المحلية

الجمعة 24 نيسان 2020 - 04:00

بهاء الحريري في طرابلس!

بهاء الحريري في طرابلس!

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

يحسب كثيرون وخصوصًا نفر محسوب على معشر المؤيدين لتيار المستقبل أنّ الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري قد عادَ أخيرًا إلى بيروت تحت وطأة إنفلاشِ الفيروس التاجي في فرنسا وهذا الاعتقاد الخاطئ مبنيٌّ على لجوئهِ باكرًا إلى منزله الباريسي هربًا من الوباء حين أطلَّ برأسهِ في بيروت.

لكن الحقيقة تُخالف ذلك على نحوٍ واضحٍ، فحاجة الحريري من أجل إمساك وضعِ طائفتهِ الداخلي يعد أحد الأسباب الرئيسيّة الدافعة لهبوط طائرتهِ الخاصة على مدرجِ المطار، وهذه يتفرَّع عنها أسباب أخرى مثل ملاحظة طغيان عوامل سلبية عدّة باتت تُعاني منها الطائفة أولها "حالة بهاء الحريري" الآخذة بالنمو والتطوّر على كتفِ التيار الازرق.

ليس سرًّا، أنّ رئيس تيار المستقبل تلقى مجموعة تقارير ذات طابع أمني من "موظفين" يدينون بالولاء السياسي له، أنذرته إلى وجود مخاطر من جراء إستمرار حالة "الاغتراب القسري" بعدما باتت سببًا في تآكل التأييد المتبقي له ضمن طائفته، وقد إنطوى الإنذار على التحذير من أنّ إستمرار حالة "الطلاق والجفاف العاطفي" مع شارعهِ ينذر بما هو أسوأ، وقد تأتي ساعة وتحضر جهة ما لتسلب "شيخ سعد" عناصر قوته.

أكثر ما لحظته التقارير سرعة نمو حالة بهاء الحريري "الطفيلية" بالنسبة إلى أنصار التيار الأزرق بعدما أعدت مناطق الاطراف السُنية منشأها ونقطة إرتكاز "الدعوة البهائية". لقد ثبت أنّ الكثير من أبناء هذه المناطق يتقبّلون بهاء الحريري بصفته الإبن البكر لوالده. حيازته إسم العائلة يذر عليه الكثير من الفوائد وسقطات شقيقه المتعدّدة والشعور باليتم السياسي يُعدان بمثابة سببٍ شرعيٍّ للالتفافِ حوله.

في الحقيقة، إنّ واقع الطائفة السنية الهش يدركه سعد الحريري تمام الادراك لا بل هو على معرفةٍ تامة به، لكن المشكلة من وجهة نظره كمنت في غياب الآليات المفيدة في إعادة تصويب الشارع الذي كفر بالاصيل والوكيل. المسألة مسألة ثقة إذًا. "سعد الدين" واحدٌ من هؤلاء. الرجل لم يعد يتحمّس للعمل مع طاقم كان همّه السابق مدّ اليد إلى الجيبة لا أكثر، أما الفريق البديل الذي استحدث خلال الانتخابات، يضيع عند أول مفرق "Last Seen" يدخله الحريري، يقول البعض أنه يعتاش على رسالة التطبيق الاخضر.

بصرفِ النظر عن الربط الذي إقترن بين عودة الحريري وإرتفاع قيمة الهجوم على حكومة حسان دياب والتحركات في الشارع، تبدو أسباب العودة أعمق بكثير، فلدى الحريري أشياء أخرى تستحق الخوض فيها تعدّ بالنسبة ذات قيمة مرتفعة وتشكل خطرًا وجوديًا يفوق وجود شخصٍ "غير دائمٍ" مثل حسان دياب في السراي، وهنا يظهر أنّ شيئًا لم يتغيّر في نظرة الحريري.

"البروفات الليليّة" والاجتياحات النارية في بيروت والجولات "المطاطية" في محيط منزل حسان دياب وتغريدات القنص المطلقة من بيت الوسط ناح السراي جميعها تمثل في منظور المطلعين "قنابل دخانية" هدفها الاعماء عن واقع آخر يستعد "المستقبل" للخوض به لكنه يجد مصلحة الآن في إبعاده عن دائرة المراقبة والاهتمام لمصلحة توجيه الأنظار باتجاهٍ آخر.

الحديث هنا يفوق تكوين جبهة معارضة كما يُحكى واصلًا ظروف إنضاجها غير متوفرة ما دامَ الدكتور سمير جعجع يطرح المصارحة والمكاشفة كخارطةِ طريقٍ، ويرتكز تحديدًا على عوامل داخلية تخصّ البيئة السنية والصراع الذي قاربَ مرحلة الإنفجار.

هنا، لا بد من العودة إلى التقارير التي وصلت للحريري وتلك الموجودة على طاولات بعض الاجهزة التي تنذر إلى تبلور حَراكٍ سُنّي بات يتقطّر بشكلٍ واضحٍ تجاه أسلوبٍ أكثر تنظيمًا، يخالف رأي الحريري أو مشيئته، يُسأل عن ذلك "بهاء" بشكل شخصي والفريق المحيط به ثانيًا، وحَراك طرابلس الأخير لا ينفصل عن هذا الجو لو أنّ الكثير من الذين يتحرّكون في محوره يخلون من الدسم السياسي.

من نافل القول بعزل "الدعوة البهائية" عن تركيبة الحَراك المستجدّ في طرابلس. الواقع يقول أنّ ما جرى خلال الايام الماضية لا ينفصل عن سياق الحضور "البهائي العام" في المشهد بشكلٍ مستتر، ولا يمكن عزله عن عودة سعد الحريري إلى بيروت بعدما لفت بشيءٍ من عودة الاهتمام إلى الطائفة.

صحيح أن عودة سعد الحريري سرّعت من عوامل تحريكِ المجموعات الشمالية في هذا الوقت الباكر مقارنة مع ما كان يجري الإعداد له ليتزامن حصوله مع إعلان أفول "كورونا" عن الأراضي اللبنانية، لكن ذلك لا يصب في مصلحته على الإطلاق بل يجدها عيّنة تقف في مواجهته، لذا فإنّ تقريب عقارب الساعة إلى الأمام وإستعادة دور "الدراجات النارية الزرقاء" في أزقةِ بيروت يفتح المجال لقراءةٍ أوسع ولا يمكن فصله عن سياق ردود الفعل على ما جرى في طرابلس رغم أنّه طاولَ في بيروت شخصية أخرى غير منضويةٍ ضمن تركيبة "ردود الفعل الجارية" وهو ما يصلح إعتباره بمثابة نوعٍ من انواع "عرضِ العضلات" الجاري استثماره ضمن تركيبة الصراعِ داخل دائرة الحريري.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة