مريم مجدولين اللحام - التحري
ما حدث اليوم من قصف اعترف به تنظيم حزب الله المُسلّح رسمياً ونسبه لنفسه "بكل اعتزاز" ما هو الا تصعيد ايرانيّ بحت ضمن الأحداث الاقليمية الأخيرة وتحديداً حادثة تفجير ناقلة نفط فارغة في خليج عمان تشغلها شركة إسرائيلية منذ أيام. وهو تصعيد محسوب لإيران ومطاردة مدروسة، لا بل توتر مطلوب لصالح الأوراق التفاوضية الإيرانية حيث لا يُحسب أي حساب للدولة اللبنانية ويتم التعامل معها ككيان محتل، تحت إمرة أمين عام حزب الله ومعطيات آمره الإقليمية.
وهنا لابد من الإشارة إلى أنه وعلى الرغم من حجم هذا الاستفزاز الإيراني بأياد لبنانية عميلة له، فإن النظام الإيراني ليس في طريقه إلى الحرب الضروس مع اسرائيل، كما أنه مستعد لتلقي الرد على الفعل على الأراضي اللبنانية أو ما يُعتبر أنه "خاصرة الشرق الأوسط الضعيفة" بعكس سوريا حيث الوجود الروسي.
يكاد ينعدم في ما حصل منذ ساعات من ضرب ورد، أي معيار إلا المعيار التفاوضي الإيراني. لا وجود لا للبنان كبلد حر سيد مستقل ولا لمصلحته في زمن الإنهيار الاقتصادي ولا حتى لفرضية "المقاومة" أو "التحرير". وحتى الآن، لا تزال ايران تتبع قواعد الإدارة العقلانية للصراع. وبينما بدأت إيران في انتهاك وزعزعة الأمن عبر فصائلها المسلّحة في لبنان، هي بنفس الوقت تلوي ذراع بايدن لصالح الاتفاق النووي، فإنها لم تدر ظهرها للمعاهدة المنشودة بالكامل. فكان استهداف ناقلة النفط الإسرائيلية منذ أيام، وضرب مواقع اسرائيلية من لبنان اليوم كمجرد خطوة تدريجية لكسر التعنت الأميركي لبايدن وجره إلى طاولة المفاوضات.
وفيما بات قرار الحرب والسلم في لبنان بيد الولي الفقيه رسمياً، ووزارة الدفاع اللبنانية صارت "صُورية" بشكل كامل... تهدف استراتيجية طهران المتمثلة في تصعيد الصراع بحذر إلى خلق مساحة للتنفس. بالمحصلة، ايران لا تتطلع إلى إشعال حرب ايرانية-اسرائيلية ولا لبنانية-اسرائيلية، لأنها على المدى الطويل، تتطلع القيادة الإيرانية إلى نسخ النموذج الكوري الشمالي أو ما يُسمى بنموذج "الشطرنج" أو "كش ملك" بحيث تأمل طهران من هذه التصرفات أن تجر أميركا ألى طاولة الحوار وتجر أوروبا إلى السعي إلى حل دبلوماسي وإبطاء توجهم لفرض عقوبات إضافية على عملائها سواء في لبنان أو في أي بلد آخر من البلاد العربية الأربع التي تتحكم بها سلاحاً.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News