المحلية

الخميس 16 تموز 2020 - 08:00

من يَرث جنبلاط: تيمور أم الوعي؟

من يَرث جنبلاط: تيمور أم الوعي؟

"ليبانون ديبايت" - صفاء درويش

لم تكن قراءة أحد لنتائج الإنتخابات النيابية عام 2018 روتينية وتشبه كل الدورات السابقة لا سيما على الساحة الدرزية. فالإنتخابات الأخيرة حملت معها تبدّلاً واضحاً يشبه الحالة السنّية، مع فارق أساسي وكبير: أهل السنة حظهم قليل ولم يمن الله عليهم بجنّي يخرج من الفانوس السحري وينقذ زعامتهم الأكبر ويتسبب بتراجع تمثيلها بنسبة ملحوظة جداً، أمّا لدى وليد جنبلاط فكان عرابه الدائم نبيه بري بالمرصاد.

يقرأ خبير "رقمي وانتخابي" في نتائج الـ 2018 ليؤكد أن حنكة الرئيس نبيه بري والضغط الذي مارسه على حلفائه ساهم بمنح مقعد بيروت الدرزي، وأحد مقعدي الشوف الدرزيين، لكتلة اللقاء الديمقراطي، وذلك عبر عدم ترشيح لائحة حزب الله وأمل والأحباش لمرشح درزي في بيروت لتسهيل نجاح مرشح جنبلاط على لائحة تيار المستقبل فيصل الصايغ، وغض النظر عن أمر ما قد يكون حصل في الشوف لإسقاط وئام وهاب، أو على الأقل عدم منحه الأصوات الشيعية الكافية بعدما فاقت أصواته التفضيلية مرشح اللقاء الديمقراطي مروان حمادة، نائب المنطقة منذ أكثر من عقدين.

لولا مساعي الرئيس نبيه بري، لكانت تقلّصت كتلة جنبلاط بشكل فعلي، ورغم ذلك، كرّست الإنتخابات واقع وجودٍ فعلي لأطراف منافسة لجنبلاط كانت القوانين الأكثرية قد غيّبتها عن الساحة.

انتهت الإنتخابات، وباتت نتائجها خلف ظهور الجميع، المرشحين الناجحين والراسبين وحتى الناخبين. ما بعد 17 تشرين في الجبل ليس كما قبله. حراك 17 تشرين، ورغم أنّه لم يكن موجّه ضد وليد جنبلاط تحديدًا إلّا أنه نجح بإصابة هدفين، واحد في مرمى جنبلاط وآخر في مرمى خصومه.

نجح 17 تشرين بسحب أحادية التحرّك والتمثيل في الجبل من الحزب الإشتراكي، لا بل قد يكون الجبل هو أوّل من بدأ حراكه الفعلي منذ الإنتخابات الأخيرة، حيث بدا جليًا أن في الشوف وعاليه هناك من يبحث عن بديل. ظهور عدد من التحركات في المنطقة شجّع أكثر على إعلاء الصوت، هذا الأمر نجح مسؤولو وليد جنبلاط في المناطق نوعًا ما بتصويره على أنّه موجه ضد "البيك" من قبل أخصام تدعمهم سوريا ساهم بـ"شد عصب" الشارع الإشتراكي من جهة وبتوتير الأجواء من جهة، وأفرز عنادًا من الآخرين للتحرك، وربّما للتقارب بين المجتمع المدني والمكونات السياسية المناوئة لـ "أنا أو لا أحد".

في عاليه حالة المجتمع المدني أكبر، حيث يتأثر بتصاعدها الحزبين الإشتراكي والديمقراطي، رغم أن حادثة قبرشمون قبل عام من الآن شدّت عصب الإرسلانيين إلّا أنّها لم تنجح باصطياد الـ "ما بين بين".

بعد عامين عليها، يبدو أن الأمور لم تبرح مكانها، وبالطبع لم تعد لما قبل انتخابات الـ2018، فيشير استطلاع لم ينشر بعد إلى أن التيار الرافض للأحزاب السياسية جميعها بدأ يكبر في الشوف، من منطلق رفض كل أشكال السلطة والتبعية والتحاصص، ما يؤشر إلى وعي سياسي اجتاز مرحلة التشكّل وبات في طور النمو والتطوّر. أجواء الشوف تؤشّر إلى تراجع بسيط في شعبية الحزب التقدمي الإشتراكي مقابل تقدّم للمجتمع المدني غير الموحّد بتاتًا، فيما يحافظ وئام وهاب على القدر نفسه من التأييد الدرزي الذي حصل عليه في انتخابات 2018، كما تلعب المساعدات التي تصل إلى أبواب البيوت بصمت دور فعّال مقابل الحملات العلنية التي تسوّق في القرى من قبل الإشتراكيين على قاعدة "البيك حيطعمي الكل" وهو الأمر يعطي نتيجة لدى البعض ولكنه بات ينعكس سلبًا لدى من بعض كان سابقًا محسوبًا على الحالة الجنبلاطية.

ما هو لافت أن الإنقلاب، ولو كان بسيطًا، الذي تشهده المناطق الدرزية عماده الشباب، مع نسبة متفوّقة للإناث على الذكور.

وليد جنبلاط، بحسب المشهد، هو حالة موروثة ولكن توريثها بعد حراك 17 تشرين والظروف التي رافقته وسبقته بات صعبًا، فمن يرث الحالة، الوعي أم تيمور؟

الأمر مؤجل إلى حين...

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة