"ليبانون ديبايت"- صفاء درويش
لم يمرّ بيان بهاء الحريري على خير، لا على بيت الوسط ولا على باقي البيوت. كلٌّ استهجنه انطلاقًا من هواجسه. يأتي وقْعَ الرجل ثقيلًا على أيٍّ كان. في الشكلِ يبدو متجهّم الوجه قاسي الملامح، أمّا في المضمون ولاعتبارات عديدة، يبدو أنَّ حضوره غير محبّب لدى جمهور والده وكذلك باقي الأطراف السياسية.
تابعَ الجميع بيان الإبن البِكر لرفيق الحريري. حمَلَ على جميع الأطراف السياسيين الذن حكموا البلاد بعد ال ـ2005، ومنهم شقيقه الأصغر، رئيس الحكومة السابق، سعد. أوحى الرجلُ من كلامِهِ أنّ والدَه قبل الـ 2005 جعل من لبنان جنّةً لساكنيه ومثالًا يُحتذى بين الدول.
بالطبع، هَدَف كاتبُ البيان إلى استعطافِ جمهورِ الشهيد، وهو يعلم جيّدًا كم هي الإعتراضات والإنتقادات التي تَختلج في صدور الشارع المؤيّد للحريري تجاه سعد. سعى من خلال بيانه إلى استثمار الحالة الكارثية لشقيقه الخارج من الحكم مؤخرًا وشبه المفلس ماليًا ومؤسساتيًا. أتى بيان بهاء الحريري كالشعرة التي قصمت ظهر الضغوطات المالية والشعبية على شقيقه.
يَكشف مصدر سياسي رفيع أن الإمارات العربية المتحدة تغطّي دخول بهاء الحريري إلى الساحة اللبنانية بشكل مباشر. فبهاء البعيد عن لبنان منذ اغتيال والده وبقرارٍ سعودي، يشكّل بالنسبة للإمارات، صاحبة القرار الخليجي الأوّل، الحلّ الحقيقي للمشروع الإماراتي - السعودي على الساحة اللبنانية، بعدما فشل سعد في لعب الدور المطلوب منه، ما أضعفَ النفوذ الخليجي كثيرًا وأعادَه إلى حقبةِ ما قبل الطائف.
هذا الكلام يأتي بعد حوالي العام من عودة التنسيق الإماراتي- السعودي مع القيادة في سوريا، الأمر الذي يوضح أنّ عودة بهاء الحريري إلى لبنان تأتي في إطار ترجمة تقاسم النفوذ الجديد التي أنتجته نتائج الحرب السورية.
في هذا الإطار، يصوّر مقرّبون من بيت الوسط أنّ محاولة إقحام بهاء الحريري في الساحة السياسية اللبنانية ليس إلّا استكمالًا للإغتيال السياسي الذي تعرّض له سعد الحريري يوم اُحتجز في السعودية. يعتبر هؤلاء أنَّ مسار الحريري التوافقي و"التهدوي" والحواري مع مختلف الأطراف لم يناسب عدد من الدول التي تهدف إلى تفجير الساحة الداخلية اللبنانية بوجه حزب الله، عبر نقل الصراع الخليجي إلى الإيراني إلى الساحة اللبنانية، ولذلك يعترضون على سعد ويسعون للإتيان ببهاء.
يرفض هؤلاء فكرة استبدال بهاء بسعد، بل يرجّحون أن يكون دخول بهاء للسياسة مزاحمًا لشقيقه على الزعامة السنيّة في لبنان، حيث يعوّلون على الشارع الذي التصق بسعد طيلة 15 عامًا "على الحلوة والمرّة" ورفض كل أشكال الزعامات التي تظهر في أوقات المحن وتسعى لكسب شعبيتها على قاعدة تأجيج الفتن وشدِّ العصب المذهبي.
بعيدًا عن شَخصَنةِ المعارك السياسية، يبدو أنَّ مرحلةً جديدةً مقبلة على لبنان يعود من خلالها التنسيق الخليجي السوري لإدارة الملفّات، مع الأخذ بعين الإعتبار إختلاف زمن رفيق الحريري عن أي مخلّص آخر سيُطلب منه انتشال البلاد دون أيّ غطاءٍ خارجي وبعيدًا عن الحضن الشعبي الداخلي.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News