المحلية

الأربعاء 22 نيسان 2020 - 02:00

أموال الإتصالات المنهوبة... إسألوا من وقع!

أموال الإتصالات المنهوبة... إسألوا من وقع!

"ليبانون ديبايت" - صفاء درويش

تصاعدت الحملات في الفترة الأخيرة تجاه وزير الإتصالات، في رفضٍ من قبل المعترضين لتجديد عقود شركتي تشغيل الإتصالات الخلوية. نقاطٌ عديدة يبني عليها الرافضون لفكرة التجديد، من أجل تفنيد الخلل الحاصل في القطاع الخلوي، والذي تسبّب في الأعوام الأخيرة في هدرٍ كبيرٍ على مستوى وزارة الإتصالات وميزانية الدولة عمومًا.

التعمّق في الملف مع إدارة الشركتين والوزارة من جهة، وبالإستناد على مضمون الرفضِ لواقعِ التجديدِ، يبيّن أنّ معطيات عديدة غُيِّبت عن سياق القضية، وكان لهذا التغييب وقع تحريفها وبالتالي تضييع بوصلة المعالجة السليمة.

وجة نظر هؤلاء تفيد بأن تشغيل الدولة اللبنانية للقطاع بشكل مباشر، من دون إدارته من قبل شركتي الخلوي، يعود على الخزينة العامة بالفائدة. هذا الأمر يناقضه الواقع، حيث أنّ تشغيل الدولة اللبنانية لقطاع الإتصالات الثابتة عبر هيئة أوجيرو يتّسم بالسوءِ. حيث أنّ خدمات الإنترنت من "أوجيرو" تكاد تكون الأضعف في المنطقة، في حين أن شركتي الخلوي تمكّنها خلال سبع سنوات فقط من نقل لبنان في الإتصالات والإنترنت من جيل إلى جيل، من 2ج الى 3ج واليوم 4ج و4ج+. هذا الأمر ما كان ليكون موجودًا لو شغّلت الدولة اللبنانية القطاع، والدليل "أوجيرو".

على صعيد سرعة الإنترنت في الهواتف المحمولة يُعتبر لبنان من الأهم عربيًا حيث يحل في المركز الثالت بعد قطر والسعودية، و36 عالميًا، فيما يحل في المركز 167 من 176 دولة في سرعة الإنترنت الموصول إلى البيوت والشركات والتي تؤمنه الدولة اللبنانية عبر "أوجيرو"، وذلك بحسب أرقام مؤسسة "أوكلا" العالمية.

الهجوم اليوم يتركّز على الهدر الحاصل في شركات الإتصالات، والذي كان النائب جميل السيد قد أشار إليه في معرض كلمته أمام المجلس النيابي في جلسات مناقشة البيان الوزاري لحكومة الحريري الماضية. فشركتي التشغيل عمدتا طيلة سنوات إلى رعاية مهرجانات ومناسبات رياضية وفنية. هذا الأمر لم تتخد الشركتان أي قرار به، بل أتى بقرارات موقعة من وزير الإتصالات نفسه، والذي بات لديه هو قرار الصرف منذ العام 2012. عوضًا عن ذلك، فإن مجلس الوزراء قد ألزم شركتي التشغيل بتأمين رعاية عددٍ من المناسبات وأبرزها نقل تلفزيون لبنان لكأس العالم، حيث دفعت الشركتان كلفة حقوق النقل لصالح وكيل التلفزيون القطري الناقل.

الدليل على ذلك هو أن حصة الرعاية للمهرجانات والمناسبات في ميزانية 2020 في الشركتين هي صفر دولار، وذلك بعد إتجاه الموازنة العامة نحو ترشيد النفقات. هنا يعيدنا هذا الإجراء إلى البحث عن من يتحمّل تلك النفقات كلّها، الدولة بشخص وزارة الإتصالات أم من يشغّل ولا يملك قرار الصرف بيده؟

من جهة ثانية، لطالما اعتبرت الدولة اللبنانية قطاع الخلوي رافعةً كبيرةً لإيرادتها، حتى أطلق عليه البعض "نفط لبنان". في هذا الإطار، تحدّد الدولة اللبنانية عبر وزارة الإتصالات سعر المخابرات الهاتفية الخلوية، وهذا مدرج في العقود مع الشركتين، التي تلتزم بالتطبيق والتشغيل، ولا علاقة مباشرة لها بالتسعير.

أمّا لناحية الإتهامات التي تعتبر السعي إلى تجديد عقود الشركتين بسبب تقرّب المديرين الماليين فيهما من التيار الوطني الحر، فتفيد المعطيات أن السيرة الذاتية لكل منهما كفيلة بتسلّمهما إدارة أكبر الشركات العالمية، وهما بالفعل من أصحاب الخبرة الواسعة وسبق لهما العمل في القطاع في الخليج وفرنسا وعددٍ من دول العالم، وبالتالي لم يكن تعيينهما من منطلق سياسي بل على أساس الكفاءة المشهود لها من الخارج قبل الداخل. التدقيق بالحسابات، في حال حصل، سيظهر أنّ مسيرتهما المهنية خالية من الشوائب، وبإمكان المشكّكين التثبّت.

المعركة التي فتحها البعض تجاه عدم التجديد لشركتي الخلوي تنطلق من ضرورة تخفيف الأعباء على اللبنانيين والحد من هدر المال العام، فيما أتى التصويب بشكل غير مدروس وغير دقيق. الأجدى اليوم البحث خلف الأموال المنهوبة في القطاع، وراء رعاية مهرجانات ومناسبات لم يُصرف عليها إلّا القليل، فيما حصل أصحابها على مال عام لبنان اليوم بأمسِّ الحاجة إليه. فهل ستسلك معركة عدم التجديد مسارًا حقيقيًا يفتح الباب أمام محاسبة الفاسد الحقيقي؟!

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة