"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح
سياسة الإمتثال التي تعتمدها الجامعة الأميركية في بيروت لم تعد محصورة بإتجاه واحد، أي تلبية الشّروط الأميركية المعلنة في "ورقةِ المبادئ العامة" لما يُعرف بـ"آليات تطبيق العقوبات"، بل أضحت "واحة الحريّة" تمد جذورها إلى ما هو أعتى من ذلك، الإنصياع إلى الشروط السعودية.
قبل فترة قصيرة، أجرت إدارة الجامعة الأميركية في بيروت، مناقلات قضت بإبعاد "دكاترة" معتمدين منذ عهود قديمة لدى مركز الدراسات الإسلامية الذي أنشأ في الجامعة الأميركية، عبر التذرّع بإعتماد سياسة جديدة في المركزِ عنوانها "إعادة هيكلته وتطويره"، لكن حقيقة الأمور تنطوي على نيّةِ برفض أدخلهم في الملاكِ المستحدث وتحويل هذا الملاك في كل كليات الجامعة إلى عقوبات سياسة ومذهبية معادية للمقاومة ومكافئة لخصومها.
ساد إعتقاد حينها أن السّبب الدافع وراء إجراء الهندسة نابع من العملِ على إعادة إنتاج أطر جديدة في سبيلِ قراءة المتغيرات السّياسية ذات المنحى الإسلامي التي طرأت في العالم العربي بعيد ما عرف بـ "الربيع العربي"، بظل إرتفاع قيمة "القاعدة وأخواتها" وحلول الفروع المحلية من السلفيةِ الجهادية بدل التنظيم الأم، ما أوجبَ صوغ قراءة شاملة للواقع ودراسته، لكن ما حصل أن المركز أعيد ترتيبه وفق أسس مختلفة كلياً، قضت بإدخال الإمارات والسعودية مصدر الفقه الأساس!
من المعلوم أن السعودية تسعى خلف مراكز الدراسات الإسلامية التي لا تقيم وزناً للفقه الوهابي في محاولة لتدجينها، فأدرجت المركز من ضمنِ قائمة الأهداف المنوي ترويضها، والأداة هي المال طبعاً. يتناقلُ دكاترة في الجامعةِ الأميركية أنباء عن "شراء" السعودية لمركز الدراسات الإسلامية في الجامعةِ تحت مظلة "دعمه". الحديث يدورُ حول مبلغ ٢٥ مليون دولار أميركي، أما خلاصة النتيجة هي قلب المركز رأساً على عقب.
يتردّدُ لدى الوسط الأكاديمي الضيق والمطلع على مسارِ الأمور ، أن "شراء" السعودية للمركز تحت ذريعة التمويل، سينقلهُ من جهة تقرأ الأمور بحيادية صافية وتدرسها وفق مفاهيم المذاهب الأربعة، إلى آخر يخدم الدعاية السعودية القائمة، ما يفيدُ من نشر تعاليم إسلامية تختلف عقائدياً عن ما هو مألوف سنياً.
الأنكأ، أن الإطار الجديد الذي قيل إنه "تطويري"، أدخل إلى حرم المركز ثلة من الخوارج عن المذهب الشيعي، الذين يطلقُ عليهم وصف "مثقفين تنويريين شيعة" لكنهم فعلياً من المرتدين عن المذهب والمجاهرين بالعداء له، ما ينطوي على مخططٍ دعائي تتبلور أهدافه بالإرتكاز إلى مفاهيم هؤلاء الأشخاص السّياسية - الفكرية.
إضافة أخرى تذهب بالإعتقاد صوب "سعودة المركز الإسلامي" وتجييره من مركزٍ يُعنى بالدراسات الإسلامية إلى آخر له إنعكاسات سياسيّة ، تنطلق من ما يتردّدُ عن تولية أمره إلى رئيس الحُكومة الأسبق فؤاد السنيورة، الذي يصنّفُ في الخانةِ السعودية الخالصة.
هناك خشية لدى الحشد الأكبر من المعنيين بشؤون الجامعة، أن يكونُ إستجلاب الخوارج عن المذهب الشيعي إلى واحات سنّية ينظرونُ فيها وفق القواعد الوهابية، له إنعكاس سيء على النظرةِ إلى الجامعة، وقد تحمل معها أسباباً سياسيّة يراد توظيف المركز من أجلِ تطبيقها.
ما سمّي "حملة تطوير مركز الدراسات الإسلامية" ترافقت مع حملة "تضييق" على مناصري خط المقاومة المدعوم من حزب الله شملت مؤخراً "دكاترة" من أصحابِ الشهادات العليا ، فرضت عليهم قائمة ممنوعات لم يعهدوها من ذي قبل، ما أزاحَ الأمور من مضمارِ الخشية ونقلها إلى مصاف ترقب ما هو آت.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News