"ليبانون ديبايت" - صفاء درويش
ليسَ قانون قيصر محطةً عابرة من تاريخ سوريا، ولن يمرَّ مفعوله مرور الكرام، ولكنّه في الوقت عينه لن يدمّر بلادًا قاتلت الإرهاب لعشرة أعوام واستمرت. يشعر كل من يخابر صديقًا أو مسؤولًا سوريًا أنّ ما يحصل كان متوقّعًا، وليس جديدًا، بل هو واحد من أوجه المواجهة، فبعد العسكر يأتي الإقتصاد، وربّما قبله أحيانًا. هناك في دمشق، لا تعير الأغلبية أي أهمية للائحة العقوبات، ولا لأسماء الأفراد والمؤسسات المُدرجة عليها. هناك ينظرون فقط لمن سيقف معهم.
في المعيارِ السوري قدّمت سوريا الدولة والشعب الخدمات تِلوَ الأخرى لمحيطها، من العراق وإيران إلى الإمارات والأردن والكويت، وحتّى تركيا التي نصّبت نفسها عدوّة لسوريا في السنوات الأخيرة، يرون في دمشق وحلب وحماه واللاذقية أنّها كانت جارة يجب أن تُبنى معها أفضل العلاقات على مُختلف الصعد.
حلفاءُ سوريا سيقومون بواجباتهم كل حسب استطاعته كي لا تُكتب لقانون قيصر أن يصيب جوع الشعب السوري، فإيران ستعطي ما عليها متحررة من أي ضغوط كونها لا تخشى عقوبات نالت منها نصيبها، ومساعدتها لسوريا باتت من المسلّمات. أمّا لبنان، فهو محطّ أنظار الجميع، نظرًا للعلاقة الوثيقة والتاريخية التي تربط الشعبين، وكذلك التحالف والتناغم الكبيرين بين القيادة السورية وأحزاب الأكثرية النيابية في لبنان.
يكشفُ مصدرٌ سوري رفيع لـ "ليبانون ديبايت" أن سوريا تلقّت إشارات رسمية لبنانية عبر أكثر من موفد أمني وسياسي أبلغوها عدم رغبة لبنان الرسمي اتخاذ أي إجراء يتناغم مع القانون الأميركي، وأن الحياة على المعابر الحدودية ستستمر كما هي. يكشف أيضاً أن الدولة السورية تقدّر جيّدًا الحرج الذي تسبّب به القانون للحكومة اللبنانية، ولكنّها تبدي في الوقت عينه اطمئنانها أنّ المكوّنات اللبنانية التي لم تتركها طيلة أيام المواجهة العسكرية وقدّمت لها الدعم البشري والعسكري والمعنوي وخاض بعضها معارك إعلامية وفرض على البعض الآخر عقوبات أميركية لن يسمحوا بإشتراك لبنان بحصار رئته الوحيدة إلى العالم.
ينقلُ المصدرُ أيضًا حرص القيادة السورية على ألّا تعرّض الحكومة السورية لبنان لأي عقوبات نتيجة موقفه "الصامت" من القانون. في الوقت عينه ينفي المصدر خروج عدد من الشركات اللبنانية من سوريا قُبيل صدور القانون، معتبرًا أن كل من بقي في سوريا بعد الحرب أكان لبنانيًا أم غير لبناني، هو مقتنع تمامًا بتواجده، كما أن الدولة السورية تقدّر تعاونه مع شركات سورية في مختلف القطاعات.
مصادر حكومية في بيروت تؤكّد أن الحكومة اللبنانية ستسير بسياسة غضّ البصر عن هذا القانون، كون مكوّناتها تعلم علم اليقين أن السير بمثل هذا القانون هو سبيل من سبل الإنتحار، وأنّه كفيل بتفجير الحكومة من الداخل خلال ساعات.
هذا وينصُّ قانون قيصر أن كل مؤسسة أو دولة تقوم بتأمين مستلزمات معيشية أساسية للشعب السوري ستكون عرضة لعقوبات قاسية. في هذا الإطار ينفي المصدر الحكومي أن يكون للدولة اللبنانية أي دور في تهريب المازوت لسوريا، وأنّ هذا الأمر لن يتغيّر بل سيستمر الجيش اللبناني بإغلاق طرق التهريب ومكافحة العمليات وملاحقة المهرّبين.
بين الموقف السوري المطمئن للبنان، والموقف اللبناني غير الراغب بإزعاج سوريا أكثر، يبدو أن قانون قيصر لن يمر من لبنان ولن يكون له فيها موطئ قدمٍ واحدة.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News