المحلية

placeholder

جانين البطي

ليبانون ديبايت
الأحد 24 تشرين الثاني 2019 - 14:54 ليبانون ديبايت
placeholder

جانين البطي

ليبانون ديبايت

دور الإعلام في زمن التحولات الكبرى

دور الإعلام في زمن التحولات الكبرى

"ليبانون ديبايت" - جانين البطي

في ظل التحولات التي تثيرها الثورة اللبنانية منذ أمثر من شهرٍ حتى اليوم, تعلو صرخات الشعب الغاضب بوجه السلطات الثلاث التي انكسرت هيبتها, حيث صمتا ألسنة الطائفية و التقسيمات المناطقية و المحاصصات أمام هذا الكمّ من الغضب. ولم يعد هناك من ثقة لأيٍ من السلطات سوى للسلطة الرابعة التي تواكب انتفاضة الشارع و تضع كل ما لديها من قوّة لتقف حرةً بجانب صرخة رأي عام مليئة بالأمل. لكنّ هذه الوقفة الإعلامية الحرة ليست سهلةً البتّة, و قد سمعنا بعضاً من الإنتقادات اللاذعة حول الإعلام بسبب الدور الذي يلعبه في هذه الثورة. فما هو دور الإعلام الحرّ و أين هي خطوطه الحمر؟

في نظر الخبراء و المهنيين فإنّ الركن الأساس في العمل الإعلامي هو توفير الحقيقة بأمانة و دقة تفيدان المعنى. بحيث لا يكون دورها تقديم الحقيقة الخام, بل ينبغي أن تكون عملية, أي مفيدة, يحوطها نظام من التدقيق يكسبها شفافية تساعد في تكوين الرأي. و إذا كانت الحقيقة شجرةً فهذه أغصانها, و نعني بها القواعد التي تساعدها على النّمو و جني الثمار, ألا و هي: أولاً, الإستقلالية عن أي تأثيرٍ سياسي أو تجاري أو مالي. وهذه تحتاج إلى الإهتمام الزائد لأن خسارتها قد تكون الأسهل تحت الضغوط. لذلك يجب أن يُحتفى بها و لا تُعتَبر تحصيلاً حاصلاً. ثانياً, توافر الضمانات القانونية و الحمايات. و دور القوانين و الدساتير في هذا الشأن واجب على الإعلام الرجوع إليه. ثالثاً, الفصل بين الرأي و الخبر, و هذا قائم في معظم وسائل الإعلام التي تحوز الإحترام. رابعاً, وجود رغبة أكيدة في الفضول و النظر إلى ما وراء الأبواب الموصدة. خامسأً, البحث عما هو جدير بالإهتمام و له قيمة. إنّ واجب الإعلام هو أن يخبر الناس بما يحتاجون إلى معرفته, لا بماذا يريدون هم معرفته. سادساً, الإهتمام في تغطية الحدث و تحدّي الضغوط و طرح السؤال: لماذا تُقفَل الأبواب بوجه الإعلام؟ و ماذا يجري في الكواليس من أمور تُخشى معرفتها؟ فالقوة الضاغطة تطمح إلى إخفاء الحقائق لكي تحتكر وحدها القوة المخيفة. ففي غياب الإهتمام الإعلامي, تتهرّب السلطة من المحاسبة, و يجوع المواطن, و يصاب بالشلل.

يقول السّيد المسيح: " اعرفوا الحق و الحق يحرركم". وهذه العبارات الثلاث: المعرفة, الحقيقة و الحرية هي ركائز مهنة السلطة الرابعة التي توصل إلى الهدف الأسمى للنجاح و هو "القيادة". يقول الباحث الأميركي "جيم مان" أنّ وظيفة الإعلام في النظام الديمقراطي هي أن تخدم المجتمع و تكون أكثر من مرجع في أرشيف. وبعبارات أخرى أن تقود هذا المجتمع. وبذلك يصبح هدفها أبعد من التعريف التقليدي لدورها بأنها تُعلِم و تُعلّم, و تثقّف, و تسلّي, و توحي. و السبيل إلى تحقيق هذه القيادة يعبر في ثلاث ممرات أساسية هي الإحترام الذي يكسبه من الرأي العام و يجعله محط ثقته للقيام بواجبه بقدرة و اجتهاد و إتقان و تجرّد. و الممر التالي يكون عبر الحماسة التي يؤدي بها الإعلامي رسالته فتنتقل منه إلى الرأي العام الذي يبحث عن سند يلقي ثقل أوضاعه عليه و يكسبه حقه في التعبير. أما الممر الثالث فهو إيمان الإعلامي بما يقوم به, الأمر الذي يجعل المواطن ينفتح على عالمه و يقتنع بالرسالة التي يؤديها الإعلامي, فيكسبه نوعاً من السحر أو "الكاريزما".

لكنّ قيادة المجتمع في خضمّ هذه التحولات لا بد أن تعرف حدودها و أن تكون سلطة رابعة للجمهور وليس عليه. فالإعلام يتعين عليه تزويد الرأي العام الحقائق التي تمكنه من ممارسة سلطة الرقابة على الدولة و طريقة ممارستها السلطة. و بالتالي على الإعلام أن يتحلّى بالأخلاق و احترام سلطة الشعب بعيداً عن الكذب و الكره, قريباً من الحقيقة والذكاء, طامحاً للسلم و السلام.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة