المحلية

الثلاثاء 03 تشرين الثاني 2020 - 02:00

نَهج الهَبج

نَهج الهَبج

"ليبانون ديبايت" - روني ألفا

يُفتَرَض أن يشعِرَنا عيدُ جميعِ القديسين بفائضٍ من القوة. بشيءٍ من الرجاء في زمنِ اليأس. أن يجتمعَ القديسون كلّهم في يومٍ واحد يجعلُ من شفاعتهم أفعَل وأقوى وأسرَع. أن نتضرّعَ لهم بحرارةِ المؤمن ونتوسّلَ لهم بحرقَةِ الخائبِ التائبِ هو بالتحديد ما يجب أن نفعلَه بهذا العيد المبارك. أن يتعاونوا، السلام على أسمائهم ، لإزالةِ بلاطةٍ ثقيلةٍ عن صدورنا هي الطبقةُ السياسيةُ في لبنان. نتعهدُ في العيدِ المتزامن، عيدُ تذكارِ الموتى أن نذكرَ هذه الطبقة بالخير ونضعَ وردةً بيضاءَ على غطاءِ مدفنها. وسيلتُنا المهذبةُ للتأكدِ أنها مدفونةٌ تحت طبقةٍ سميكةٍ من الإسمنت من دون أي احتمالٍ بعودتها من عالمِ الأموات الى عالمِ الأحياء.

من حيثُ أَثِمَ شَنَقوه. يعني عَودٌ على بدء. سنةٌ من عمرِ اللبنانيين انضمت الى ثلاثينَ أخرى تعاقبتِ السلطةُ خلالها على قتلنا بزرنيخِ الفساد.كان تجدّدُها أكثر دقة من شروق الشمس. أكثر دقة من مواقيتِ غروبها. الوجوه نفسُها أشرقت على أيامنا وصباحاتنا. تتكرّرُ مثل تكّاتِ ساعة الحائط. نهجُ الفساد نفسُه أحرقنا. نهجُ الإسراءِ إلى الإثراء والمعراجِ على أبراجِ العاج. نهج الهَبج. ثم ماذا تغيّر من تشرين الثوار الى تشرين الثيران سوى تمزيق المَصارين؟ تَشرَنوا الوطنَ ولم يُبقوا فيه شلحاً أخضر. من الطرّة الى النقشة عملة واحدة . اذكر يا لبنان انك من الطرةّ والى النقشة تعود. سلطةُ الفرنك المقدوح. طغمةٌ تتناسلُ أبّاً عن جدّ. لا استحوا ولا ماتوا. ١٨ أو ٢٠ وزيراً في مقابل أكثر من ٣٠٠ جثمان في انفجار المرفأ. يعني كلُّ وزير يحمل وزرَ ١٥ شهيداً على الأقل اذا وزَعنا الموتى على المقاعد الوزارية. هذا دون إضافة الجرحى والمهجرين من بيوتهم. وزراءٌ سيتربّعون على كراسي تفوحُ دماً وعِظاماً وأشلاء. مداورةٌ أم لا مداورة. هل بهذه المسألة تُرمَى الورود على أضرحة الشهداء؟

التوافقُ فوراً على حكومةٍ يسمّي وزراءها الجيش. مؤسسةٌ تحمل دماً طاهراً على الأقل. مؤسسةٌ تعيشُ على الوجبة الناشفة والدمِ المبلول بالشهادة الصامتة. تحمّلتْ وساخةَ الطبقةِ السياسية وظلت نظيفة. المخرجُ الدستوري مُتاحٌ اذا تواضعت الطبقةُ الملوثة. أيهما أصعب على عفّة الدستور، التمديد لرؤساء الجمهورية أم إيجاد فتوى تعطي الجيش فرصة إنقاذ البلد؟ لماذا لا يوجد " لمرة واحدة وأخيرة" تعدّل الدستور من أجل الإنقاذ؟ على الأقل سيكون لدينا مُحاورٌ ذو مصداقية مع المجتمع الدولي. سيكون هذا الإنجازُ إنجازاً حقيقياً لعهد الرئيس. أن يتولى الجيشُ اختيارَ الأنسبِ من كل طائفة. رئيس حكومة ميثاقي لا بأس أن يكون أياً كان بمن فيهم الرئيس المكلّف على أن تودعَ الحقائبُ في أيدٍ أمينة. الجيشُ ملاذنا الوطني الأخير قبل الرمقِ الأخير.

على هذا النحو يمكنُ أن نخرجَ من عقدةِ تسميةِ الوزراء من التيارات السياسية. وزراءٌ على هذه الشاكلة سيكونون شرّابةَ خِرجِ الأحزاب. حكومَةٌ ببنودٍ مختصرة: إصلاحٌ فوريٌ لقطاعِ الكهرباء. إعادةُ إعمارِ العاصمة. التدقيقُ المالي. استجلابُ القروضِ والهباتِ من المجتمع الدولي. ستةُ أشهرٍ بعد هذه الخطوة سيتلمسُ اللبنانيون أن لبنانهم عادَ الى نفسه بلداً غنياً مبدعاً وقادراً على النهوض. الفينيقُ يبحثُ عن قبضةِ الجيشِ ولفترةٍ انتقاليةٍ وإلا فبلدُنا سيكونُ مفتوحاً على فوضى معمَّمة. دولُ القرار سألتْ عن الحلِّ المستندِ على المؤسسةِ العسكرية. يبقى أن تتحلى السلطةُ المتحللة بهمّةِ البحثِ عن المخرجِ الدستوري لتمكينِ الجيش من تحمُّلِ هذه المسؤوليةِ التاريخية.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة