المحلية

الاثنين 08 تموز 2019 - 01:00 LD

عن دور حزب الله في أحداث الجبل

عن دور حزب الله في أحداث الجبل

ليبانون ديبايت - عبدالله قمح

لا يبدو حزب الله مرتاحاً حيال ما حدث في الجبل، ولعله من المفيد القول أن مؤشّرات «الحزب» لم تكن تصل إلى مستوى احتمال ولو ضئيل لإمكان «تفجر أحداث دمويّة» نتيجة التأزم السياسي الحاصل، لا بل أن تركيز «الحزب»، أو خوفه، كان يأتي من مكان آخر، له علاقة بالإحتقان الأميركي - الإيراني السائد في المنطقة، ومسار صفقة القرن.

لا جدل إن قلنا أن حزب الله كان يُبدي اهتماماً كبيراً في متابعة الأحداث ومسارها في المنطقة أكثر من تلك التي كانت تجري وتدور في الداخل. من هنا يُمكن القول أن حادثة «قبرشمون» ربّما عكّرت صفو تركيز «الحزب» تجاه القضايا الكبرى، وانزلاقه نحو تأمين حلول لقضايا صغرى.

وليس من باب الصدفة إختيار إسرائيل الإغارة على موقع تابع للحزب يقع في الجزء السوري القريب من الحدود اللبنانيّة في نفس اليوم الذي تفجرت به الأحداث في الجبل، وقيام الحزب بإحداث تأهب من أجل تطويقها خشية من امكان تمددها، وهذا يَنم عن حُسن المراقبة الإسرائيليّة للأجواء اللبنانيّة واختيارها توقيتاً محسوبّاً بدقّة.

وايضاً، لم يكن ينقص الحزب قصّة على شاكلة «قبرشمون» كي ترفع من نسب البلبلة على الصعيد الداخلي، خاصة وإن الأمور الإقتصاديّة «غير مُستتبّة» وتحتاج إلى معالجات حكوميّة فوريّة منعاً للانهيار، الذي يبدو من سياق تعامل الحزب معه، أن ثمّة في الأقليم من يُراهن على حصوله أو يُمهّد له، وبالتالي ليس من الجيّد التخلّي عن «جرعات الدواء» مقابل ارتفاع قيمة ايجاد الحلول لأحداث طارئة وصرف الطاقات حيالها.

الكلام الذي عبّر عنه الوزير محمود قماطي من خلده، وحديثه حول رفض العودة إلى «زمن الميليشيات» ربّما لا يندرج تحت خانة توجيه الرسائل إلى المختارة وحدها، بل إلى الجميع من اصحاب التوجّهات الساعية إلى ايجاد موطئ قدم لإحداث مشاكل داخليّة تؤثّر على الوضع العام. ثمّة تخوّف لدى الحزب من انعكاس الإحتقان الإقليمي داخليّاً من خلال توظيف «ميليشيا ما» تهدف إلى إقحام البلاد في أزمات.

ايضاً لم يكن الحزب راضيّاً عن سياق تعامل الحلفاء مع قضيّة «قبرشمون»، فمثلاً، انطوى تصرّف أنصار «المير» طلال أرسلان في خلده وقطعهم للطريق على المواطنين القادمين من الجنوب، على رسائل مبطّنة، قادت إلى نمو تصوّر حول ممارسة ضغوطات من أجل دفع الحزب إلى مزيدٍ من التشدّد حيال ما حدث في الجبل، وهو بالفعل دفع «قماطي» للحضور فوراً إلى «الدارة».

من هنا يصبح فهوماً لماذا يريد الحزب «صفر مشاكل» في الداخل، ولماذا أسدى نصيحةً إلى الوزير جبران باسيل للتخفيف من حدّة نبرته السياسيّة ووقف سياق الانحدار باتجاه خلق مناخات سياسيّة غير مريحة وزيادة نسب التشنج مع الافرقاء السياسيين، ولعل اكثر من يجب التلميح إليه، خشية الحزب من تكون «نسب عداء واسعة» لدى المجتمع اللبناني تجاه باسيل.

ليس سراً، أن الحزب ربّما كان يوجه رسالة ضمنيّة إلى باسيل، من أن مشروعه الرئاسي المقبل، قد لا يمرّ في حال بقي سائراً على نفس مستوى إستفزاز الخصوم، وقد يجد باسيل والمؤيدين له لاحقاً، صعوبة في الوصول إلى «كرسي بعبدا» ما دامَ مستوى الخصوم والخصومة يرتفعان في الداخل، وما يسود الآن من لغة سياسيّة «خشبيّة» معارضة لتوجهات رئيس التيّار الوطني الحرّ، قد تُعطي انطباعاً أو صورة مصغّرة عمّا هو الموقف في المستقبل!

ومن جملة النصائح التي قُدّمت إلى باسيل، اعادة هيكلة مواعيد الزيارات التي يقوم بها إلى المناطق اللبنانيّة، بحيث لا تكون إسبوعيّة متدرّجة متدحرجة، لكونها تؤتي بمفاعيل عكسيّة نتيجة مواقف تُتخذ، ما يعطي مادة تقود لزيادة الاستثمار في الاعتراض على الزيارات وصولاً إلى سعي لافشالها، وبدلاً عن ذلك التوجّه صوب زيارات «أكثر ترشيداً واعداداً» وتجريدها من الخطابات الاستفزازيةّ.

أما بالنسبة إلى كيفية تصرّف حزب الله تجاه حادثة «قبرشمون»، بدا واضحاً أن الحزب منح جرعات دعم إلى حلفائه بشهادة موقفه الذي عبّر عنه الوزير قماطي من خلده، ثم تدرّج موقف حزب الله باتجاه إعلان تأييد خطوات كل من التيّار الوطني الحرّ والحزب الديمقراطي تجاه إحالة ملف القضيّة إلى المجلس العدلي. وزد على ذلك، أن حزب الله وخلال انعقاد الورش الساعية إلى ايجاد حلول، كان يرُسل قيادييه ذهاباً واياباً، الى خلدة والجاهليّة، من أجل ترشيد التفاهمات ومحاولة ايجاد الحلول للنقاط العالقة.

كما أن الاشتباك الذي نشب على ضفّة الحزب التقدّمي الإشتراكي بُعيد كلام الوزير قماطي وتدخّل النائب فيصل الصايغ المعروف بهدوئه، سرعان ما أزيلت رواسبه واعتبر نسياً منسياً، وهو كلام «ابن ساعته»، بدليل الدور الذي أدّاه الحزب بشكلٍ غير مباشر مع «التقدمي» بهدف ارساء الحلول التي قادها رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي.

كما أنّه كان للحزب دورٌ في مجال الإخراجة التي أنقذت الحكومة من الانفجار، بشهادة تحرّكات الإتصالات المكوكيّة بين عين التينة و بيت الوسط، والتي شارك في جزءٍ منها المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل، الذي حثَّ الحريري في اتصالٍ حصلَ خلال فترة عقد الوزير جبران باسيل إجتماع لوزرائه في وزارة الخارجيّة، عن التخلي عن فكرة عقد الجلسة كي لا تنفجر الأمور ويُصبح من الصعب تدارك النتائج السلبيّة المترتّبة عنها، وفي ذلك تلميح لإمكان انفجار الحكومة، فعدل عن ذلك من خلال "رزمة توافقات».

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة