المحلية

الاثنين 04 شباط 2019 - 13:15 LD

سمير جعجع... بين "دير القمر" و"معراب"

سمير جعجع... بين "دير القمر" و"معراب"

"ليبانون ديبايت" - يوسف يزبك

"يُفترض في كل شعب من الشعوب، أن تأخذ النخبة على عاتقها زمام الأمور، ويُفترض في هذه النخبة أن تكون ملتزمة لتتمكن من تأدية المطلوب منها ومن تحقيق الهدف".

هذا الكلام يعود الى تاريخ 1983 وتحديداً في شهر تشرين الثاني، من محاضرة رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في دير مار عبدا خلال "حصار دير القمر".

كانت الدماء لم تجف بعد في قرى الجبل المسيحي المهجر وكان سمير جعجع، إلى تنظيمه عملية نقل مسيحيي المناطق المهجرة من دير القمر إلى المنطقة الشرقية يومها، يضع إستراتيجية إجتماعية فكرية ثقافية لمجتمع سيعيش بعد ثلاثة أعوام تقريباً إزدهاراً لم يتكرر حتى يومنا هذا.

وذات يوم من بداية العام 1986 أخذ سمير جعجع على عاتقه زمام الأمور فكانت "المنطقة الشرقية" واحة أمن وأمان.

ومن "لن يجوع مواطن في مناطقنا" إلى "تأمين العيش في حرية وكرامة"، باتت " مؤسسة التضامن الاجتماعي" تمد يد العون المادي والصحي والإجتماعي إلى أكثر من نصف مليون مواطن.

وهكذا، لم تعد القوات اللبنانية مجرد تنظيم مسلح، بل أضحت دولة بكل ما لكلمة دولة من معنى وجودي. حتى أطفال المجتمع كان لهم مكاناً في مشروع جعجع فأنشأ لهم مخيم صيفي أسماه "مخيم الطفل المقاوم".

وإلى جانب "النقل المشترك" داخل المناطق المحررة (الذي نفتقد وجوده اليوم) كان "اليانصيب الفوري" من باب ضرورة وجود تسلية ما للمواطن.

في مجال التسلية والترفيه أيضاً، قرر سمير جعجع إنشاء قناة الـ "C33" التلفزيونية وهي قناة موجهة للفركوفونيين.

وتكثر الأسئلة ولا يتوقف سردها عن الخدمات الصحية والإجتماعية والمادية والحياتية بشكل عام التي كانت تقدمه القوات اللبنانية للمجتمع المسيحي في ما كان يُعرف بالمناطق المحررة ضمن برنامج-رؤية أطلقه جعجع ذات يوم من العام 1986: "القوات اللبنانية مؤسسة نحو المستقبل".

لكن المستقبل-المشروع الذي خطط له "الحكيم" في دير القمر أو في القطارة أو في المجلس الحربي وغدراس أسقط، ولم تعمر جمهورية القوات اللبنانية أكثر من عامين فكان ما كان من حروب ومعارك دموية إنتهت بإحتلال سوري وبسجن سمير جعجع 11 سنة قضاها متأملاً مصلياً مفكراً ومخططاً.

قضاها تماماً كما كان يمضي ليالي التخطيط في "القطارة".

خرج من المعتقل السياسي فوجد نفسه أمام حرب جديدة.. حرب تنظيف الصورة "المتسخة" ظلماً بعشرات الجرائم. ومن لا يذكر ذاك الإعلان الترويجي لمسرحية، يقول فيه أحد الممثلين الرئيسيين فيها :"إنفخت الأوزون وعمبيقولوا القوات إلن يد فيا"..

قرر الحكيم أن يغيب عن الأنظار لفترة طويلة كانت ضرورية له بغية التفكير والتخطيط والإستعداد لخوض معاركه الجديدة ولكن السياسية هذه المرة.

وحدها "البزة الزيتية" لم تعد موجودة لكن جعجع بقي هو نفسه والقضية التي ألقى فيها عشرات المحاضرات بقيت نفسها.

غاب عن الأنظار في رحلة طويلة وعاد إلى بزمار والأرز قبل أن يستقر في معراب حيث راح وفي خلال 13 عاماً يجاهد في سبيل القضية والإنسان..

القضية نفسها التي حاضر عنها ذات يوم من خريف العام 1983 في دير مار عبدا في دير القمر والإنسان نفسه الذي دافع عن وجوده في ثكنة "لبنان الجديد".

غاب عن الأنظار لتعود مع فور عودته إلى لبنان حملة تجديد الألقاب:

قالوا عنه رجل إسرائيل الأول علماً أنه، وعندما تسلم قيادة القوات اللبنانية عقب إسقاطه الاتفاق الثلاثي في العام 1986، طرد الإستخبارات الإسرائيلية من مكتبها في الضبيه.

وقالوا عنه "صاحب الأقدام التهجيرية"، علماً أنه قصد الجبل قبيل سقوطه بأيام للملمة الوضع المتدهور.

وقالوا عنه "مجرم" رمى شباب إيلي حبيقة في البحر علماً أن العشرات من شباب جعجع لم يسمع عنهم أي خبر وإن كان أقل عنفاً من الرمي في البحر.

وقالوا عنه إنه قتل ضباط الجيش في ثكنة عمشيت وارتكب مسلحوه مجزرة نهر الموت وتناسوا أنها كانت أيام حرب سوداء، الأخ قتل فيها أخيه.. ولكن أيضاً لدى مناصري جعجع وهم شريحة لا بأس بها من المسيحيين روايات مختلفة عما حدث في نهر الموت في ذلك اليوم المشؤوم أو عما حدث في عمشيت وفي أدما...

قالوا وقالوا وهو ظل صامتاً، يخطط حزبياً وسياسياً لغدٍ أفضل..

إلى أن أتى "إتفاق معراب"، هنا اختفت ألقاب الحرب وأقيمت حلقات الدبكة على أنغام "أوعا خيك"..

بات شباب القوات "أوادم" لم يعودوا "زعران".. وبدأ "العهد القوي".. تنفس جعجع الصعداء إلا أن الآتي مع الأيام حاول إعادة عقارب الساعة إلى الوراء.

عادت الألقاب الظالمة... كثيرون ممن كانوا يعتقدون بها بدلوا رأيهم وضاعف جعجع حجمه النيابي فبات لديه خمسة عشر نائباً...

وقبل أسابيع قليلة، سافر سمير جعجع وابتعد لأسابيع ثلاث عن المشهد السياسي بعدما أدى التنازلات تلو الاخرى في الملف الحكومي وأثبت أن القوات لا تعرقل تشكيل الحكومة..

غاب عن المشهد السياسي كلياً وراح يخطط كعادته فسافر بفعل السفر عينه إلى عالمه الخاص، يخطط، يصمم، يتأمل ويستشرف، تماماً كما كانت حاله ذات زمن عبر في "القطارة" وغدراس والمجلس الحربي ومعتقل وزارة الدفاع...

وقبل أيام ظهر "الحكيم" بعد غياب راخياً ذقنه فبدأت التحاليل التي من شأنها إعادته إلى ماضِ أرغم على خوض تجاربه القاسية.. تجارب أثبتت قيادته لها أنه يقود "مؤسسة نحو المستقبل".

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة