"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح
قبل فترة قصيرة، سجّل شاب من آل "المزبودي" كان يعمل في إحدى مؤسسات آل الحريري فيديو تناول فيه الرئيس سعد الحريري مطالباً إياه بتسديد ما في ذمته من مال مستحق لعمال مؤسساته المفلسة. أيام معدودة قبل أن يعود الشاب للظهور مرة جديدة لكن بفيديو آخر مناقض تماماً عن كل ما ذكره في الظهور الأول، طالباً الصفح من سعد الحريري... إنها ثقافة "ما قبل السحسوح وما بعد السحسوح"!
وفي التنقيب عن الجهة المسؤولة عن "ترويض المزبودي" يعود اسم "علاء ششنية" للواجهة كأحد أبرز "زعران الأحياء" الذين يعتمد عليهم تيار المستقبل في طريق الجديدة، ويقال أنه يُعد "القوة الضاربة" للتيار في الحي البيروتي.
ششنية، الفلسطيني من سكان مخيم صبرا مطلوب للقضاء بعدك مذكرات توقيف الذي يُزعم في محيط مجموعات بهاء الحريري أنه يتبع لـ"سرايا المقاومة" لا يخجل في المفاخرة بتسجيلاته الصوتية أنه يمتلك السلاح بمعرفة الدولة اللبنانية! وفي مكانٍ آخر يجاهر بولائه التام لـ"سعد الحريري".. وهنا لا بدَّ من البحث عن أي دولة يشير ششنية ومن هم الذين يوفرون له التغطية ولأي ثمن ومهمة؟ للبحث صلة.
أمس الأول عاد اسم ششنية للتداول بعد الاشتباكات الضارية التي شهدتها الطريق الجديدة بين مناصري الشقيقين اللدودين، بهاء وسعد الحريري وسقط على إثرها قتيل وعدد من الجرحى.
الرواية شبه الرسمية للإشكال الذي تحوّل إلى اشتباك، تختصر الحادثة بنزاع على بسط نفوذ تغذيها نزاعات عميقة ععلى زعامة الأحياء بين مناصري الشقيقين فيما التفاصيل الباقية أصبحت مجرّد تفاصيل. الاشكال بدأ على طاولة "لعبة ورق" في "قهوة" تعود لـ"م.الزعبي" كائنة في محيط الجامعة العربية. تطوّر الاشكال ليلتها إلى عراك وتضارب بالايدي والآلات الحادة، "حَشم" فيه ششنية لشاب من آل "الغبطة" يتقاسم واياه الميول السياسي ذاته ليقوم بالاعتداء على الطرف الثاني من الأشكال ويتردّد انهم من آل الزعبي.
في تلك الليلة، تقول الرواية أن الشبان المعتدى عليهم لجأوا إلى عيسى كرمبي، "حريري سابق"، من عرسال صاحب بيعة علنية لبهاء ويعد غريماً لششنية، ليشتكوا ما حل بهم. "نامت" القصة حتى اليوم الثاني. وفي أثناء مرور ششنية بالقرب من نادٍ رياضي يملكه عيسى كرمبي وشقيقه موسى، أقدمَ شبان من مرتادي النادي على قطع الطريق على ششنية والاعتداء عليه بالضرب، سقطَ على اثرها جريحاً نتيجة لطعنات عدة بسكاكين وزعت في أنحاء جسده.. ما هي إلا ساعات حتى تحولت "شارع أبو سهل" (معقل المستقبل) و "شارع غانا" (معقل المنتديات) إلى محاور وخطوط تماس تبادلت فيها أعمال تصفية الحسابات بين الشقيقين قبل أن يسقط فيها أبن شقيق عيسى كرمبي، طه، قتيلاً، ليتطور الأمر لاحقاً إلى احراق ممتلكات تعود للجانبين طالت النادي الرياضي العائد لكرمبي وقهوة م.الزعبي وقهوة "علاء ششنية" في أرض جلول.
منطقياً، لا يمكن لعراك نشب بسبب خلاف على "لعبة ورق" أن يتحوّل إلى معركة طاحنة بين طرفين سياسيين من دون وجود نوايا مبيّتة أو تحضير مسبق. هذا ينقلنا إلى مشهد آخر، مشهد سلاح متفشي في المنطقة ومشهدية "تسليح" بدأ يتم الحديث عنها في العلن. تسليح متبادل بين مجموعات بهاء وسعد المتنافرة سياسياً وهذا التسليح يبلغ ذروته حين يجري إحصاء كميات الرصاص والقذائف الصاروخية التي اطلقت خلال الاشتباك. تسليح، لا يمكن إعفاء قيادات تيار المستقبل منه، ولا القائمين على "المنتديات البهائية" التي اشتغلت عقب الاشكال على "رش سموم التحريض الوتسآبي" في كل إتجاه، والأهم أنه تسليح قديم العهد يعود لزمن غابر، زمن أريد توظيفه في مواجهة حزب الله قبل أن ينفجر بين الأخوة الاعداء.
أكثر من طرف معني في طريق الجديدة يؤكد أن ما جرى ليل الاثنين – الثلاثاء لم يكن ابن ساعته، بل أن "الاعتداء" على ششنية مثّل حالة مختلفة تماماً، ذريعة، نظرَ إليه في قالب أوسع. لم يمثل اعتداءاً على شخص بعينه بل على حضور سياسي لطرف يرى أن خصومه من "مجموعات الشقيق" تتمدد في منطقة تمثل "درك تاج" الوعي الجماعي لـ"الحريرية"... لذلك يجب استئصالها سريعاً.
إذاً، ثمة قرار بـ"تنظيف المنطقة من مجموعات بهاء الحريري" المنتشرة على تخوم طريق الجديدة لاسيما من جهة المدينة الرياضية وشارع "غانا" ، هذا الكلام متداول معطوف على تحضيرات توحي بذلك. القرار لا بد أن يكون مغطى سياسياً، بشهادة كل ما جرى ليلاً. ينصب التركيز الآن على مسؤولين ميدانيين لتيار المستقبل في المنطقة لا بدَّ من أن يكونوا على علم وإطلاع مسبق حول ما جرى. رئيس جمعية بيروت للتنمية الاجتماعية أحمد هاشمية منهم. يقال أنه قد أبلغَ أكثر من مرة بمخاطر وجود "منتديات بهاء في المنطقة" واعداً بمعالجتها. هنا، هل جاء العلاج على شكل "هجوم مسلح" كان يُرتب من ورائه "السحسحة" لجماعة بهاء في داخل مناطقهم لـ"التعليم" عليهم وكسر شوكتهم فباء المشروع بالفشل نتيجة سوء الادارة؟
ثمة كلام يجري تداوله في هذا الإطار وما يحمل على ذلك الأجواء التي عممت في الطريق الجديدة مع هبوط ليل الاشتباك وأن ثمة تحضيرات متبادلة لهجوم ما على الجانبين.
إذاً نحن أمام فرضية واضحة لتصفية حسابات عسكرية، ومسلسل الاثنين – الثلاثاء مرشح أن يتكرر أكثر من مرة وما يجري جنيه في السياسة لا يمكن انتزاعه سوى بالعسكر. من هنا، يجري تحشيد مجموعات متصارعة من زمن الخلاف على حصد الخوّات. السمة الأبرز التي تجمع الشقيقين المتصارعين على ساحة بيروت، أن اياً من المجموعات المتناحرة لا يمت إلى بيروت بصلة. مجموعات غريبة موزعة بين "عراسلة" و "فلسطينيون" موظفة للترويع والاستخدام في صراع السيطرة على بيروت، لسان حال طريق الجديدة التي تكاد تكون رهينة لمجموعات لا تمت إلى نسيجها بصلة.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News