المحلية

الجمعة 10 تموز 2020 - 02:00

"سلّملي على الإصلاح"... !

"سلّملي على الإصلاح"... !

"ليبانون ديبايت"- ملاك عقيل

بغض النظر عن الخلفية القانونية التي أملَت على رئيس الجمهورية ميشال عون تقديم مراجعة إلى المجلس الدستوري يطلب فيها إبطال القانون المتعلق بتحديد "آلية التعيين في الفئة الأولى في الإدارات العامة وفي المراكز العليا في المؤسسات العامة" الصادر في الجريدة الرسمية من دون توقيع رئيس الجمهورية، فإن هذه الخطوة تكتسب بعدًا سياسيًا واضحًا ينبع من رفض فريق رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر علنًا والبقية مواربة وجود آلية تكبّل الوزير، وتقطع الطريق على التفاهمات المعلّبة حول الأسماء!

والمراجعة المُبكّلة التي صيغت بأنامل مستشاره القانوني وزير العدل السابق سليم جريصاتي إرتكزت على اعتبار أن القانون المذكور الذي أقرّه مجلس النواب في 28 أيار الماضي مخالف للدستور، ولا سيما المواد 54 و65 و66 طالبًا تعليق مفعوله وفي الأساس إبطاله كليًا.

لكن القانون المطعون في دستوريته والذي أصبح نافذًا فور نشره في الجريدة الرسمية في 3 تموز الجاري لم يحتاج في الحقيقة لمراجعة بتعليق مفعوله ريثما يبتّ بالطعن المقدّم، ومن ثم تعليق مفعوله يوم أمس من قبل المجلس الدستوري، طالما أن أحدًا لم يتصرّف على أساس أن هذا القانون موجود أصلًا وأقِرّ بهمّة نواب الأمة وصار مرجعًا للاقتداء به لـ "فلترة" موظفي الفئة الأولى على أساس معايير الشفافية والكفاءة وبعيدًا المحاصصة السياسية الفاقعة. بعد 17 تشرين يمكن القول أن الأداء الحكومي في التعيينات ظلّ على قاعدة Business as usual!

هكذا مرّت التعيينات المالية كما تعيينات مجلس إدارة كهرباء لبنان فوق رأس الآلية بعد إقرارها في شكلٍ يعكس بوضوح استمرار سياسة المحاصصة الوقحة، وهو الأمر المرجّح أن يستمر في التعيينات المقبلة، وخصوصًا مع أعضاء الهيئة الناظمة لقطاع الاتصالات بعد تعديل قانون الكهرباء 462، حيث ستعتبر هذه الهيئة بمثابة "الأخ الأكبر" والرقيب على وزير الطاقة نفسه، إلا في حال تجريدها من كامل الصلاحيات لتتحوّل الى مجلس "ملّة" طائفي من باب التنفيع السياسي لا أكثر.

مطلعون يؤكدون ان المقاربة القانونية لمراجعة الطعن لا غبار عليها حيث أن "آلية التعيينات تخالف صراحة المادتين 54 و66 من الدستور بتقييد صلاحية الوزير في اقتراح تعيين التوظيف والمادة 65 من الدستور بتقييد اختصاص مجلس الوزراء بتعيين موظفي الفئة الأولى أو ما يماثلها وتفويض القانون هيئة إدارية وتنفيذية صلاحيات تنظيمية، هي من صلاحية مجلس الوزراء. ولكي تستقيم هذه الآلية يفترض تعديل الدستور وهو أمر خلافي بامتياز يصعب جدًا مقاربته في هذه المرحلة".

لكن مراجع قانونية تفيد "صحيح أن الآلية تقيّد صلاحية الوزير ومجلس الوزراء ولكن ليس لدرجة إلغاء أكثرية الثلثين المطلوبة للتعيين، ولا لدرجة أن لا يكون هناك تصويت في مجلس الوزراء، ولا زال الأخير قادرًا على إختيار إسم من أصل ثلاثة أسماء. وبالتالي القانون جيد في فكرته ومطلوب، لكن هناك قوى سياسية رافضة بصراحة لهذا التقييد إن علنًا أو سرًّا".

ويلفت مطلعون الى "أن عام 2001 أصدر المجلس الدستوري قرارًا، أبطل خلاله قانون شبيه بقانون آلية التعيينات، وخطوة المجلس الدستوري الحالي بتعليق مفعول القانون هو مؤشر لإبطاله".

ويؤكد المطلعون أن "السلطة وعلى مدى عقود قدّمت نماذج كثيرة في ممارسات وإجراءات مخالفة للدستور، وبالتالي يصبح التذرّع بهذا الأمر في سياق رفض آلية التعيين غير مبرّر".

ويذكّر هؤلاء بأن مجلس النواب الذي انتخب عون رئيساً للجمهورية مطعون بدستوريته من قبل عون نفسه حين كان رئيس تكتل التغيير والاصلاح، ومن قبل رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان الذي قدّم في حزيران 2013 طعنًا بدستورية القانون الذي قضى بتمديد ولاية مجلس النواب لمدة 17 شهرًا.

كما يركّز هؤلاء على التعارض الواضح في التوجهات حيال هذا الموضوع بين رئيسيّ الجمهورية والحكومة، معتبرين "أن حسان دياب يدفع باتجاه تحرير التعيينات من سطوة التأثير السياسي لكن الأمر الواقع فرض نفسه عليه، وهذا ما تبدى بوضوح في التعيينات الأخيرة".

وفيما بدا لافتًا سرعة المجلس الدستوري في الاستجابة لمراجعة الطعن بتعليق مفعول القانون في اليوم التالي لتقديمها، فإن المعارضين يجزمون أن وقف عجلة هذا القانون يطيح بأهم ركائز الإصلاح الاداري بالركون الى آلية خارجة من عباءة الاعتبارات السياسية للوزير ومجلس الوزراء.

ويقول مرجع بارز في هذا السياق "أن الثنائيات والثلاثيات والرباعيات السياسية التي انتعشت مجددًا على ضفاف العمل الحكومي كفيلة بجعل أي آلية تعيين بحكم المعطلة حيث أن التفاهمات الفوقية والمسبقة لا تزال هي الحاكمة بأمرها"، مؤكدًا أن "طالما لم يَكسر الطوق الطائفي والمذهبي فلا مجال للحديث عن إصلاح حقيقي".

يُذكر أن آلية التعيين ليست بجديدة. وتقول مصادر قانونية في هذا السياق "في العام 2010 أقرّت الآلية نفسها تقريبًا كما وردت في القانون الحالي وكانت بقرار من مجلس الوزراء، لكن الفارق هنا أن الآلية أتت على أساس أن مجلس الوزراء اختار بقراره الذاتي أن يُخضِع نفسه لهذه الالية وبالتالي لم يكن هناك إشكالية دستورية، فيما مع القانون الحالي مجلس الوزراء ملزم بالأخذ بها".

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة