِ وزارَةٍ وحَيطِ مديريةٍ وزاروبِ سلكٍ مِن أسلاكِ الدولَةِ المتآكِلَة.
نتراشَقُ بالموظّفين في ملاكاتِ الدولَةِ ونجُزُّ رؤؤسَهُم كَما يجزُّ الجزّارونَ خرافَ العيد...استَعَدنا هوايَةَ القنّاصَةِ الذينَ أصطادونا في بيوتِنا خِلالَ الحَرب، فَبِتنا نقنصُهُم في مَكاتِبِهم ووظاِئِفِهم ولقمَةَ عيشِهِم.
دَولَتُنا جاهِزَةٌ للإنتِحار..لا ينقُصُها سِوى وضعُ الرصاصَةِ في بيتِ العار. بوزُ المسدّسِ في فَمها وعلى أهبةِ الضغطِ على الزّناد. سنجدُها بعدَ فَواتِ الأمان تسبَحُ في دَمِها بعينَينِ جاحِظَتين في تاريخِها الأسوَد. مَراسِمُ رِثاءِ الفَقيدَة ستكونُ بمشارَكَة كلِّ المَدعوّين.الرقصُ على الجثمان وفولكلور الرثاء ونُواحُ النّسوَةِ،كلُّ ذلِكَ سيكونُ سَريعاً قبلَ أن ينهمِكَ المُعزّونَ بالعودَةِ إلى نعشِ الطائِف لنَبشِ ما تبقّى مِن أسنانِ الذهَبِ في فمِهِ المهترئ.
أمّا الوَطَنُ،ذاكَ الذي تَغنّينا بِهِ، وبانهِماكِ الكتابِ المقدّسِ في تَعدادِه، فلَم يعُد يتعرّفُ على ملامِحِه. تورَّمَ مِن كثرَةِ الأحقادِ المتناسلَة. على اسمِهِ ستُنَظّمُ حفلاتُ الزَجَلِ الطَائِفي والمُصارَعةُ الحرَّةُ بين الديوكِ المؤسّسّةِ لحروبٍ جَديدَة.
بلادٌ برؤوس نوويَّة بالستيَّة شديدَة الإشتِعال. مُعَدّة للإنفِجار الذاتي. صواريخُها عاجِزَةٌ عَن الطيران.تتشظّى في محيطِها وتقتُلُ أكبَرَ عَددِ من عناقيدِ الرّجاء التي أردنا أن نَزرعَها في بساتينِ الوَطَن. لَن يترُكَ لَنا الآلِهَةُ الذينَ نبسمِلُ باسمِهِم ونحمدِلُ باسمِهِم سِوى جيفَةٍ ملقيَّةِ عَلى قارِعَةِ الأحلام.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News