"ليبانون ديبايت"- ملاك عقيل
سؤالٌ واحدٌ طرَحَ نفسه بعد المؤتمر الصحافي لمدير عام المالية المستقيل آلان بيفاني. هل تَصمد الحكومة بعد "تطيير" خطتها الاصلاحية للتعافي المالي وبعد "الوصول الى الحائط المسدود" باعتراف أحد المشاركين الأساسيين في صياغة هذه الخطة؟
لم يسمّ بيفاني أي اسم. ولم يتهجّم على أحد "بالشخصي" ولم يفتعل بطولة ليست في بال أحد، بل فضّل التعميم بالحديث عن "قوى الظلمة والظلام التي تكاتفت لإجهاضِ البَرنامَجِ الإنقاذيّ ومارست أوسعَ عمليةِ تضليلٍ لحمايةِ مصالحِها". حتّى انه احترم صلاحية مجلس النواب، عبر لجنة تقصّي الحقائق حول أرقام خطة الحكومة، معتبراً أنّ "لمجلس النواب كامل الصلاحية في ممارسة دوره". لكن "عموميات" بيفاني شكّلت هزة كبيرة للحكومة يفترض أن تتكشّف تداعياتها في الأيام القليلة المقبلة.
بكل بساطة "نعى" مدير عام المالية، الذي خاض سابقًا باللحمّ الحيّ معارك ضد السياسات الحريرية المالية، العملية الإصلاحية برمّتها، أي العنوان الأساس الذي من أجلّه وُجِدت حكومة حسان دياب و"فرقة التكنوقراط".
ولا يستقيم هذا السؤال سوى مع التسريبات المتزايدة عن إستقالات محتملة، إن لمستشارين جدد، أو لوزراء داخل الحكومة، مثلهم مثل بيفاني لا يريدون أن يكونوا شهود زور على ضرب فرصة الإنقاذ الأخيرة. وآخر الضحايا يعترف بالفم الملآن "عملية الاصلاح تعثّرت بشكل كامل. كان هناك محاولة إصلاحية جدّية لكن التركيبة المالية السياسية نجحت بفرملتها".
فهل من هامش مناورة لا يزال متاحًا للحكومة لتكمّل "بللي بقيوا"؟
لم يكن أمرًا هامشيًا التعليق الذي كتبه قبل أيام مدير عام "الدولية للمعلومات" جواد عدرا، وهو زوج وزيرة الدفاع زينة عكر حين أكّد أنّ "على الحكومة الإنتقال فورًا من مزاج الإجتماعات والمسايرة وأخذ القرارات الفورية أو الرحيل".
وفور إعلان بيفاني تقديم استقالته اعتبر عدرا أن "على الحكومة رفض الاستقالة والتحقيق الجدي بأسبابها، واي إهمال لما ورد في مؤتمره الصحافي سيكون ضربة قاصمة للحكومة".
عمليًا، يتشارك عدد كبير من الوزراء داخل الحكومة مع هذا الرأي بمنّ فيهم وزيرة الدفاع. ومؤخرًا طفا الى الواجهة إعتراضات صريحة من قبل وزراء داخل الحكومة "هيك ما فينا نكمّل"، في مقابل تمترس رئيس الحكومة حسان دياب خلف "زجاج" يقيه حتى الآن من ضربات الحلفاء والأخصام، مشدّدًا على قدرة حكومته "على مقاومة الضعوط وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الخطة الحكومية".
ولا تستبعد مصادر عليمة "حصول إستقالات من جانب أكثر من وزير، إذ ان الاستقالة رسمت مسارًا جديدًا تبدو الحكومة الحالية غير جاهزة له وغير مؤهلة بتركيبتها وخلفيتها كيّ تتعايش معه. والمسار هو خطة من دون IMF على أن تواكبه إما حكومة تكنوقراط تأتي مجددًا بغطاء من حزب الله والرئيس سعد الحريري إذا بقي متمسّكًا بشروطه، أو حكومة فاقعة سياسيًا من لون واحد غير مغطاة بقشرة التكنوقراط كما هو الحال مع هذه الحكومة".
وتلفت المصادر عينها الى "ما يتجاوز بأهميته كلام بيفاني وهي المواقف الصادرة عن مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا التي نفت حصول أي تقدّم على خط المفاوضات مع الجانب اللبناني، مشيرة الى عدم اتضاح توحّد قيادات البلاد والأطراف الفاعلين والمجتمع حول الإصلاحات الضرورية، وقد تأتي إستقالة بيفاني ضمن هذا المسار الذي باعتراف المسؤولة الدولية وصل الى الحائط المسدود".
ويرى مصدر وزاري في هذا السياق "أن مؤتمر بيفاني يشكّل مضبطة إتهام ليس للحكومة إنما لمنظومة كاملة وللطبقة السياسية. ومفترض أن تبرز بعد هذا المؤتمر جدّية أكبر لدى الحكومة لكشف معرقلي الإصلاح المالي والحكومة"، مشيرًا الى أن "مدير عام المال قد أعدّ "أطروحته" لتفنيد فضائح هذه المرحلة منذ فترة لكنه آثر اختيار التوقيت المناسب لكشف المستور".
في المقابل يشكّك المصدر بأن يقود هذا الواقع الى تخلّي الحكومة عن مسؤولياتها "فهي قادرة على الاستمرار بعد تطوير الخطة المالية بالتعاون مع مجلس النواب وحاكم مصرف لبنان والمصارف. مع ذلك هذا لا يعالج ما ورد في المؤتمر من اتهامات، وبالتالي يجب على الحكومة عدم قبول إستقالة بيفاني، كون ما ورد في المؤتمر يصل الى حدّ الإخبار في وقائع خطيرة يفترض أن يشكّل فرصة، وقد تكون الأخيرة، أمام الحكومة لالتقاط زمام المبادرة ومواجهة من يعرقل مهمّتها".
وفيما تشير المعلومات الى أن وزير المال غازي وزني سيوقع كتاب الاستقالة ويحيله الى مجلس الوزراء، فإن الأخير له أن يرفضها أو يقبلها بتصويت ثلثي عدد الوزراء، وحتى الآن لا قرار سياسيًا بقبول الاستقالة، وإن ثمّة من لوّح "بتخلي الفريق المسيحي المحسوب عليه بيفاني أي رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر عنه في مقابل مكسب غير واضح حتى الان".
ويلخّص مطلعون المشهد بالآتي: "كان هناك صرخات حقيقية منذ نحو ثلاث سنوات تحذّر من مسار إنحداري مخيف، فيما غابت المعالجات الجدّية المسؤولة لتضع حدًّا لهذا الانحدار. اليوم المركب يغرق بالكامل، وكلّ طرف لديه طريقته بالقفز منه. كل ما نشهده من تخبيصات هو محاولات واعية أو غير واعية للقفز من هذا المركب".
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News