"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح
مَن شاهد ردّة فعل الوزير السابق سجعان قزّي على سؤال إحدى المذيعات الموجّه لرئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري على منبر بكركي، وكيفية فرار الأخير من السؤال والوجوم يعمّ وجنتيه، والسعادة التي انتابت "السجعان" وارتسمت على وجهه، يُدرك أن للحريري "محبّين" إينما حلّ ضيفاً، وكم من الحب ما قتل!
والحب اللبناني يقتل صاحبه عادةً. أشدّ مثال على ذلك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي ما جنى له حبه للبنان سوى المتاعب. أكاد أشفق على الرجل. حين قرّر زيارة لبنان على بركة الاحتفال بمئوية تأسيسه بمساهمة فرنسية، حدث أن إنفجر عنبر النترات في "مرفأ الموت"، فبدّل ماكرون من تكتيكاته، من زيارة إحتفالية إلى زيارة تعزية واكبها بإحتفالية صامتة في زيارة ثانية استلادَ من رحمها مبادرة، والآن، وحين عقد العزم على زيارة بيروت على ما يقول أنها لزيارة قواته العاملة ضمن اليونيفيل في الجنوب علماً أن اسسها لا تحد عن متابعة مبادرته السياسية/الاقتصادية، ابتلاه رب العالمين بوباء كورونا، رغم أن ما مرّ على فرنسا كورونياً قد مرّ وانتهى الموضوع!
وهكذا، انتهت مفاعيل زيارة ماكرون قبل أن تبدأ. طارت الزيارة يقول مرجع سياسي لـ"ليبانون ديبايت" كما طارت مفاعيل تأليف الحكومة بالضبط، ومدى طيرانها وحدود ومسافة إستمرارية لا يُمكن الجزم فيها ومرتبطين بتقدير أوضاع الإدارة الفرنسية المنهمكة برئيسها.
والمرجع يكاد يقول في سرّه أن ثمة "قدرة عظيمة مخفية تتخفى وراء الطبقة اللبنانية" بدليل أن "مرض ماكرون" المفاجئ وغير المخطط له، يعطي عملياً "الشلة السياسية اللبنانية" فترة سماح إضافية لتأليف حكومة وترتيب الوضع الداخلي، وإذ كانت عوامل زيارة ماكرون الحالية غير مكتملة، فقد تكتمل لاحقاً، وهو تعويل فرنسي جديد لعهود الساسة اللبنانيين!
ثمة من على ضفة الخبثاء، من يدّعي "تزوير مرض ماكرون"، وهذا البعض كأنه يصبو إلى القول أن الرئيس الفرنسي يُريد أن يرتاح من الهم اللبناني فلجأ إلى المرض. وعلى الرغم من عدم واقعية الفرضية، لا بد ان هناك من يصدقها، بعد كل ما صادفه ماكرون.
حتى الآن، كافة عوامل تأليف الحكومة ما زالت مجمّدة. ما ذكره "ليبانون ديبايت" بالأمس عن اتصالات وتواصل فرنسي مع مرجعيات مغبة تسيير الاعمال السياسية لم يؤتِ ثماره بشهادة أكثر من مرجع، بل أن الوضع الراهن حمل الى اللبنانيين اقتراح تسوية أوضاعهم بأيديهم، لذا نشهد الآن على جولات تسوية أوضاع "طيارة" بين مرجع وآخر، يتولى قسم منها اللواء عباس إبراهيم الذي أوفده رئيس الجمهورية ميشال عون إلى عين التينة على نية تسوية الأوضاع مع رئيس مجلس النواب نبيه بري. وفي المعلومات أن إبراهيم حمل رسالة من عون إلى بري تنفي صحة ما نسب إلى عون أمام وفد مجلس القضاء الاعلى، إضافة إلى تسوية أمور أخرى لا بد أن الايام المقبلة ستكشف عنها.
وعلى العكس من فعلة "عون"، عمل الحريري على الوشاية برئيسه إلى المرجعية الدينية المسيحية الاولى في الجمهورية، فحضر بكركي على نية عرض ما دار بينه وبين رئيس الجمهورية في الجلسة رقم 12 أمام البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، أو عملياً، شكى عون إلى الراعي في محاولة منه لإيجاد "منفذ حكومي" في بكركي قاصداً بذلك البحث عن منفذ في بعبدا.
وجلسة المكاشفة أمام الراعي، تقول مصادر أنها حملت في طياتها، تبرئة حريرية حيال وجود أدوار طائفية "مزعزعة للاستقرار" سواء في ما له صلة بمسألة تأليف الحكومة أو تقديمه الدعم إلى حكومة حسان دياب، رابطاً حركته السياسية مؤخراً ضمن إطار "الحقوق والصلاحيات الدستورية، وليس كرد فعل على أي طائفة".
حركة الحريري تنفيها جملة وقائع. ففي الأساس، مشكلته مع رئيس الجمهورية تقوم على إحتكار الحريري تسمية الوزراء المسيحيين حيث يعتبر الرئيس أن له الحق في تسمية أكبر كتلة نيابية مسيحية. صحيح أن تبرير الحريري يقوم على أنه يؤلف حكومة إختصاصيين، لكن التعمّق في الخيارات والمعايير التي طرحها للتوزير تختلف عما يفرضه على رئيس الجمهورية، وهذا يعرفه الراعي حق المعرفة ولا بد أنه قد افصح عنه خلال اللقاء مع الحريري.
مع ذلك، لا يمكن لكل الدورة التي دارت خلال الايام الماضية ان تحمل معها معطيات إضافية وإيجابية تفضي إلى الكشف عن موعد تأليف الحكومة. حتى وقت كتابة هذه الأسطر، فإن التشكيلة الحكومية واقعة في غياهب النسيان ولا عاملاً واحداً وواضحاً يوحي بإمكان إبصارها النور في المدى المنظور، ربطاً بالتطورات الحاصلة سواء في الداخل أو على مستوى الإقليم.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News