المحلية

الأربعاء 26 شباط 2020 - 02:01

يان كوبيش "فوق الجميع"

يان كوبيش "فوق الجميع"

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

يتعاطى المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيش مع أعضاءِ النادي السياسي "من فوق" كما وأنّه موصى به أو معيَّن كوصيٍّ سياسيٍّ عليهم.

حدود جرأة كوبيش الواسعة في التدخل السياسي الداخلي، جعلت من المستهدفين على مضبطةِ إنتقاداته لا يجرؤون على التوقّف عند ما ينشره على حسابهِ الرسميّ عبر "تويتر" ويتناول فيه حشدًا واسعًا منهم إلى حدٍّ جعله أشبه بـ"مفوض الصلاحيات المطلقة" لإدارة شؤون البلاد!

وحده مجلس النواب، تجرَّأ على الردّ على "المهندس الاممي" بعدما "تعكَّر مزاجه" من جرّاءِ كلمةٍ دوَّنها كوبيش في سجلهِ الحافلّ، حين قال صراحةً، أنّ مجلس النواب "يشرِّع من خلفِ أبوابٍ موصدة"، وهو ما تداعى لأجلهِ المجلس الذي لقَّنَ الضيف دروسًا في التشريعِ وصل بنتيجتها إلى التأكّدِ من أنّ المسؤولَ الأممي لا يحمل جينات دبلوماسية أبدًا!

منذ فترةٍ، دأبَ الرجلُ صاحبُ الحزامِ الأزرقِ على تناولِ الملفاتِ السياسيّةِ الداخليّةِ بكميةٍ من الانتقاداتِ التي أوحَت بأنّه يتعمَّق في التدخّل "من خارجِ الأصول" بالملف اللبناني.

التغريدة الاخيرة التي أسقَطَ عبرها صفة "الشعبويّة" على المعتصمين قرب مصرف لبنان مثلَت "النقطة" التي فاضَ بها الكأس فغدَت أقرب إلى خلاصةِ حكمٍ بالبراءةِ صادرة عن مرجعيّةٍ دوليةٍ بحق الحاكم رياض سلامة. كلامٌ، أوحَى بوجودِ "مظلّةِ دعمٍ أمميّةٍ" على رأسِ الرجل الذي يستحوذ على مبنى الحاكمية منذ ما يناهز الـ 25 عامًا.

وللحقيقةِ، هي ليست المرة الاولى التي يتناول فيها كوبيش موضوع سلامة وهو يرتدي وشاح المحاماة من خلفيّةٍ فيها الكثير من الدفاعِ. ذات مرّة، أوصى بمنحِ سلامة صلاحياتٍ إستثنائيّةٍ لإدارة الاقتصادِ بطريقةٍ أو بأخرى، وقد "هاجمَ" حينها طقم المسؤولين حين وصفهم بـ"المتفرِّجين على الاقتصادِ وهو ينهار".

ثمة من المناوبين على الحضور في مجالسِ كوبتش من يذكر أنّ حدته "المستجدَّة" في مخاطبتهِ أعضاءِ النادي السياسي وتوجيه الملاحظاتِ إليهم ليست جديدة وليست أقلّ أهمية من "الراجماتِ الكلاميّةِ" التي يطلقها في داخل الغرفِ المُغلَقَة، التي يرد فيها الكلام الحادّ الكفيل بنزعِ اللبوس الدبلوماسي عنه، لا بل إنّ البعض يذكر أنّ مواقفَ كوبيش توحي كما وأنّه مواطن لبناني مواظب على الملفاتِ اللبنانيةِ بدقّةٍ وليس مسؤولًا أمميًا مُكلَّفًا إدارة ملفٍّ ذات طابعٍ دبلوماسيٍّ!

لكن طبعًا، ونسبةً إلى موقعِ كوبيش كموظفٍ يمثل جهة أمميّة موجودة في بيروت بصفةٍ دبلوماسيةٍ، لا بدّ له أن يخضعَ للقوانين المرعية والمتَّبعة في مثل هكذا حالات والتي يُحظَّر على أيّ دبلوماسيٍّ تناول ملفات البلدِ المضيفِ بهذا العمق وهذا القدر من العنفِ، وتجاوز المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان هذه المعايير يطرح علامات إستفهام حول ما هو مكلفٌ حقًا بإدارتهِ في لبنان، وهل أنّه ينطلق من تفويضٍ أمميٍّ للتدخل في الشأن اللبناني بهذا القدر أو أممي بلبوس محلي؟!

ما يزيد من علاماتِ الاستفهام، تعاطي الجهات المعنية ضمن الدولة اللبنانية بكثيرٍ من "الطوباوية" أمام ما يطرحه "المفوض السامي"، والاصحّ، أنّ بعضهم إن لم يشارك في عملية التصفيق له عقب كلّ تغريدة يطلقها، تجده الأقرب إلى "شخصٍ أصم" حين يتعلَّق الموضوع بما يتناوله يان كوبيش!

وزارة الخارجية بصفتها معنيّة بالموضوعِ كان يجدر بها أقلَّه أن تستدعيَ يان كوبيش إلى مقرّها في قصر بسترس للاستماع إليه أو توجيه ملاحظاتٍ له حول عدم صلاحية تناوله للملفات اللبنانية لكونهِ يخرج عن الآليات الناظمة لعمل الدبلوماسيين إستنادًا إلى "مبدأ جنيف"، علمًا، أنّ حالات مماثلة لا تمرّ في دولٍ كثيرةٍ من دون توجيهِ "لومٍ وتنبيهٍ"..

وبخلاف الآخرين، يتمنَّع "قصر بسترس" حتى عن إبداءِ الرأي في المسألةِ، وما زالت الوزارة تتعامل مع القضية بأقلِّ درجةِ إهتمامٍ مُمْكنة على أساسِ أنّه مجرّد "كلامٍ ويمّر". هذا ما يؤكّده المطلعون على "القصر" الذين يلحظون غيابًا تامًا لأي توجّهٍ صادر عن الوزير ناصيف حتّي حول هذا الموضوع، وعلى الأرجحِ، هم يشعرون، وكأنّه يتعامل بـ"فائضٍ من الدبلوماسية" حيال ما يصدر عن كوبيش تحديدًا.

هذا الأمرُ يستدعي الانتباه. فهل الحكومة الجديدة قرَّرَت التعاطي بـ"لا مبالاة" تجاه التدخلات الخارجية في شؤون البلاد؟ هل فوَّضَت موضوع "النأي بالنفسِ" ليتحوَّل إلى جهازِ تحكّمٍ ينأى بها عن أيّ موضوعٍ مرتبط بحفظِ سيادتها الداخلية؟ وهل صحيحٌ ما يُنقَل من داخل الغرفِ المغلقةِ حول أنّ الحكومة لا تعرف كيفيّة التعامل مع صلاحياتها أو هي تخلت عنها لصالح الآخرين نظرًا إلى قلّةِ مناعتها السياسيّة؟

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة