المحلية

الاثنين 21 تشرين الأول 2019 - 14:47 LD

عن دولةٍ خرجَت ولَم تَعُد

عن دولةٍ خرجَت ولَم تَعُد

"ليبانون ديبايت" - روني ألفا

شعبٌ يفتّش عن دولة بالسّراج والفتيلة. دولَة ظّن الناسُ أنها متوفِّرَة كالبزّاق في أوَّل شتوة فتبيَّن أنها نادِرَة كالكَمأ في بلادٍ لا رعدَ فيها. دولَةٌ بأمّها وأبيها خرجت بِقَميص النوم من بيتِ ذَويها ولم تعد. أما الشّعبُ فخرج من بيته إلى الشارع يسأل عنها المارّة وكلّ من يعرِف عنها شيئاً. بين شعبٍ يفتش وبين دولة مفقودة ومفتقدة يمكن بالعين المجردة مشاهدة سقوط المحرّمات.

زعاماتٌ ساد الإعتقاد أنها " ستالينية " في هيبَتِها، عاث فيها الغضب كما تعيثُ الذئابُ في الأغَناَم. شخصياتٌ وازنة مُزِّقَت صورها إرباً إرباً. مرجعيات كادَت تضاهي " تشاوشِسكو " وزوجته " إيلينا " بالربوبية ، تمَّ إعدامها بالنابي من الألفاظ... حتى الآن.
أحزاب عريقة كانت حتى الأمس القريب محصّنة، بات يراها الناس أشبَهُ بمحلات صيرفة سياسية يكاد يصِل سعر صَرف المحازِبين فيها إلى ما يعادِل قِرش مَقدوح.

ولأوّل مرة في تاريخ لبنان أيضاً، أسقطَ الشعب " تابو " المساس برمز الدولة. مشهد حزين لا يخلو من السخرية، سخرية القدر. الشعب نفسه الذي حمى " العماد عون " منذ ثلاثين عاماً برموش العيون وذهبِ القلائد والأساور في " قصر بعبدا " يتظاهر اليوم أمام " بيت الشعب " طالباً حمايته من ارتكابات رجال عهد الرئيس عون. لا يمرُّ التعبير عن هذه الخيبة علانيةً من دون غصَّة.

من سمات الإتّهامات المُساقة أنها " دوكما ". بالعامية " قشّة لفّة ". الطالح الكثير يحجب الصالح القليل. لا تستقيم الإستجابة لمنطق " الدوكما " إلا بإعفاء طبقة سياسية برمّتها. من سابع المستحيلات شنّ حرب إعفاء من هذا النوع في دولةٍ بعضُ حماتِها مِن ناهبيها. على الشعب أن ينتَظِر متى يستردُّ الله ودائِعَه. وحدها عودَة الوَديعَة إلى باريها كفيلة بتغيير الطبقة السياسية. بالموت الطبيعي تتغيّر الوجوه والذهنيات. عليه سيكون على الشعب تلاوة صلاة الميت كل يوم لتحقيق أحلامه.

يصعب ألا نرى على هامش الحِراك عوارض " سكيزوفرينيا ". لاعِبو " بِليار " سياسي شكَّلوا تعاونيَة سلطة حكموا بموجبها رَدحاً ثم بدأوا ينفصمون. لا يَرَوْن مشكلة في الغزل العذري بالحليف من جهة وبين الطلاق مع حكومته من جهة أخرى. غزل وطلاق في آنٍ معاً. رِجلٌ في بور الإستقالة وأخرى في فِلاحة الحِلف وصيانته. إزدواجية جديرة بتشكيل أحجية لمدرسة فرويد ويونغ في التحليل النفسي المعاصر.

في المقابِل " تيّار " أعياهُ الرّكودُ فاستَحال بحيرَةً هادئة. يملكُ 23.9 % من المجلس النيابي و 30.4% من مجلس الوزراء. استفاق على حملَة " نفّذ " منذ أسبوعين فقط.

وحده حزب الله ينفخُ في صفّارَة الحَكَم. عينُهُ على الإقليم وقلبه على العهد. جمهوره الواسِع يَضيقُ ذرعاً هو ايضاً من ندرَةِ الخبز والأفُق.

أما في شوارِع الوطَن، فشعبٌ يريد أن يشبه نظراءَه في كل دول العالم. يحاول جاهداً أن يبقى شعباً واحِداً. لا يريد أن تسكنه شعوب كثيرة. شعوب منتحلة صفة . يخاف مع تعاقب الأيام أن يتحول إلى شعوب وساحات وأزقة والبلد الى شوارع.

دأبُ الذين افترشوا الشوارِع أن يوحّدوا اليافِطَة. إذا كانَ إسقاطُ الحكومَة بعيدَ المنال فاسترداد الأموال المنهوبَة مُتاح. ليس هناك من صوت أعلى من صوت الناس حيث همُ اليوم. أسمِعوهُم عبارات من قبيل إقامَة جبرية ومنع سفَر وإحالَة إلى المجلس الأعلى لمحاكَمَة الرؤساء والوزراء والنواب في مجلس النواب. قرارات لا تحتاجُ إلى مذاكَرَة ولا تخضَع لِمهل.

من دون ذلك سيعيشُ الجيل الجديد في المُقبِلات من الأيام أوّل إخفاقاتِه الجماهيريَّة. تَعويم حكومَة فاسِدَة وإغراق جماهير نَظيفَة. لَو حدثَ الجَلَلُ في أيِّ بلدٍ آخَر لتهاوَت الإستقالاتُ ولفُتِحَتِ السّجون.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة