عندما أجبرت طائرة ركاب تابعة لشركة "راين إير" على الهبوط في العاصمة البيلاروسية، مينسك، بدلا من عاصمة ليتوانيا، فيلنيوس، أدرك الصحفي البيلاروسي المعارض، رومان بروتاسيفيتش، أن تحويل مسار الرحلة كان بسببه.
تولى بروتاسيفيتش سابقا رئاسة تحرير شبكة "نكستا" الإعلامية التي لعبت دورا رئيسيا في موجة الاحتجاجات الأخيرة ضد إعادة انتخاب الرئيس البيلاروسي، أليكسندر لوكاشينكو، الذي يشغل منصبه، منذ عام 1994.
الطائرة التي كان على متنها بروتاسيفيتش كانت في رحلة من العاصمة اليونانية أثينا، لكن عندما دخلت المجال الجوي لبيلاروسيا، بدأ بعض الأشخاص التي قالت شبكة "نكستا" بعد ذلك إنهم من الاستخبارات البيلاروسية شجارا مع طاقم الطائرة زاعمين وجود قنبلة في الطائرة.
وبعد أن بدأ الشجار والزعم بوجود قنبلة، "دخل بروتاسيفيتش في حالة من الذعر، والتفت إلى الناس وقال إنه يواجه عقوبة الإعدام وإن ما يحدث بسببه"، بحسب ما قالت مونيكا سيمكين، الليتوانية البالغة من العمر 40 عاما، لوكالة فرانس برس بعد أن هبطت الطائرة أخيرا في فيلنيوس في ليتوانيا.
لكن بعد هبوط الطائرة اضطراريا، وإعلان السلطات دخول الركاب إلى منطقة التدقيق الأمني "بدا بروتاسيفيتش هادئا للغاية"، بعد أن أدرك أنه على وشك الاعتقال بعد هبوط الطائرة، بحسب الراكبة.
وقال راكب آخر، يدعى مانتاس، إن بروتاسيفيتش كان "متوترا في البداية، ولكن لاحقا عندما أدرك أنه لا يستطيع تغيير أي شيء، هدأ ووافق على ذلك".
وقال إدفيناس ديمسا (37 عاما) إنه "لم يكن يصرخ، لكن كان من الواضح أنه كان خائفا للغاية، مضيفا أن الأمر "بدا وأنه كما لو كانت النافذة مفتوحة لكان قد قفز منها".
وووفقا للرئاسة البيلاروسية، فإن الرئيس لوكاشينكو أمر شخصيا مقاتلة، من طراز ميغ 29، باعتراض طائرة الركاب إثر ورود التحذير بوجود قنبلة على متنها.
وأثار الحادث غضبا دوليا، وهدد الاتحاد الأوروبي بفرض مزيد من العقوبات على بيلاروسيا، والتي اهتزت بسبب احتجاجات حاشدة غير مسبوقة منذ الانتخابات المتنازع عليها، العام الماضي.
ترأس بروتاسيفيتش (26 عاما)، سابقا تحرير شبكة "نكستا" الإعلامية، ومقرها بولندا. وكانت "نكستا لايف" ونظيرتها محطة "نكستا" من الأصوات البارزة للمعارضة في بيلاروسيا، وساعدتا في تعبئة المحتجين خلال التظاهرات التي هزّت الدولة السوفيتية السابقة، العام الماضي، إثر انتخابات مثيرة للجدل.
وطالب المحتجون باستقالة لوكاشنكو الذي يحكم البلاد منذ أكثر من عقدين، وفي آب الماضي، حقق فوزا كبيرا في انتخابات اعتبرتها المعارضة مزورة.
وضمت الحركة عشرات آلاف تظاهروا عدة مرات في شوارع مينسك ومدن أخرى، قبل أن تتراجع تدريجا بسبب القمع المتزايد الذي مارسته السلطات. وتم سجن معظم شخصيات المعارضة أو أرغموا على الرحيل إلى المنفى.
تأسست "نكستا"، ومقرها بولندا، في عام 2015، وتعتمد على تطبيق "تليغرام" ولديها أكثر من مليون مشترك.
وأظهرت الفيديوهات التي بثتها القناة مدى قمع الشرطة للمتظاهرين، وهي لقطات تم استخدامها على نطاق واسع من قبل وسائل الإعلام الدولية، في وقت كانت السلطات البيلاروسية مترددة في السماح لوسائل الإعلام الأجنبية بالدخول.
وفي نوفمبر الماضي، نشر بروتاسيفيتش، على موقع "تويتر" نسخة من قائمة بيلاروسية الرسمية للإرهابيين التي ظهر اسمه فيها، بالإضافة إلى مؤسس شبكة "نكستا"، ستيبان بوتيلو.
وأضيف المدونان لقائمة "الأفراد الضالعين في أنشطة إرهابية"، بناء على اتهامات سابقة بالتسبب في اضطرابات، وهي تهمة يمكن أن تصل عقوبتها إلى السجن 15 عاما.
وهما يواجهان أيضا اتهامات بالتحريض على الكراهية ضد الحكومة ومسؤولي قوات إنفاذ القانون، كما أضيفا للائحة الدولية للمطلوبين في بيلاروسيا وروسيا، الحليف القوي لنظام لوكاشنكو.
وفر بروتاسيفيتش من بيلاروسيا إلى بولندا، في عام 2019 بسبب ضغوط من السلطات، وكتب على تويتر أنه نقل والديه إلى بولندا أيضا بعد أن وُضعا تحت المراقبة.
وانتقل لاحقا إلى فيلنيوس، عاصمة ليتوانيا، حيث تتمركز أيضا زعيمة المعارضة، سفياتلانا تسيخانوسكايا.
ويشغل بروتاسيفيتش حاليا منصب رئيس تحرير منصة سياسية على تطبيق "تليغرام" باسم "عقل بيلاروسيا" والتي تضم حوالي ربع مليون مشترك.
وكان في طريق عودته إلى فيلنيوس من اليونان حيث أمضى بعض الوقت في التقاط صور لزيارة زعيمة المعارضة هناك، ونشر الصور على وسائل التواصل الاجتماعي قبل العودة.
وسرعان ما دانت تيخانوفسكايا اللاجئة في ليتوانيا اعتقال الناشط، وأكدت عبر "تويتر" أن رومان بروتاسيفيتش يواجه "عقوبة الإعدام".
ووصف وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الأحد، ما قامت بيه مينسك بأنه "مروع"، مشيرا إلى أنه عرض للخطر حياة أكثر من 120 راكبا، بينهم مواطنون أميركيون.
وقال الوزير في بيان إن الولايات المتحدة "تدين بشدة التحويل القسري لمسار طائرة بين دولتين عضوين في الاتحاد الأوروبي، وما تلاه من إخراج ثم اعتقال الصحفي رومان بروتاسيفيتش في مينسك"، مطالبا بالإفراج الفوري عنه.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News