المحلية

الجمعة 09 تشرين الأول 2020 - 04:00

بون وإيمييه خارج المبادرة الفرنسية؟

بون وإيمييه خارج المبادرة الفرنسية؟

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

تمرّ المبادرة الفرنسية في مرحلة من انعدام التوازن السياسي. آخر دخول فرنسي سجل على المسألة اللبنانية كان في الخطاب الاخير للرئيس إيمانويل ماكرون منذ نحو اسبوعين وبعدها لم يحرك الاليزية ساكناً.

المتحركون على الخطوط يلاحظون ضعفاً في الخط الفرنسي، وقد جرت محاولة لاستشراف الموقف فرنسياً من قبل معنيين لكن الجواب جاء أنه وبعد انهيار المرحلة الاولى بهذا الشكل السيء تحتّم على الاليزيه إحداث تغيير في المفاهيم حيال المبادرة، والآن ومع الدخول في المرحلة الثانية، بات على اللبنانيين أن يختاروا رئيساً مكلفاً لتشكيل الحكومة ضمن الضوابط المعروفة ثم إبلاغ الفرنسيين بهويته وليس العكس، وباريس تبني على الشيء مقتضاه بعد ذلك.

منذ أن حطّ هذا الكلام في بيروت لم يرصد أي مسعى فرنسي مؤثر. مع تحديد رئيس الجمهورية ميشال عون موعداً للاستشارات النيابية الملزمة في 15 الجاري، عمل فريق يدور في محيط القصر ومن دون تكليف من أحد على محاولة تسويق الخطوة في باريس بنيّة التماس أي جو فرنسي حيالها، لكن باريس اكتفت بأن تراقب التطورات الداخلية وتترك للبنانيين مهمة تسمية رئيس.

بهذا المعنى كان إقرار الرئاسة الأولى بأن خطوة تحديد موعد للاستشارات لم تكن منسقة مع باريس ولا تنطلق من إطار المبادرة الفرنسية. معنى ذلك أن باريس تقول لسائليها أنها غير معنية في التدخل بالتسمية ولا حتى بالتأليف، لا سلباً ولا إيجاباً. ويبدو أن الاليزيه ما زال يرزح تحت تأثيرات السقوط الاول للمبادرة والذي شكّل خسارة معنوية ثقيلة للرئيس الفرنسي سواء دولياً أو محلياً أو حتى أمام شعبه.

عملياً، لا نية لدى أحد لإسقاط المبادرة الفرنسية، وهذا تجمع عليه مواقف القوى المختلفة سواء في العلن أو من خلف الكواليس السياسية. مع ذلك، تترك باريس مهمة إنقاذ مبادرتها على عاتق الجماعة اللبنانية وليس العكس.

"الخمول" الفرنسي تجاه المبادرة يمكن رصده من خلال نشاط قصر الصنوبر المشغول الآن في أعمال المناقلات بين السفير القديم وخلفه الجديد برتبة أنثى. المطلعون على الشأن الفرنسي يصفون ما يحدث عملياً بأنه إنتقال من مرحلة إلى أخرى. هنا يفتح قوس حيال توقعات آداء قصر الصنوبر في المرحلة المقبلة وإلى أي درجة سيتوغل في الملف اللبناني.

ليس سراً، أن السفير الفرنسي القديم، برونو فوشيه، قد وضع يده على الجرح اللبناني قبيل مغادرته بيروت حين إلتقى مسؤول العلاقات الدولية في حزب الله السيد عمار الموسوي في زيارة وداعية إستضافه فيها الأخير في عمق الضاحية الجنوبية. كان فوشيه صريحاً حين تحدث عن تداعي المبادرة الفرنسية ووصولها إلى الحضيض سارداً جملة عوامل داخلية وخارجية، تبدأ بالترجمة المخالفة لأصول المبادرة والتي اتخذت من جانب لقاء رؤساء الحكومات السابقين الاربعة ولا تنتهي بالإنزال الاميركي من خلف خطوط المبادرة والتي تسبب بإحداث أضرار جانبية فيها. السفير ذاته عرّج على أسباب فرنسية أخرى ليست أقل وطأة وأدت بالمبادرة إلى ما ادت إليه، حين صارح مضيفه الموسوي بـ"أدوار سيئة نمت عن جهل في الواقع اللبناني" تولى أدائها "الفريق المعني بالملف اللبناني في الاليزيه".

تقول مصادر اطلعت على محضر اللقاء بين الجانبين لـ"ليبانون ديبايت" أن فوشيه كان منزعجاً حيال ما وصلت إليه الامور، وكان يمني النفس في أن ينهي تفويضه في لبنان بشكل إيجابي أكثر لا كما حدث. وتضيف أن فوشيه، قسّم أمام الموسوي مراحل الفشل في المبادرة موزعاً الأدوار بين جانب لبناني تعامل معها على أساس أنها فرصة لإحداث تغيير بنيوي في شكل التوازنات السياسية، ودور الفريق المعني في الاليزيه بالملف اللبناني الذي تأثر بحلفاء له في بيروت ولم يكن على دراية واسعة بما يجري فوقع بأخطاء قاتلة.

ومن جملة ما كشفه في تلك الزيارة أن الاليزيه منكب على إحداث تغييرات جوهرية على صعيد فريقه المكلف متابعة الملف اللبناني ولن يكون هناك أي دور في المرحلة المقبلة من المبادرة للمدير العام السابق لجهاز المخابرات الخارجية برنار ايمييه والسفير الفرنسي السابق في بيروت ايمانويل بون.

من هنا، يمكن فهم أن أسباب تراجع الاندفاعة الفرنسية هي "تكتيكية" وتتصل بإعادة إنتاج قراءة مختلفة للدور المنوط بها في لبنان مستقبلاً. أضف إلى ذلك أن جزءاً من الجمود الفرنسي يعود إلى توافر رغبة لدى فرنسا في تقطيع الوقت إلى حدود معينة تسبق فتح صناديق الاقتراح الاميركية، وثمة على جانب آخر من يبدي اعتقاده أن فرنسا تحاول من جديد زرك اللبنانيين بحجة عامل الوقت وهي تراهن على أن الوقت له قدرة على تأمين "تنازلات متوازنة" من قبل الجميع بظل الحاجة اللبنانية إلى حل.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة