"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح
البيانات المتطايرة بين بيت الوسط وميرنا الشالوحي جعلت من مسار تأليف الحكومة حالة أشبه بـ"منخل"، كتلة تعمّها الثقوب من كافة الاتجاهات، والكلّ على ما يبدو استقال من واجب هذا الميت المسمى "صيغة حكومية"، مغبة أن لا تُرمى أثقال الدفن على "عشيرة" سياسية واحدة.
ما كان ينقص "الدفة السياسية" سوى الرقص على حافة متداعية اصلاً. نغلق العام الراهن ولا حكومة في الأفق، ونفتتح العام الجديد ونكاد نقول أن لا حكومة مرصودة في الافق ايضاً، وسيعمّ الغياب ويطول وربما تصل الخواتيم إلى الربيع وما بعده، وربما إلى الصيف حتى موعد الاستحقاق الايراني ما دام أن شيمة أهل السياسة ربط الاستحقاقات الرئاسية الدولية بالاستحقاقات اللبنانية.
وغداً، يطرق السباق الرئاسي اللبناني الابواب، وعلى الأرجح لن يفرق كثيراً عن وضعنا الحالي، شأنه بذلك شأن الحكومة، محكومٌ بعدة عوامل وظروف لا تبدو سهلة، لذلك يتم رسم الحكومة الحالية منذ الآن إستناداً إلى معايير عام 2022 لا 2020 وما يليه ما لا يُبشّر بالخير إطلاقاً.
والبركة بالفرنسيين. هؤلاء الذين يحلّ رئيسهم ضيفاً إستثنائياً للمرة الثالثة في غضون 4 أشهر، يبدو انه استقال هو الآخر من "الموجبات اللبنانية". فقراءة طالع الزيارة لا تؤشّر إلى إحتمال ولو ضئيل لوجود "آلية تطبيق" جديدة للمبادرة الفرنسية، ولو تحت مسمى "المبادرة الاوروبية"، بعدما انتقلت رعاية المريض اللبناني إلى دار "عجزة" يتألف مجلس إدارته من رباعي أوروبي، إذ لا معطيات واضحة تشير إلى قيام الجانب الفرنسي بأي وساطة جديدة بين الفرقاء اللبنانيين، ما يعني أن زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى لبنان بعد أيام ستكون عبارة عن "رعاية المصالح الفرنسية في الجنوب وعلى رأسها الكتيبة الفرنسية ضمن عداد قوات اليونيفيل فقط، ولن يحمل معه "بير نويل" الفرنسي أي هدايا للطفل اللبناني المدلل".
وفق هذا المنطق تقوم السياسة الفرنسية الآن. لقد استنزف اللبنانيون الفرنسيين ما استنفزوا إلى مستوى لم يعد لدى الجانب الفرنسي أي اندفاعة صوب تطعيم المبادرة بخطوات إجرائية من أي نوع كانت. والرسالة التي صبّت في الجعبة اللبنانية لا تقل سخونةً عما ذكر، خلاصتها أن "اللبنانيين يعرفون الطريق إلى إنقاذ أنفسهم من المأزق السياسي والاقتصادي.
المسار مبني على خطة الطريق التي اتفق عليها بحضور الجميع في قصر الصنوبر، ثم ما استتبع بعد ذلك بضمّه على شكل بنود إلى المبادرة الفرنسية، وهي البنود المعروفة: "تأليف حكومة وقيادة عملية الاصلاح"، وفي الطريق إلى ذلك، من واجب اللبنانيين البحث عن السبل الكفيلة بتحقيق الهدف، لا الفرنسيين الذين اكتفوا برسم خطوط الطول والعرض.
حكومياً، أي المدماك الأول من المبادرة "المتهالكة"، عادَ الغرق ليغلق على المسار. منذ أن "نَزل" الرئيس المكلف سعد الحريري من قصر بعبدا والوجوم يعم مسار التأليف، وما زاده، إفتتاح قضية "حرب صلاحيات وتمثيل" عند قارعة القضاء. بإختصار، الرئيس سعد الحريري قرّر "حجر نفسه" في بيت الوسط منتظراً رد رئيس الجمهورية ميشال عون على الصيغة التي رفعها.
معلومات "ليبانون ديبايت" حتى الآن تشير أن الرئيس لم يضع بعد ملاحظاته على التشكيلة الحريرية التي تسلّمها بملف أبيض قبل نحو أسبوع ليصار إلى إبلاغها للرئيس المكلف، سواء مباشرة أو من خلال قنوات أخرى. وعلى ما يبدو، ان الرئيس بدوره، ينتظر من الحريري رداً على "التصور البديل" الذي وضعه عون في عهدة الحريري. الملفت في الموضوع، ان الحريري يتعامل مع تلك الصيغة "بتطنيش" وكأنها غير موجودة. وفي المعلومات، أن الرئيس المكلف "غير معني بتلك الصيغة، وقد اطلع عليها على سبيل إكتساب المعرفة فقط، وهو غير ملزم بتطبيقها أو مراعاة بنودها، لكونها تتعارض مع فقرات الدستور ذات الصلة، على اعتبار أن مهمة رئيس الجمهورية الاطلاع على تشكيلة يقدّمها الرئيس المكلف وليس العكس".
بحسب معلومات "ليبانون ديبايت"، يقوم إعتراض رئاسة الجمهورية على ما تسميه "خللاً في ميزان المعايير"، وهو مصطلح يبدو انه أنشأ حديثاً ومصدره بنات أفكار "فريق عمل الرئيس" ويختلف عن "وحدة المعايير" التي يُنادي بها التيار الوطني الحر، أوجدَ للدلالة على أن الرئيس المكلف زرعَ خللاً في ما له صلة بمقاربة التمثيل العددي بين الرئاستين الاولى والثالثة. فالحريري، خصّ نفسه بـ 4 مقاعد وزارية تشكّل حصته كرئيس للحكومة مع أنه لحظَ عدم تمثيل تياره السياسي على إعتبار أنه يؤلّف حكومة اختصاصيين مستقلين(!).
اقتسمَ الحصّة السنية ولو بنسبة "مجهرية" مع زميله رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي الذي ترك له مقعداً. في المقابل، إكتفى بترك 3 مقاعد إلى رئاسة الجمهورية ومقعدَين للتيار الوطني الحرّ وآخر للطاشناق لتؤلّف جميعها المقاعد الـ 6 حصّة الفريق المسيحي.
اعتبرت الرئاسة أن الحريري حادَ عن الوضعية الرئاسية، فكان يجدر به مساواة رئاسة الجمهورية من حيث المعايير العددية. بالاضافة إلى ذلك، نشأت قاعدة إعتراض جديدة بناءً على وضعية تمثيل التيار الوطني الحرّ الذي خصّ بمقعدَين فقط رغم أنه يمثّل الكتلة الأكبر في البرلمان، وطنياً ومسيحياً، وبالتالي لا تجوز مقارنته بالافرقاء المسيحيين الآخرين الذين يصغرونه بمقعد وزاري فقط!
هذا الخلل في التركيبة، من وجهة نظر "الفريق العوني"، يقود إلى تفخيخ "تشكيلة الحريري" بزنّار من نار. الحل بالنسبة إليهم، لا بدّ أن يكون عبر إجراء عملية توسعة على التشكيلة بدرجة محددة بما يكفل "هضم" العقد وإعادة الاعتبار إلى التمثيل والحضور، وهذا يعني عملياً العودة إلى تزكية تشكيلة من 20 مقعداً.لياً العودة إلى تزكية تشكيلة من 20 مقعداً.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News