المحلية

الخميس 22 تشرين الأول 2020 - 04:00

"مسيرة" من الضاحية فوق قصر بعبدا..

"مسيرة" من الضاحية فوق قصر بعبدا..

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

"بقّ" رئيس الجمهورية ميشال عون "بَحصة عهده". على أبواب خماسيّة الرئاسة، قال كلامه من دون تشفير: "حاربوني فعرقلوني" إنما أنا باقٍ. جرد السنوات الأربع الماضية، وارادَ لها أن تكون معبراً بمرتبة إعتراف أمام الجمهور، والاعتراف يأتي عادةً مجروراً بنبات نيات للسير خلف الإصلاح.

في فلسفة "البقاء" التي نطقَ بها عون متحدياً، إقرارٌ بالوجود السياسي كردّ فعل على تعميم أجواء الاستقالة فـ"ليس عون من يفرّ من المسؤولية" تُعقّب مصادر مواكبة للقصر، وتقول لـ"ليبانون ديبايت" أن "الزمن ما بعد إنفجار ٤ آب والمبادرة الفرنسية اختلف. لقد سنّ الرئيس أسنانه على الإصلاح حاضراً لاطلاق معركة لا هوادةَ فيها، والبداية من الحكومة..!".

حتماً، لا أحد يفسر لنا ذلك، كيف ومتى، وما هي تلك الأجواء التي هبطت فجأةً وأعطت للرئاسة هذه الاندفاعة! بجميع الأحوال، لا يُريد عون، أو بالاحرى، لا يجد مصلحةً في دخول الثلث الأخير من عهده مجرّداً من عناصر القوّة السياسية. يريد الرئيس تحقيقَ ما عجز عن تحقيقه خلال اربع سنوات منصرمة، في غضون سنتين مقبلتين! لذلك وطّنَ نفسه على ربط التكليف بالتأليف، وأبلغَ من يعنيهم الأمر فحوى قراره، ورمى ثقل المهمّة على النواب. إذاً نحن أمام نسخة جديدة من عون يتوقّع أن تصبغ التأليف المقبل بألوانها.

عملياً، رئيس الجمهورية أقرّ بنهائية تكليف رئيس تيّار المستقبل سعد الحريري كما أقرَّ من قبله التيار الوطني الحرّ، لذلك إنتقل حالياً إلى تعزيز شروطه في التأليف. الموقف في القصر يعطي إنطباعاً أن نظرته للحكومة العتيدة هي نظرة الحكومة الاخيرة من عمر العهد، الحكومة التي ستشرف على ٣ استحقاقات دستورية مفصلية، الانتخابات البلدية والاختيارية الانتخابات النيابية ثم الانتخابات الرئاسية، وحكماً للتوازنات وحفظها دورٌ في رسم خريطة تلك الاستحقاقات.

أضف إلى ذلك، أن عون ومع دخوله العد العكسي لمرحلة افول عهده، لا يريد أن ينهيه بمراكمة المزيد من الخسائر السياسية، لذلك قرّر أن يكون شريكاً فعلياً وفوق العادة في تأليف الحكومة العتيدة، بمعزل عن شخصية رئيسها، وان يكون له دورٌ فيها مختلف عن السابق، من الألف إلى الياء. هذا يوحي مسبقاً بصعوبة مهمة الحريري، وعليه، لن يكون بمقدوره فتح أبواب السراي من دون العبور بنفق قصر بعبدا.

عملياً، باتت مسألة التكليف بحكم المنتهية. سعد الحريري بات رئيساً مكلفاً قبل الاستشارات بمجموع يقارب الـ٥٦ صوتاً أو أكثر بقليل (هي الاصوات المتوقع ان يحصل عليها اليوم) بمعية بدعة مختلقة حديثاً اسمها "التكليف قبل الاستشارات". وإمعاناً منه في الاستمرار بخرق الدستور، إنتقل رئيس تيار المستقبل من بدعة التكليف قبل الاستشارات إلى بدعة التأليف قبل التكليف وقبل الاستشارات النيابية غير الملزمة، موطناً نفسه على إستشارة رؤساء الكتل هاتفياً، المسيحية منها تحديداً، لمعرفة توجهاتها يوم التكليف.

وطبعاً الشيء بالشيء يذكر. في السياسة لا شيء بالمجان. اعطيني وخذ، وعلى الارجح، ساومَ الكتل التي هاتفها على جوائز الترضية السياسية لقاء التسمية اليوم، ما سرّب منها حتى الآن "الكتلة القومية" التي لم تحفظ سرّ الحريري الذي أودعه عندها بل عملت على إذاعته فور جهوزه. ومن حُجِبَ عنها الاتصال، تبدأ بتكتل لبنان القوي وليس انتهاءاً بكتلة الجمهورية القوية. "الاقوياء" بطوائفهم ونوابهم اذاً باتوا خارج معادلات بيت الوسط، كأنه كان يقول لهم "بلا جميلتكم السياسية"، طالما أنه حاز مبدئياً على تسمية من 20 نائباً مسيحياً وما فوق!

خطوة الحريري الجديدة، لا يمكن إدراجها إلّا في خانة "إستعداء التيار الوطني الحر وتجاهله" على ما تقول مصادر سياسية، فـ"الحريري" يتعامل مع تحالف الرئاسة – التيار كتحصيل حاصل زمن التأليف. ومن خارج توصيف الثنائي المسيحي، يتعامل بإنعزال تام مع ربط التكليف بالتأليف ويفصل بين مساراتهما، وفي سلته لا تشاور معهما قبل وضع التكليف في جيبه.

حزب الله يفعل ذلك ايضاً. حتى الساعة، الجو الغالب الذي تنقله مصادر مطلعة على موقف الحزب لـ"ليبانون ديبايت"، أنه ليس في وارد تسمية الحريري في إستشارات بعبدا التي يحتل فيها مركز الانطلاق الثاني خلف كتلة المستقبل. والحزب "لا يجد نفسه في هذا الموقع بعد خطاب "وضع المسؤوليات" من قبل الرئيس عون"، متماشياً بذلك مع نظرة رئاسة الجمهورية ليوم الاستشارات، أما القرار النهائي ستترجمه كتلة الوفاء للمقاومة بالممارسة اليوم.

عملياً، يُسلف الحزب موقفاً جديداً لكل من رئاسة الجمهورية والتيار الوطني الحرّ ولو أنه بات يميل إلى الفصل بينهما ذلك بعد التباين الأخير حول مسألة الترسيم، متولياً إرسال موقفه كمسيرة سياسية للدلالة إلى عمق العلاقة مع بعبدا. على هذا النحو، يبدو حزب الله يتعامل "على القطعة" مع حليفيه، فما ينسحب على التكليف ليس من الضروري ان ينسحب على التأليف.

لا شك أن حزب الله ممتعض من "الدس الرخيص" الذي يُمارس من جانب المقربين من التيار منذ أيام. مع ذلك، يمضي في إتجاه إمتصاص كل الصدمات السلبية عبر تفعيل أدوار اللجان المشتركة بين الجانبين.

هنا، ما زالت المسألة محصورة تحت هذا السقف من التواصل، والكلام عن لقاء جمع ما بين السيد حسن نصرالله والنائب جبران باسيل لإنهاء ذيول الاشتباك والاتفاق على "إطار" يسيران به نحو التكليف ثم التأليف ما زال خارج منطق التأكيد بدليل عدم توافر المعلومات لدى المقربين من قيادة الحزب.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة