المحلية

الخميس 18 تشرين الأول 2018 - 01:01 LD

هل يثور نجيب ميقاتي؟

هل يثور نجيب ميقاتي؟

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

سرعة إنتقال رئيس الحُكومة الأسبق نجيب ميقاتي القياسية من المنطقةِ المُحرّمة في العلاقةِ مع الرّئيس المُكلّف سعد الحريري إلى المنطقةِ الآمنة بشكلٍ فجائي سجَّلت سابقة في العلاقاتِ بين الخُصوم السياسيين، نسبةً للنزاع بينَ الطّرفين كان مازالَ "ساخناً" حينَ إختارَ ميقاتي التّموضُع بعد مرحلة الإنتخابات النّيابية، حتى أنّه لم يأخُذ لنفسِه فترة إنتقالية فاصلة بين مرحلة وأخرى. انزلقَ بشكل كامل في خطوطِ الحريري ليتحوَّل من خصمٍ إلى مُدافع أوّل عنه!

بعضُ المتابعين حسدوا الرّئيس الحريري على حظِّه ! مَن مثله انشَدَّ إليه أحدُ ألدّ خصومه ليدخُلا معاً في شبهِ حلف؟ أكثر من ذلك، باتَ ميقاتي بمثابة المُستشار الأكبر للحريري وباتَ كعبُه عالي وعالي جداً في بلاطِ الشّيخ سعد.

في السّياسة، لا شيء يُقدَّم في المجّان. كُلٌّ لهُ ثمن، والرّئيس ميقاتي رجل المال والأعمال، يعرف تماماً متى يقرّش مساعيه ومتى يقبض الأثمان في السيّاسةِ وكيف. لقد سلّف الرئيس سعد الحريري الكثير الكثير في لقاءِ رؤساء الحكومة السّابقين وخارجه، سيَّما حين لاقاه في منتصف الطريق، وحين تيقّن أن الحريري بحاجة الى دعم، رماه بغطاء سنّي مصدره شخص هو صاحب المركز السّني الأول في الإنتخابات، ليسير إلى جانبه ويحميه في معركةِ الحفاظ على صلاحياتِ موقع السُّنة الأول في الدّولة!

لكن يبدو أن رياح سفن الحريري لا تهُب كما يشتهي الميقاتي، الذّي يمني النفس طبعاً، بحكُم المصالح السّياسية والمكتسبات، ان يكون له حق التمثّل في الحكومة بوزير، وهو الذي حققَ معيار التوزير المُعتمد (لكل ٤ نواب وزير)، أي أنَّ من حقّه أن يُجير إليه ولو مقعد. أمّا وقد غرق الجميع في ترفِ الإستيزار وطارت المقاعد وتوزّعت على ضففِ السّياسيين، فلا يبدو في الأفق أنّ لميقاتي حصة!

أوساط النّائب الشمالي ترفضُ البناء في أيِّ موقف طالما أن مراسيم تشكيل الحكومة لم تصدر بعد. وفق رأيها، يحُق للرئيس ميقاتي بمقعد على الأقل، وأخلاقياً، على الرّئيس الحريري أن يفعل ما يجب عليه فعله ويُحقق وعوده، وطالما أنّ لا نيّة للنكث في العُهود وأنّ الوقت ما زال متوفراً لإحقاق حق ميقاتي، فسننتظر!

في مقابلِ هذا الهدوء، ثمّة سخونة على جهةٍ مقابلة، هذه الجبهة وإن اقتنعت بخيارات الرئيس ميقاتي وضرورات وجوده إلى جانبِ الحريري، لكنّها لم تقتنع بعد بالنوايا الحسنة للشيخ سعد. كيفَ لها أن تقتنع ويوم الغضب السّني ما زالَ ماثلاً في الأذهان؟!

على أنّ الإستنتاجات المُجمعة من مراجعٍ عدّة ، تؤكّد أنّ ميقاتي بدأ يلتمسُ صعوبة حصول كتلته "الوسط المستقل" على مقعد، ما لذلك أن يدخلُ قراءة جديدة في موقفهِ الى جانبِ الرّئيس المُكلّف بعدَ أن يتحوّلُ إلى رئيس حكومة مُكتمل الصَّلاحيات، وهذا ما سينسحبُ عليه جملة أمور ربّما تصل إلى مستوى إعادة التّموضع السّياسي.

ثمّة مَن يشيرُ إلى أنّ ميقاتي لن يهضمُ أي تصرّف مماثل مِن قِبَل الحريري بنعومة. سيكونُ له ردّة فعل قاسية وموقف صارم، ومَن يختبرُ ميقاتي يعرفُ كيف تكون القساوة! وطالما أنّ أحداً يعرفُ ماهية ردّة الفِعل هذه، تصبحُ الإستنتاجات حولها أمر مشروع. هل يطوي ميقاتي صفحة علاقته المستجدّة مع الحريري وينتقلُ إلى الجبهةِ المعترضة على السّياساتِ ويكونُ أوّلها حجب ثقة ٤ نواب؟

مصادر مُطّلِعة على موقفِ ميقاتي ترفضُ في حديثٍ لـ "ليبانون ديبايت" الإنسياق خلف رد فعل على الإستنتاجات "طالما أنّ شيئاً لم يظهر بعد"، كاشفةً أنّ لا جو لديها حول خيارات الرّئيس سعد الحريري بالنسبة إلى تقديمِ مقعد للرئيس نجيب ميقاتي ليقومُ بتجييره إلى أحد المحسوبين عليه.

وإذ شدّدت على أنّ العلاقة مع الرّئيس الحريري "مستقرة ومثل السمّن على العسل"، عكست موقفاً ضبابياً حين قالت أنّه يتعينُ على الرّئيسِ الحريري "أن يُقدم سبباً وجيهاً في حالِ قرَّرَ عدم منح كتلة الوسط المستقل حقّ التوزير"، وفي هذه الجملة إشارة كافية إلى وجود كلام دارَ بين الرّئيسين الحريري وميقاتي حول هذه المسألة، وأنّ الأخير ينتظرُ مقعداً لكتلته.

وتابعت أنّ "العلاقات السّياسية تقومُ على قناعةٍ وإتّفاق وليس أموراً اعتباطية وغير ثابتة، مِن هُنا أخذَ الرّئيس ميقاتي موقفاً مدروساً إلى جانب الرّئيس الحريري، وكانَ موقفاً مبدئياً أتى للدفاع عن مقامِ الرّئاسة الثالثة وصلاحياتها، بعد الإيحاء الذي شهدناه حولَ أنّ قرار تشكيل الحكومة الفعلي ليس عند الحريري"، ويسجّل للرئيس ميقاتي أنّه تعالى عن الجّراح القديمة ومضى نحو المصلحة العامة، مضيفةً "علينا أن ننتظر، هل سيتعاملُ الرّئيس الحريري معنا بالمثل وعلى نفسِ القاعدة؟".

الأمور ستبقى مشدودة إلى حين تلاوة مرسوم قبول إستقالة الحريري من الحكومة الثانية وقراءة مرسوم تشكيله الثالثة. هل ستحوي مقعداً ليقماتي أم لا؟ على هذه الأسُس ستُبنى العلاقة القادمة بين الجانبين!

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة