المحلية

الأربعاء 25 أيلول 2019 - 03:00 LD

"سرايا المقاومة"... مين أشرف ريفي؟

placeholder

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

تحوم التكهّنات في كلّ مرَّةٍ حول دور "سرايا المقاومة". لا شكّ في أنّ الجسم المرتبط بأمنِ حزب الله السياسي "مغناطيس مشاكل"، يجلب وجع الرأس تلقائيًا من دون الحاجة إلى إيماءات أو لفت نظر!

بالنسبة إلى معارضي الحزب، فإنّ القنصَ على جسدِ "السرايا"، فرض واجب مُحبَّب لديهم كلّما ضاقت بهم السبل، وعلى هذا النحو يُصبح التنقير على "السرايا" موسمي يبدأ عند افتتاح موسم الصيد السياسي أو حلول موسم قطف عنب المواقف.

خلال اليومَيْن الماضيَيْن، عادَ الحديث عن دورِ "سرايا المقاومة" من بوابةِ الوزير السّابق أشرف ريفي الذي تولّى إذاعة خبرٍ مشكوكٍ بصحتهِ، تناولَ قرارًا صدرَ عن حزب الله قضى بـ"حلّ سرايا المقاومة" أمنيًّا وعسكريًّا، وإحلال مكانها جسمًا جديدًا قامَ على تشكيل الجيش السُني - المسيحي. وعلى ما يَرد في مضبطة اتهام ريفي للحزب، أنّ الجسد المُستجد مهمّته الانقضاض على الساحتَيْن السُنيّة والمسيحيّة.

ويبدو هذا الكلام، مستغربًا في حال مقارنته بأدبيات "السرايا" التي تعتبر نفسها خليطًا نموذجيًا من المقاومين، غير محسوبةٍ على طائفةٍ أو مذهبٍ دون غيره، بل هي نواة تشاركية مكوَّنة من جينات دقيقة، لا تقوى على الحضور في حال لم تكن "جماعتية"، بمعنى دخولها في جزيئات مختلفة المكونات، وبالتالي لا يصح إسقاط وصف "الطوئفة المحدد" عليها.

ومن اللافت، أنّه وفور النطق بهذا الاتهام، تحرّكَت موجات إعلامية على التردّدات المتوسطة، تُسوِّق لهذا "الاكتشاف" من دون توظيف أيّ دليلٍ يُذكر، لا بل أنّ بعض الجوانب السياسية المنضوية تحت خانات الاعتراض على حزب الله، أخذت تبني الفرضيات وترمي التحليلات حول الاهداف التي يسعى الحزب خلفها انسجامًا مع هذا التغيير، بينما كانت عناصر "السرايا" ما زالت حاضرة على رأس اعمالهم.

وفي طورِ أخذِ كلام ريفي "على محملٍ أمنيٍّ"، ومباشرة عملية التنقيب عن صحّة تلك الرواية، تأخذنا المهمة صوب مركزًا لـ"السرايا اللبنانية لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي"، كُنّا قبل فترة من الزمن قد نزحنا إليه من أجل نهل ما توفّر من معلومات لغاية فهم هذا الإطار المقاوم الفريد من نوعه، لنجِد أنّ المركز ما زالَ على حاله، لكن مع "شويّة اضافات" تتعلّق بتحسين المظهر الخارجي وتعبيد وتصريف الطريق الواقعة إلى جانبه.

وعلى ما يبدو، أنّ ورشة التحسينات التي طاولت المنطقة بأسرها لم تنعكِس بأيّ شكلٍ من الأشكالِ على "السرايا"، فهي على ذمة مقرّب رصين منها: "باقية وتتمَدَّد، راسخة رسوخ الجبال، حدّها السماء لا تلين ابدًا".

ليس صعبًا، استخلاص الحقيقة واستخراجها من أفواه المقرّبين من "السرايا"، ومن جوقة حضور المركز، وغالبًا من الوجوه الشابة التي تتحاشى ذكر المناطق القادمة منها "لدواعٍ أمنية".

حركة المركز لا تظهر بأيّ شكلٍ من الاشكالِ، أنّ قرارًا اتخِّذ بالحلّ، لا بل عند السؤال عن طبيعة وجود مثل هكذا قرار تتقلّب الوجوه الى الوجوم المستغرب! ثم تأتي نوبة ضحك خفيفة ممزوجة بشيءٍ من الاستغراب الممهور بنكهةِ استخفافٍ وسخريةٍ، وبعدها يحضّر الجواب على قاعدة "عنجد، هذا سؤالك؟!".

نعيد ونؤكِّد بـ"نعم" مقرونة بالرواية الريفية ومفرداتها، فيسأل "الحاج".. "مين أشرف ريفي؟ يعني صف قيادي أو مين؟ لم نسمع بهذه الخبرية إلّا منك!".

عند التعمّق في إستحالة اتخاذ قرارٍ من هذه النوع، فذلك يعود، الى أنّ ما بنيَ منذ أكثر من عشرين عامًا ليس مطروحًا لا للتغيير ولا للبيع، لا اليوم ولا غدًا، لأن "السرايا" ليست ملك فردٍ بعينه بل افراد بمجموعهم وفوق رؤوسهم تتدلى قضية أقسموا على شرف صونها. فالثوابت ثم الأسباب التي انشئت على أصلها "سرايا المقاومة" مازالت موجودة، من الاحتلال الاسرائيلي لمزارع شبعا والقرى السبع وجزء من الغجر، إلى استمرار التهديدات الاسرائيلية، فكيف لجسمٍ أنشئ لهذه الأسباب أن ينتهي وجوده؟

وفي زمنِ المُسيّرات الزاحفة نحو الضاحية الجنوبية، وتبدّل معادلات الاشتباك وقواعده مع الإحتلال، تجد "السرايا" نفسها في عمق المعركة، فما ينسحب على حزب الله ينسحب علينا، وما يقوله سماحة السيد حسن نصرالله هو بمثابة قواعدٍ راسخةٍ لا نقاش في أصلها، وما دامَ الاسرائيلي يمضي نحو محاولة تثبيت قواعد جديدة، فنحن ايضًا لنا قواعدنا!

تستظلنا إشارة لفتت انتباهنا ووردت في توصيف "الحاج"، كأنه اعطى مقاومته عمقًا وبعدًا لا يجري تناوله عامة إلّا في ما نذر، عنوانه:"القرى السبع والغجر"، يعيد ويقول:"نعم! هذا اراضٍ لبنانية، انظروا الخرائط، وما دامت كذلك ستعود".

نُباغت محدثنا بسؤالٍ حول احتمال أن تكون الأسباب مرتبطة بهدوء الاوضاع في الداخل و العقوبات المالية التي "تنُاطح حزب الله"، فيرد سريعًا متسائلًا عن الأدوار المزعومة التي يُقال دائمًا أن السرايا تخوضها. "هات لي دليلك من خارج أحداث أيار ٢٠٠٨ و عبرا، وانا جاهز!".

وبالمناسبة، يستغرب المصدر القيادي الزج الدائم بالسرايا في إشكالات تحصل هنا وهناك، مؤكدًا، أنّ ثمة "جوقة اعلامية" مهمتها "التنقير على السرايا وحياكة الفبركات ضدها" من أجل شيطنتها و ترسيخ مفاهيم غير صحيحة حولنا تستثمر بمشروع ابعاد الناس، ليس عن جسمها فقط بل عن فكرة المقاومة ككل.

ويعطي اسبابًا، فمثلاً، قيل أنّ "السرايا" شاركت في معارك طرابلس أو اطلقت النار صوب الجيش، فأين الدليل؟ ثم يزيد، طبيعي أن يكون للسرايا جسمًا في طرابلس كما هو الحال في كل لبنان، لكن هذا الجسم مخصَّص لأغراض المقاومة وليس للدوران به في الشوارع وتشكيل "زعماء محاور".

لكن المصدر يعود ويتواضع قليلاً حين يفُتح الكلام حول العقوبات المالية كواحدة من أسباب التخلي عن دور "السرايا أو تقليصه" كما يُقال، ليقارب المسألة بشيء قريب من نفس حزب الله، ثم يعكسها على الأسباب العقائدية والسياسية، مستخلصًا أنه "لو كان هذا صحيحًا لما كنا هنا اليوم". أحيلك إلى ما ذكرته أعلاه. "السرايا" ملك قضية وليس سهلًا التخلي عن قضية.

انطلاقًا من هنا، يبدو جليًا، أنّ فقاعات الصابون التي ارتفعت ريفيًا، لا قصد منها غير اشاحة العيون عن حقائق، وإحلال الضغائن بدلاً عنها، وتسويق افكار ليس غايتها أكثر من تحقير مجموعة، أو ايجاد مصطلحاتٍ لغوية لتأكيد حسن سير فرمانات تتخذ تحت مظلة "العقوبات.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة