"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح
مغلوب على أمرهم الزملاء في جريدة البناء العزيزة. لقد اتخذ منهم رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي السابق والنائب الحالي أسعد حردان دروعاً بشرية في خدمة مشروع لا ناقة لهم فيه ولا جمل!
لقد حوّل حردان مكاتب "البناء" الكائنة في شارع الحمرا إلى مقرّ حزبي رديف للمقرّ المركزي في الروشة نتيجة افتعال رئيس الحزب السابق لخلاف مع القيادة المنتخبة قبل أسابيع قليلة.
الخلاف أساسه رفض حردان الذي اعتبر فائزاً بنكهة الخسارة بعد حلوله في ذيل الترتيب، الاعتراف بنتائج إنتخابات. مصادر قومية أخرى تقول لـ"ليبانون ديبايت" أن "أصل الخلاف هو إنقلاب الفائزين في الانتخابات على حردان، بعد أن شكّلوا وعلى مرِّ التاريخ فريقاً واحداً معه". بناءً عليه، قرّر حردان التمرّد على قرار الجهة المنتخبة في الحزب وإعتبارها غير موجودة أو ذات صفة دستورية، ماضياً في ممارسة مهامه في السلطة. يحدث ذلك تحت أنظار زملاء صحافيين وقوميين إجتماعيين باتوا لا حول لهم ولا قوة في ظل طغيان "المنطق السلطوي" لدى حردان ورفاقه.
درّة تاج التمرّد كان في إختيار مقرّ حزبي رديف أوحى حردان من خلاله أنه ما زال ممسكاً بزمام الأمور. من هنا يستعين بمجموعة قياديين كانوا اعضاءً في المجلس الأعلى السابق بعد أن دعاه إبقاء اجتماعاته مفتوحة رغم أنه بنظر "الفريق الآخر"، بات بحكم المنحل نتيجة إجراء الانتخابات التي انبثقت عنها قيادة جديدة!
"إنشقاق صريح وواضح لا لبس فيه وخروج عن العقيدة"، هكذا تصف مصادر قومية تصرّف حردان. أكثر من ذلك، ثمّة من بين القوميين من يتّهم رئيسه السابق بـ"إغتصاب السلطة وتجييرها لمصلحته". مبعث هذا الاتهام إقدام حردان على التصرف بولايته النيابية المستمدة عن الوكالة الممنوحة له من قبل قوميين غالباً من دون الرجوع إلى قيادة الحزب الحالية "التي شارك في تكوينها"، والمخولة إستخدام صلاحيتها في التمثيل النيابي، عبر تجاهل توجيهاتها السياسية والمضي قدماً في إعتماد تشخيص سياسي فردي.
حدث ذلك في قضية تسمية رئيس تيار المستقبل سعد الحريري لتشكيل الحكومة، إذ تجاهل حردان توجيهات "الروشة" الرسمية بالعدول عن التسمية "التي جاءت بطلب سياسي من خارج الحزب القومي". الاسوأ من ذلك كله، أن حردان تعاطى مع المؤسسة المنتخبة والتي كان في السباق أحد الدعاة إلى إنتخابها، على أساس أنها غير موجودة ثم تعاطى مع المؤسسة الرديفة على اساس انها القائمة دستورياً ما أتاح وضع يده على مؤسسات حزبية كمجلس العمد، الذي وللمرة الأولى ربما في تاريخ الحزب، يصدر عن عمدة الاذاعة بيان حزبي مخالف لتوجيهات رئاسة الحزب! ما أعدّ خروجاً كاملاً عن "النظام والقيم الحزبية" هكذا تصف المشهد مصادر قومية "تقف في خانة وسطية".
عملياً، تُعبر تلك الأوساط عن لسان حال "القوميين الاصحاح" كما تقول. في الأصل، تعتبر أن الخلاف الناشب حالياً، يدور بين أعضاء في كتلة واحدة تفرقوا نتيجة انقلابات دارت فيما بينهم ولغايات شخصية.
في الأصل، بحسب قراءة هذه المصادر، بدأت الازمة في الخلل الذي نشأ عن تأجيل انعقاد المؤتمر العام وتقريب إنعقاد المجلس القومي لانتخاب مجلس أعلى "تحت ذريعة التباعد الاجتماعي الناتج عن تفشي وباء كورونا" في مخالفة دستورية واضحة. يضاف إليها أن الأعضاء الذين حضروا "المؤتمر" الذي انبثقت عنه القيادة الجديدة في إنتخابات الشوير لم يتجاوزوا الـ500 من اصل اكثر من 1000 عضو تمت دعوتهم، ما يعني أنهم لم يؤمنوا النصاب. نظرياً، تُعد الانتخابات باطلة. مع ذلك، تؤكد ذات المصادر أنها "ستتعاطى مع القيادة الحالية على أنها سلطة أمر واقع".
رؤية تلك المصادر أن أي "حل لأزمة القومي يجب أن يكون دستورياً". الكلام يستبطن إنتقاداً لطريقة إنبثاق السلطة الجديدة مصدر الخلاف، وتكشف عن اجتماع سيعقد اليوم لقياديين قوميين في بلدة النبي عثمان للبحث عن حل "مستدام ونهائي" لأزمة الحزب القومي، يقود في البداية إلى إعادة الاعتبار للدستور، فما جرى في الانتخابات الاخيرة "لا يُعتد به" لكونه لا ينسجم وطبيعة المادة 17 من دستور الحزب، وما نشأ من ردود فعل إعتراضية على الانتخابات والسلطة التي انبثقت عنها "غير دستوري بل غير سوي إطلاقاً".
الحل بالنسبة إلى المصادر يكمن في اعتماد المبادرة التي ستطرح بنودها في إجتماع النبي عثمان، وتقوم على إتاحة الفرصة لانعقاد المؤتمر العام في 4 أيار المقبل كما كان مقرراً ولمدة 3 أيام كما ينص الدستور، برئاسة رئيس الحزب السابق حنا الناشف بصفته رئيساً منتخباً للمؤتمر عند إنتخابه عام 2016، على أن يعتبر مؤتمر تأسيسي – إنقاذي تخرج عنه توصيات وتعديلات دستورية تؤسس لتحضير الفروع الحزبية للمؤتمر القومي الذي يتولى إنتخاب "المجلس الاعلى" وبالتالي قيادة حزب جديدة.
في الطريق إلى ذلك، يسود التخوّف لدى قوميين من العودة إلى "أزمنة الانشقاقات" الدموية التي طبعت مسيرة الحزب السوري القومي الاجتماعي، لا سيما تلك التي قسّمت الحزب في ثمانينات القرن الماضي بين "طوارئ" و "مجلس أعلى"، كما يحصل اليوم تماماً، والتي ذرف القوميون على طريقها دماءً بريئة. للمفارقة، أن حردان الذي كان سبباً في شق الحزب يومها يُعيد الكرّة اليوم.
السيناريو الأسوأ الذي يخشاه القوميون هو حصول اقتتال فيما بينهم نتيجة وجود مجموعة تتبنى وجهة نظر حردان، إنطلاقاً من توصيفه إعتبار "مركز الحزب في الروشة محتلاً".
تصبح الخشية من إحتمال تبني خيارات من أجل تحريره أو إعتماد الجهة الحزبية المنتخبة خيارات لتحرير "مؤسسات حزبية" يحتلها حردان، واردة، وفي الذاكرة مشهدية حديثة حين ادّى الاختلاف بوجهات النظر بين قياديين "بعثيين" قبل اعوام قليلة إلى إقدام مجموعة منهم على إحتلال مركز الحزب في الكولا بقوة السلاح!
حتى الساعة، يُعتبر الخلاف محصوراً في تبادل الاتهامات والاختلاف بوجهات النظر، وسط دخول العديد من الوسطاء على خط تأمين مخرج للنزاع الدائر. معلومات "ليبانون ديبايت" تؤكد تواصل جهات قومية مع حزب الله للتوسط في تأمين مخرج، بالاضافة إلى تواصل آخر حصل مع السفارة السورية علّ يكون لها دور في إقناع حردان المصنّف كحليف لها للخروج من الساحة!
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News