المحلية

الثلاثاء 06 آب 2019 - 01:00 LD

نعيم عون: خطاب باسيل "مُدمِّر" يؤدي الى حربٍ!

نعيم عون: خطاب باسيل "مُدمِّر" يؤدي الى حربٍ!

"ليبانون ديبايت"- ملاك عقيل

ومن قال، أنّ الحرب الاهلية والنزاعات الطائفية تُخاض فقط خلف المتاريس والدشم؟. في النسخة "المعاصرة" ملعبها أوسع وأخطر بكثيرٍ وأشدّ فتكاً.

فضاء العالم الافتراضي صار الدشمة والمتراس و"البارودة"، و"زعماؤه" يغذّونه بما يكفي من وقودٍ للاشتعال. المُتّهم الأوّل على لائحة الدفع بإتجاه الهاوية هو جبران باسيل. الرجل ينفي هذه التهمة عنه تماماً، ويرى أنّه يجهد من أجل الافضل للمسيحيين.

كرة الثلج حول الحقوق والتهديد بالتنصّل من الالتزامات والتفاهمات، دفعت باسيل مؤخّراً الى قولِ الامور كما هي:"إذا كان هناك من يريد العدّ فليقل لنا ذلك، لا يهدّدنا أحد بالعدّ لأن لنا خياراتنا أيضاً".

لا يفصح عن أسلوب مواجهة هكذا "حرب" مفترضة باستثناء القول "أنها خيارات وطنية"، لكن لا ينسى التذكير بالمعادلة التي يرفع شعارها دوماً:"نحن مع الدولة المدنية وإذا كانوا لا يريدون يجب أن نحترم المناصفة".

"تكملة" الجملة يتكفّل نواب "تياره" في المجاهرة بها علناً. نائب الكورة جورج عطالله فتح أبواب جهنّم عليه حين جاهر "تويترياً":"من الآخر وبلا طول سيرة بالدستور وبالحق وبالمواطنة وبالحفاظ على بعضنا... يا بتكون مناصفة كاملة من أصغر وظيفة لأكبر وظائف الفئة الأولى أو ما بيمشي الحال".

صارت مواد "الاشتعال" من قانون الانتخاب الى التعيينات والتوظيفات وخطابات باسيل في المناطق والمعارك "الفرعية" مع الحلفاء والخصوم... أصعب من أن تضبط أو أن نتنبأ إلى أين تصل حدودها.

مناخات غير مُطمئِنة لا تأخذ مداها المحلي التحذيري سوى مع "إعترافاتٍ" تجاهر بها شخصيات كانت الى جانب التيار الوطني الحر. أما اليوم، وفيما ينقضي النصف الاول من الولاية الرئاسية، فإنّها باتت تراكم جبلاً من المآخذ على الاداء.

هذه الشخصيات تتحدث، بمرارة، عن "مشهدٍ قاتمٍ" سيدفع المسيحيين الى "الانتحار": هناك أخطاء تاريخية ارتكبها المسيحيون تتكرّر اليوم. خطأ 1840 حين استقوينا بالمصري بوجه الدروز، ودفعنا الثمن في 1856 و1860. وبين 1943 و1958 استقوينا بالفرنسي والانكليزي والاميركي ودفعنا ثمنها ثورة 1958، وعام 1976 إستقوينا بالسوري لمنع الحركة الوطنية والفلسطينيين من حسم المعركة وعام 1982 استقوينا بالاسرائيلي ودفعنا الثمن من 1983 حتى الطائف.

اليوم، يتكرّر الخطأ نفسه باعطاء انطباع للسُّنة بأننا نستقوي عليهم بالشيعة، ونعطي انطباعاً للشيعة بأننا نستثمر دمّ مقاومين و"نقرّشه" في خدمة سلطة تخدم أفراداً. سيؤدي هذا الامر الى تدفيع المسيحيين ثمناً كبيراً.

"عونيو الزمن الماضي" لا يبدون بعيدين كثيراً عن هذا الاستنتاج الكارثي. القيادي السّابق المفصول من "التيار" نعيم عون يوسّع إطار الرؤية ويقول "على المسيحي أن يتحمّل مسؤوليته أيضاً، هل يريد لبنان وطناً أو محطة انتظار؟".

ويُعدّد أسباب التقصير، "يبدأ الامر بحقيبة السفر الجاهزة دوماً، والتقصير في تربية أولادنا على التضحية من أجل الوطن وتطوير مهفوم الديموقراطية على حساب الزعامات، حتى اللغة العربية غير الحاضرة بشكلٍ وافٍ في قاموس التربية المنزلية والمدرسية... يقابل هذا الواقع أزمة ديموغرافية خطها البياني واضح المعالم وهواجس من المصير في المستقبل".

يرى عون، أنّ "سياسة الكذب والشعبوية والاستثمار السياسي الرخيص والخطابات الغرائزية لا تنتج حلولاً بل تأخذنا الى مذبحة جديدة"، مؤكداً:"أنا من جيل عايش الحرب ودفع فاتورتها، واليوم أشعر بعبثيّة كلّ ما جرى وكأننا لم نتعلّم، فالخطاب الطائفي يوقظ الغرائز النائمة عند الاخرين، وهذا تماماً ما كانت تسعى اليه القوى المتطرفة مثل داعش"، لافتاً ايضًا، الى أنّ "التطرف هو المستفيد من شدّ العصب وينتج تطرفاً مضاداً".

ويشدّد على أنّ "باسيل يعتمد خطاباً غوغائيّاً وديماغوجيّاً مُدمّراً في وقت يحتاج المسيحي والبلد الى رؤيةٍ جديدةٍ لحلّ المعضلات القائمة"، مؤكداً أنه "لا يمكن استنباط حلول الحاضر والمستقبل بعقليّة الماضي، ولا يمكن الحفاظ على التوازنات والوجود الّا بتطوير النظام واحترام القوانين. أما الموضوع الديموغرافي، فلا يعالج بعملية حسابية، بل هو وجوديٌ ومرتبطٌ بالدور المسيحي الذي نريده في النظام".

يضيف عون "رغم التفاوت الديموغرافي، يبقى لبنان بلد الاقليات بامتياز. لا أحد يستطيع أن يلغي أحداً. يجاهر باسيل بأنّه وحده القادر على نسج علاقات مع كل الاطراف، إذًا من "يلغيه"؟ وإذا كان شريك كلّ القوى السياسيّة فمن الذي نَهَب الدولة ومن يتحمّل المسؤولية؟".

يتوقّف إبن "أبو نعيم" (شقيق الجنرال عون) عند أهمّية "قيام كتلة تاريخيّة تضمّ نخباً علمانيّة وأخرى تنبثِق من جميع الطوائف وتضع على عاتقها مهمّة إجتراح أفكار وصياغات كفيلة بإستمرار وحدة لبنان وضمان تنوّعه والحضور المسيحي فيه، وهذا يقودنا إلى التفكير جدّياً بأهمية إستكمال إتفاق الطائف من خلال قيام مجلس شيوخ تطرح فيه المسائل الوجودية (لا سيما عند الطوائف)، ما يحرّر مجلس النواب ويضعه على سكّة المواطنة الشاملة التي تضمن الحقوق والواجبات للجميع بدل أن يستمر بالتصدي لكل المسائل من المجرور الى الوجود".

ويتساءل نعيم عون:"ما المانع من قيام حوارٍ حقيقيٍّ مسيحي - مسيحي أو مسيحي - إسلامي أو حوارٍ وطنيٍّ للنظر جدّياً بطبيعة النظام والقوانين والنصوص؟". ويدعو الى "البحث في العمق ما نريد، ولندفع بإتجاه ولادة تلك الكتلة التاريخية التي تذكّرنا بأولئك الذين صاغوا هذا الكيان قبل 100 سنة (نحتفل في العام 2020 بمرور 100 عامٍ على ولادة لبنان الكبير)".

ويؤكد:"لا يكفي أن نطالب فقط بحقوقنا، إذ هناك واجبٌ تجاه شريكنا في الوطن، ونحتاج الى احترام خصوصيّاته وهواجسه أيضاً".

ويوضح عون "توجد نخب وهناك شركاء لنا في الطوائف الاسلامية يتفهّمون ضرورات العيش الواحد والخصوصيّة المسيحية، لا بل يتعاطفون مع الوضع المسيحي. لكن في الخطاب التجييشي والانقسامي الرّاهن يصعب جداً أن تبقى على تفهمها حتى في ظل ما يقال أنّ تفاهمات حصلت".

"وبكلّ محبة ومسؤولية"، كما يقول، يتوجّه نعيم عون الى نواب "التيار"، قائلاً "تحملون أمانة، المسائل التي تطرحونها اليوم هي وجودية وتترتّب عليها تبعات خطيرة في المستقبل. لقد تابعت مواقف بعض نواب "التيار" التي لا تعبّر عن خلفية فكرِ وعمقِ طروحات ميشال عون، والأهمّ أنها ستؤسّس لمشكلٍ كبيرٍ في المستقبل في ظل وضعٍ اقتصاديٍّ وماليٍّ خطيرٍ، وهجرةٍ متزايدةٍ، وكفر بالنظام والدولة، وكلّ ذلك لن يستقيم إلاّ بوقف الفساد".

ويلفت عون، الى أنّ "الذي يعتقد أنّ هذا الاسلوب مربح في الشارع، عليه أن يتحضّر لمعركة حقيقية ومصارحة الناس بموعدِ المعركة واهدافها"، معتبراً أنّ "خطاب باسيل قد يؤدي الى حربٍ فهل أنّ أحداً من "جماعته" قادرٌ على الحربِ، وهل هناك من هو مستعدٌ لأن يضحي بحياته لمصلحة شخصٍ؟".

ويضيف "معارك تاريخية خاضها الموارنة من أجل لبنان، ودفعوا أكبر الأثمان حمايةً للكيانِ، ولكن هناك فرقٌ بين أن تخوض معركة للدفاع عن بلدك او أن تخوضها على قياسِ إحدى البدلات. نعم الموارنة للبنان وليس لبنان للموارنة كما يقول شارل مالك".

يختم نعيم عون بالقول، "إذا أردنا أن نحافظ على المسيحيين، لا مفرّ من إعتماد خطابٍ وطنيٍّ يُطمئِن الآخرين وفي الوقت نفسه، يجعلنا شركاء حقيقيين بدلَ الرهان على إستقواءٍ أو إستجداءٍ أدّى إلى هجرة مئات آلاف المسيحيين في العقود الخمسة الأخيرة".

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة