إفقارٌ لِفَضِّ البكارة

"ليبانون ديبايت" - روني ألفا

الآن وقد صار بمقدور الفنانين التشكيليين الخليجيين رسم الكيباه أو القلنسوة العبرية على رأس من يرتدي الغترة والعقال ستزدهر كل أشكال التبادل الفني والثقافي بين إسرائيل وبلدان الخليج العربي. أشكال أخرى من التعاون ذات بعد إقتصادي ربما تتطور الى نوع من إتحاد " إسراخليجي " على غرار الإتحاد الاوروبي وربما أيضاً نشهد في السنين المقبلة على عملة إسرائيلية خليجية موحدة من طراز " شيكيال " تكون نتيجة تلاقح إقتصادي بين الريال والشيكل.

بالطبع كان لا بدّ من تحييد لبنان هذا البلد المشاكس الذي يهدد بحفنة من مقاوميه خطة التطبيع التي ضمت اليها منذ يومين السودان بفستقه ونيلِه الأبيض . من أدوات التحييد جرّ لبنان الى حالة يضطر فيها إلى أن يشحذ الملح على باب الجامع . ليس هناك من خطة أنجع من الإفقار حتى إذا أردت شراء ذمة عذراء طاهرة. الدول جاهزة كالناس الطبيعيين لبيع ذممها وسيف البؤس مسلطٌ عليها. إذهب اليوم إلى أعرق مصرف في لبنان واطلب التمتع بأموالك خارج رغيف الخبز ستتأكد أن أزمة المصارف لم تكن عن عبث. أموال الخليج ستبدأ بالتدفق إلى البنوك الإسرائيلية. بنك " لئومي " الإسرائيلي تأسس في أوائل القرن الماضي في يافا بانتظار هذه اللحظة التي سيتحول فيها مع بنوك أخرى إلى بنك إستثماري يعمل على بلع المنطقة الإقتصادية للشرق الأوسط الجديد. إسرائيل الكبرى أمنياً وسياسياً ستكون نتيجة طبيعية بضمانة توراتية وإذعان خليجي ومباركة من جامعة الدول العربية. الشرق الأوسط يعود من جديد الى زمن النبؤات: في ذلك الْيَوم عَقَدَ اللهُ مِيثَاقاً مَع أَبْرَامَ قَائلاً: «سَأُعطي نَسلَك هذه الأَرض مِن وَادي الْعَرِيشِ إِلى النهرِ الكبير، نَهر الفُرات.. نبؤات بمؤازرة لوجستية من جاريد كوشنير.

كان لا بد أيضاً وضمن الخطة نفسها تدمير مرفأ بيروت. لا يهم حصيلة الضحايا. يُحكى عن مئة مليار دولار لإعادة إعمار العاصمة. كل سيدر وكل أموال صندوق النقد الدولي لا توازي ربع هذا المبلغ. لبنان سيكون محكوماً من الآن وصاعداً ببطاقة الإعاشة وستدرج عادة مصّ البنزين من خزازين السيارات ليلاً. الفساد معطوفاً على الإفقار الممنهج سيضمن موت لبنان السريري لعشر سنوات على الأقل. كل ذلك لأن مئات مليارات الدولارات مدفونة قبالة بلدة الصفرا في كسروان في الحوض رقم ٤ فيما مئات مليارات من الدولارات الأخرى مدفونة في الأحواض رقم ٨، و ٩، و ١٠ قبالة الناقورة على الحدود المشتركة مع فلسطين المحتلة. ماذا يفعل المزارع بعد استدراره مخزون الحليب من ضِرع بقرته الحلوب؟ يذبحها.

يبدو أن مشروع برنار هنري ليڤي وصلَ الى لبنان. الرجل كان ناشطاً على أيام صدام حسين. هو صاحب فكرة تأسيس خلايا إسلاماوية متطرفة تعمل بالخناجر والفؤوس في العراق. مهمته كانت أوضح في ليبيا حيث أشرف على تصفية القذافي. شكل من أشكال " البرناريّة " يتسلل الى لبنان. اعتذار أديب يفتح الباب أمام توسّع رقعة الأنشطة الإرهابية في لبنان. من المنطقي توقّع دخول لبنان في فوضى أمنية وسياسية واقتصادية واجتماعية بانتظار الإنتخابات الأميركية في تشرين الثاني.

حتى ذلك الحين سيسلك التوطين طريقه. تحويل المخيمات الى قرى لبنانية وساكنيها الى مواطنين مقابل إسقاط الطائرات الأممية مؤناً لنا نحن الفقراء في ملاعب المدينة الرياضية وفؤاد شهاب ورشيد كرامي. من بضعة مليارات مرصودة في صفقة القرن مقابل قبولنا بتوطين الفلسطينيين صار الأميركي يدفع لنا بالأرزّ والسكّر وعلب السردين.

لمن فاته قراءة الإعتذار. سقوط المبادرة الفرنسية ودخول الأصيل الأميركي مكان الوكيل. عضّ أصابع والنصر لمن يسترد يديه بأصابع كاملة.